Share Button

بقلم الدكتور/ سعيد فتوح النجار
دكتوراه في القانون الخاص جامعة المنوفية

إن تحقيق العدالة لم يعد يقتصر على الوطنيين في الدولة فقط، بل إنه أصبح ضمانة تكفلها دساتير الدول للناس كافة دون تفرقة بين وطني وأجنبي.
ونظرًا لعدم وجود هيئة دولية عليا مختصة بالتشريع الدولي يمكنها تنظيم ضوابط مقاضاة الأجانب أمام القضاء الوطني في كل دولة، ولاعتبار أن القضاء العام في الدولة يمثل أحد أشكال سيادتها، وهو ملجأ المتقاضين لتحقيق العدل والإنصاف؛ فإن كل دولة تعمل على وضع ضوابط لعقد الاختصاص لمحاكمها للدعاوى المشتملة على عنصر أجنبي فيها، وتحديدًا هذا الأجنبي يكون هو المدعى عليه في الدعوى.
وإن كان القضاء هو الجهة القضائية صاحب الولاية العامة في الدولة، فقد مُنحت ولاية خاصة وفق إطار وضوابط معينة لتحقيق العدالة لأنظمة كنظام التحكيم، والذي يعد هذا الأخير أحد السبل الخاصة لتحقيق العدالة.
ولما كان العالم يشهد ما يشهده من انفتاح على كافة الأصعدة الاقتصادية والاجتماعية، ولرغبة المختصمين في إتباع غير الطريق القضائي لحل نزاعاتهم، وخصوصًا في مجال التجارة الدولية لما قد يصيبهم القضاء من أضرار غير مباشرة تؤثر على مصالحهم التجارية والاقتصادية وحركة الأموال، فقد كان التحكيم التجاري الدولي ملاذًا لهم, والقضاء الوطني هو صاحب الولاية العامة في الدولة، وتمتد تلك الولاية على الأجنبي في الدعوى القضائية وفقًا لضوابط حددها المشرع.
ويشمل النطاق الشخصي لولاية القضاء الوطني على الأجانب عدة ضوابط ومعايير لعقد الاختصاص للقضاء الوطني، أولها ضابط الجنسية، فمتى تمتع المدعي أو المدعى عليه بالجنسية المصرية امتدت ولاية القضاء الوطني وعُقد الاختصاص لمحاكمها بنظر الدعاوى المرفوعة عليه مبررا الفقه ذلك بمبدأ سيادة الدولة والتي تمتد على مواطنيها في الداخل أو الخارج.
وفي إطار هذا الضابط من الممكن التعرض لتساؤلات هامة، كحالة ازدواج الجنسية، فيكون للمدعي إقامة الدعوى أمام محاكم أية دولة من الدول التي يحمل المدعى عليه جنسيتها إذا كان تشريع هذه الدولة يتضمن قاعدة بناء الاختصاص على كون المدعى عليه وطني الجنسية، كما لا يتصور إعمال ضابط جنسية المدعى عليه في حالة انعدام الجنسية، كما أنه في حالة تغير المدعى عليه جنسيته يظل الاختصاص معقودًا للمحكمة المختصة وقت رفع الدعوى؛ منعًا للغش نحو قواعد الاختصاص.
وكذلك موطن المدعى عليه أو محل إقامته كضابط للاختصاص القضائي في المنازعات ذات الطابع الدولي، فمتى توطن أجنبي في مصر أو أقام فيها ينعقد الاختصاص القضائي للمحاكم المصرية باعتبارها محكمة موطن المدعى عليه، ويعتبر هذا الضابط أحد أهم الضوابط التي يقوم عليها الاختصاص القضائي الدولي في كافة الدول والقضاء الداخلي أيضًا، فالأصل براءة ذمة المدعى عليه حتى إثبات عكس ذلك، وعلى من يريد إثبات عكس ذلك تحمل مشقة النفقات والانتقال وإقامة الدعوى، وأن محكمة موطن المدعى عليه (وطني أو أجنبي) هي أقدر المحاكم على إلزامه بالحكم الصادر منها بما لها من سلطة فعلية عليه، وهي أقدر المحاكم على كفالة تنفيذ الحكم الصادر منها.
وتمتد ولاية القضاء الوطني علي المدعى عليه الأجنبي فى الدعاوى المتعلقه بمسائل الأحوال الشخصية المقامه من زوجة مصرية أو أجنبية متوطنه في مصر؛ نظرا للاتصال الوثيق بشخص المدعي وإقليم الدولة وتوفير الحماية القانونية والقضائية له، كدعاوى الزواج، والطلاق، والانفصال الجسماني، والتطليق، وفسخ عقد الزواج، ودعاوي النفقة .
وكذلك النطاق الموضوعي لولاية القضاء الوطني على الأجانب، ويشمل هذا النطاق العناصر الموضوعية في المنازعة (سبب العلاقة القانونية، وموضوعها) بصرف النظر عن العنصر الشخصي في تلك المنازعة، وهي تشمل الدعاوى المتعلقة بمال موجود في مصر، والدعاوى المتعلقة بالالتزامات سواء نشأت تلك الالتزامات في مصر، أو نفذت فيها، أو كانت واجبة التنفيذ فيها، والدعاوى المتعلقة بإفلاس أشهر في مصر.
وسيكون لنا مجموعة من المقالات تشمل نطاق ولاية القضاء الوطني على الأجانب, إن شاء المولى عز وجل

Share Button

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *