نظرة تأملية في قصيدة “تراتيل سماوية” للشاعرة الجزائرية / سحر القوافي.

تراتيل سماوية
=========
للشاعرة الجزائرية/ سحر القوافي
________________
تراتيل حروفك كأس نبيذي
أشعلت بركاني..
زلزلت كياني..
ونفثت سحرها
في وريدي وشرياني
تراتيل حروفك يا سيدي..
فتح جديد
وعهد جديد..
وعزف فريد..
وحلم تليد..
تراتيل حروفك يا سيدي
تواشيح عيد
تراتيل حروفك الهمجية..
جردتني من وعيي..
وهيجت جنوني..
أعاثت بروحي فوضى..
وبخاصرتي فوضى..
وأذكت حريقا بفؤادي..
فتلاطمت أساوري ونهودي..
تراتيل حروفك السماوية..
أعاثت فوضى بعرف جدودي
كسرت أغلال القبيلة..
وأعادت تلوين الفضيلة..
ووهبت حياة للطفلة القتيلة
تراتيل حروفك عشق تلظى..
تلوح سلسبيلا وظلا ظليلا..
تراتيل حروفك يا سيدي..
بعثرت فصولي..
فأمطرت عشقا..
وترقرقت همسا..
وازهرت شوقا..
واثمرت عناقا وتقبيلا..
فرتلتها الشفاه ترتيلا..
تراتيل حروفك السماوية..
أعاثت في روحي فوضى..
بعثرت أيامي..
بعثرت خواطري..
بعثرت هندامي ومشاعري..
فإلى متى
أظل في سحرها شريدة..
أحتسي منها الشهد والنبيذ..
فتراتيل حروفك ياسيدي..
آيات عشق فريدة
* ********** *

قال الجاحظ: “أحسن الكلام ما كان قليله يغنيك عن كثيره ، ومعناه في ظاهر لفظه”…وقال عامر بن قيس:”الكلمة إذا خرجت من القلب استقرت في القلب ، وإذا خرجت من اللسان لم تتجاوز الآذان .. الشاعرة فى قصيدتها أجادت غزل الكلمات بمنوال من ذهب ، وصاغتها بفكر جرئ فنسجت منها عباءة من حرير بقدح الجنان وشحذ اللسان ..فمست شغاف الفؤاد وانبتت فيه منبت الغيث في التربة الكربمة ..فتأثرت بسحر حروف من تصغي إليه بكل براءة وجراءة حيث إنها غيرت خارطة حياتها وأذكت فيها لهيب العشق وزلزلت فيها عبير الشوق فكانت بمثابة التراتيل تجد فيها العذوبة والسكينة والراحة ، الشاعرة منحتنا بإبداعها عسلا شهيا. وعطرا نديا ..بكلمات واضحة المعنى لاغرابة فيها ولا تعقيد جعلتنا نطوف في بستان الزهر والرياحين نقطف منه أجود الثمار…رسمت الشاعرة لوحة فنية وصورة كلية يحفها اللؤلؤ والدر المنثور مابين عناصر اللون والحركة والصوت واستخدمت بعض الصور التعبيرية الجميلة مثل: “أمطرت عشقا…ترقرقت همسا…أزهرت شوقا ” ، وتنوعت ما بين. التجسيم والتشخيص والتوضيح ، وكانت الألفاظ عميقة كالجواهر النفيسة ولك أن تفسرها كما يحلو لك مثل : “سحر ..عهد..حلم..عشقا..فريدة.. الشهد ” حيث أضفت على القصيدة مزيدا من الروعة والجمال اتسمت القصيدة بالوحدة العضوية حيث الترابط والالتحام بين وحدة الموضوع ووحدة الجو النفسي والعاطفة ، وعزفت أبيات القصيدة بموسيقي عذبة ولحن جميل .
شكرا للشاعرة علي روعة النص وجمال الإبداع..