Share Button

بقلم / محمــــــد الدكــــــرورى
أصبح الظن السيئ فى قلوب معظم الناس الا من رحم ربى وقد كثرت الاقاويل وكثرت الفتن فى هذه الايام وكثر القيل والقال ودائمًا يقعُ بين الناس في عصرنا الحاضر في العالم الإسلامي أمرٌ سيِّئ، وطبيعة غير مُحَبَّبة ينتج عنها آثارٌ كبيرة غير حميدة في التعامُل بين الناس؛ من العداوة والحروب، والكَيل بمكيالين، وشدة البُغض، حتى بين أفراد الأسرة الواحدة، إلاَّ أنَّه سوءُ الظن، وما أدراكَ ما سوء الظنِّ ؟!

لقد نهانا الله – سبحانه وتعالى – عن سوء الظن بإخواننا المسلمين والوقوع فيه؛ قال – تعالى ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ وَلاَ تَجَسَّسُوا ﴾ وجاء عن النبي عليه الصلاة والسلام (إيَّاكم والظنَّ؛ فإنَّ الظنَّ أكذبُ الحديث).

فكثيرًا ما نُسيء الظنَّ بقولنا: إنَّ فلانًا عَمِل كذا لأجْل كذا، أو إنَّه لم يعملْ كذا بسبب كذا، والواجب فيه حُسن الظنِّ، وإيجاد الأعذار له، وهذا الأصْل، ولا نشكُّ في تصرُّفاتهم ونيَّاتهم دون أن تتبيَّن لنا دلائلُ وقرائنُ في الأمر المشكوك به !

ويرجِع سببُ الظن السيِّئ وانتشاره في الأُمَّة الإسلاميَّة إلى وقوع الناس في المعاصي، وعدم أداء الأمانة؛ مما يُوهِم أحدهم بأنَّ الناس مثله في تصرُّفاته وأخلاقه السيِّئة، كذلك البيئة التي يعيشها الإنسان، فقد يكون سوءُ الظنِّ متوارثًا بين أفراد الأسرة الواحدة .

أيضًا معاملة الناس بالحُكم على سرائرهم، وليس على ظاهرهم، وذلك المأمور به شرعًا؛ كما جاء في السُّنة عن النبي – عليه الصلاة والسلام -:(إنَّما أنا بشرٌ، ولعلكم تختصمون إليّ، ولعلَّ بعضَكم أن يكون ألْحَنَ بحُجَّته من بعض، فمن قضيتُ له من حقِّ أخيه شيئًا، فإنَّما أقطعُ له قطعة من النار).

وما جاء في قصة أسامة بن زيد في صحيح مسلم قال: بعَثَنا رسولُ الله – صلى الله عليه وسلم – في سَريَّة، فصبَّحْنا الحُرَقَات من جُهَيْنة، فأدركتُ رجلاً، فقال: لا إله إلا الله، فطعنْتُه، فوقع في نفسي من ذلك، فذكرتُه للنبي – صلى الله عليه وسلم – فقال رسول الله – صلى الله عليه وسلم -: (أقال: لا إله إلا الله، وقتلتَه؟!) قال: قلتُ: يا رسول الله، إنَّما قالها خوفًا من السلاح، قال: (أفلا شققْتَ عن قلبه؛ حتى تعلمَ أقالَها أم لا؟!)، فما زال يُكرِّرها عليّ، حتى تمنَّيتُ أني أسلمتُ يومئذٍ ..

وإنَّ الإنسان الذي يُبْغِض إنسانًا آخرَ لِهَوًى في نفسه، من غير سوءِ أخلاق الإنسان الآخر، أو منكر ظاهر، فإنَّه يتصيَّد له الأخطاء والعَثرات، ويتأوَّل عليه كلَّ صغيرة وكبيرة بظنِّ السوء وعدمُ نسيان الإنسان زلاَّتِ إخوانه القديمة في حقِّه كفيلة أيضًا بسوء الظنِّ بهم …

ولتَجَنُّب كلِّ هذه الأمور لا بُدَّ من أن ندفَعَ هذه الأسباب؛ حتى لا نندمَ ونتأسَّفَ حين الوقوع في سوء الظنِّ، وحصول العواقب الوخيمة؛ جرَّاء ذلك الظنِّ من العَداوات والتباغُض، وقَطْع الأرحام، وننسى ما فعلَه الأصدقاء والأقارب من تصرُّفات قديمة ضايَقَتْنا في ذلك الوقت، واحتساب الأجر والمثُوبَة في العفو، والتجاوز عنهم، والتحلِّي بالأخلاق الفاضلة، والدعوة إلى ذلك.

وقوة الإيمان واليقين، وصحة المعتقد والتوحيد مع حسن العمل؛ طريق الأمن والسعادة في الدنيا، والفوز والفلاح في الآخرة ومن آمن بالله تعالى، وسلم الأمر إليه، وتوكل عليه، وأحسن الظن به مع حسن عمله فلن يزيغ أو يضل؛ بل سيكون من المهديين الفائزين.

ومهما تكالب العدوان على المؤمن، وتحاوشته الفتن، وتناوشته المحن فإن يقينه بربه، وحسن ظنه به عاصم له من كل فتنة، ومخفف عليه كل بلية، ومن هنا كان حسن الظن بالله تعالى من صفات المؤمنين، وسوء الظن به من صفات المنافقين.

Share Button

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *