Share Button

بقلم / محمـــــــد الدكــــــرورى
يعيش الانسان فى هذه الدنيا ايام قليله وهى تعد وتحسب عليه دقائق وساعات ولكن قيل ان الدنيا ساعه لأن العمر فى الاخره أبدى فلا موت بعد ذلك ولكن الانسان يتناسى حقيقة الموت ويتناسى ان هناك بعث وحساب الا من رحم الله فنرى من يسرق ونرى من يزنى ونرى من يشهد زورا فلماذا كل ذلك ؟؟؟

وإن الآخرة دار الجزاء وتوفية الحقوق واسترداد المظالم، وهي مرصد المفاليس؛ حين يقدمون بجلل من الصالحات من صلاة، وصيام، وزكاة، وغيرها مما هو دونها في الفضل، في يومٍ تشح النفوس بالحسنة وإن كانت أماً؛ فيرون ثواب تلك القربات تُرحَّل من سجل حسناتهم إلى صحف من ظلموهم وبخسوهم حقهم ..

فيذّكّر النَّصب الذي بذله والوقت الذي كابده والمال الذي أنفقه ومفارقته اللذائذ لأجل عمل تلك الصالحات، وبات ينتظر ثوابها في يوم تعز فيه الحسنة، ويراها بحسرة المرائر قد ذهبت لغيره بسبب ظلمه له.

وتزداد تلك الحسرة إن فنيت حسناته، فتنقل سيئات المظلوم إلى صحيفته مع عدم مباشرته لها؛ فيحاسب عليها كما لو كان عاملاً لها وتزداد تلك الحسرة حسرات حين تفنى الحسنات وتبقى السيئات؛ فيؤمر به إلى النار! والعياذ بالله! كان يؤمل ثواب عمله الصالح، فأفلس منه، وتحمل وزر غيره، وأُدخل النار.

وهذا هو الإفلاس الحق الذي تتم به الخسارة، ولا يمكن فيه التدارك! لا إفلاس المال الذي يقطع عناءه الموتُ، وقد يعقبه يسار.

وإن المتأمل في أسباب الإفلاس التي ذكرها النبي – صلى الله عليه وسلم – يراها دائرة على سبب واحد وإن تنوعت صوره؛ ذلكم هو الاعتداء على حقوق الخلق وظلمهم؛ ” شتم هذا، وقذف هذا، وأكل مال هذا، وسفك دم هذا، وضرب هذا “.

وما ذاك إلا أن حقوق الخلق قائمة على المشاحة؛ فإن عفوا، وإلا فما ثمّ إلا القصاص في الآخرة، فيقول النبي – صلى الله عليه وسلم -: ((لتؤدُّنَّ الحقوق إلى أهلها يوم القيامة، حتى يقاد للشاة الجلحاء، من الشاة القرناء)) رواه مسلم.

والقصاص بين البشر في الآخرة في الحسنات والسيئات؛ أخذاً وإعطاءً، في يوم تظهر فيه السرائر، وتنطق الجوارح، ﴿ يَوْمَئِذٍ تُعْرَضُونَ لَا تَخْفَى مِنْكُمْ خَافِيَةٌ ﴾ …

وإن الدنيا دار اختبار، وحقوق الخلق ميدان ابتلاء، ومن أعظم ما يحمل على خفرها والاستخفاف بأدائها إهمال محاسبة النفس وغياب استحضار الحساب الأخروي؛ وذاك ما حمل الطغاة على العتو والبغي على العباد كما قال الله عن فرعون وجنده: ﴿ وَاسْتَكْبَرَ هُوَ وَجُنُودُهُ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَظَنُّوا أَنَّهُمْ إِلَيْنَا لَا يُرْجَعُونَ ﴾…

والاغترار بالقوة والقدرة والأمن من المحاسبة الدنيوية من أساب الاستخفاف بالحقوق، كتب عمر بن عبد العزيز إلى بعض عمّاله: ” أمّا بعد، فإذا دعتك قدرتك على الناس إلى ظلمهم فاذكر قدرة الله عليك وفناء ما تؤتي إليهم وبقاء ما يؤتون إليك، والسلام “.

والتعويل على العفو والمسامحة دون استحضار كزازة النفوس سيما يوم شح الحسنات في القيامة من أسباب بخس الناس أشياءهم وهكذا، ذرائع التأويل الفاسد تحمل المفلسين على تقحم دركات الظلم. وفي يوم القيامة تتكشف تلك الذرائع عن فسادها، ويبدو المستور، وتسقط أقنعة التأويلات، ويبوء أهلها بشؤم عقباها.

وللمخالَط والصاحب بالغ الأثر في حفظ حقوق الخلق واستلابها؛ فالمرء على دين خليله؛ فلينظر أحدكم من يخالل فكم كانت بعض مجالس الأصحاب ومجموعات محادثاتهم الهاتفية شؤماً على أصحابها بما لاكت فيها ألسنهم وأصابعهم أعراضَ الخلق بالغيبة والاستهزاء؟! وكم كانت بعض شراكات الأصحاب سبباً في أكل أموال الناس بالباطل؟! وكم كانت آراء بعض الأصحاب حاملاً على إزهاق النفوس بالباطل؟! …

Share Button

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *