Share Button

بقلم / محمـــــــد الدكـــــــرورى
تجرى بنا الدنيا ما بين عمل وكفاح وما بين لهو ولعب وسينتهى العمر بنا دون أن ندرى وبعد ايام سيهل علينا مناسبه جميله كانت من اختراع الغرب وهى مناسبة الاحتفال بعيد الأم ومن هى الأم فالأم هى التى كم حزنت لتفرح، وجاعت لتشبع، وبكت لتضحك، وسهرت لتنام، وتحمّلت الصعاب في سبيل راحتك، إذا فرحت فرحت، وإن حزنتَ حزن، إذا دَاهمك الهمّ فحياتها في غمّ، أملها أن تحيى سعيدًا رضيًّا راضيا مرضيًا …

الام المخلوق الضعيف الذي يعطي ولا يطلب أجرًا، ويبذل ولا يأمل شكرًا، هل سمعتَ عن مخلوق يحبّك أكثر من ماله؟ لا، بل أكثر من دنياه، لا، بل أكثر من نفسه التي بين جنبيه، نعم يحبّك أكثر من نفسه، إنها الأم، الأم وكفى، رمز الحنان.

وأنت فى صغرك، تذكّر ضعف طفولتك، فقد حملتك أمك في بطنها تسعةَ أشهر وهنًا على وهن، وحملتك كرهًا ووضعتك كرهًا، تزيدها بنموّك ضعفًا، وتحملها فوق طاقتها عناءً، وهي ضعيفة الجسم واهنة القوى، وعند الوضع رأت الموتَ بعينها، زفرات وأنين، غصص وآلام، ولكنها تتصبّر، تتصبّر، تتصبّر، وعندما أبصرتك بجانبها وضمتك إلى صدرها واستنشقت ريحك وتحسست أنفاسك تتردّد نسيت آلامها وتناست أوجاعها …

رأتك فعلّقت فيك آمالها ورأت فيك بهجة الحياة وزينتها، ثم انصرفت إلى خدمتك ليلها ونهارها، تغذيك بصحتها، وتنميك بهزالها، وتقوّيك بضعفها، فطعامك درّها وبيتك حجرها، ومركبك يداها، تحيطك وترعاك، تجوع لتشبع، وتنهر لتنام، فهي بك رحيمة، وعليك شفيقة، إن غابت عنك دعوتَها، وإذا أعرضت عنك ناجيتها، وإذا أصابك مكروه استغثتَ بها، تحسب الخير كلَّه عندها، وتظنّ الشرّ لا يصل إليك إذا ضمّتك إلى صدرها أو لاحظتك بعينها …

فلما تم فصالك في عامين وبدأت بالمشي، أخذت تحيطك بعنايتها وتتبعك نظراتها وتسعى وراءك خوفًا عليك، ثم كبرت وأخذت منك السنين، فأخذ منها الشوق والحنين، صورتك أبهى عندها من البدر إذا استتمّ، صوتك أبدى على مسمعها من تغريد البلابل وغناء الأطيار، ريحك أروع عندها من الأطياب والأزهار، سعادتك أغلى من الدنيا لو سيقت إليها بحذافيرها، يرخص عندها كلّ شيء في سبيل راحتك، حتى ترخص عندها نفسها التي بين جنبيها، فتؤثر الموت لتعيش أنت سالمًا معافى.

وأعلم ان المحروم الضائع الخائب في الدنيا والاخرى من ضيَع حقوق الوالدين وخاصة الام فروى أحمد والنسائي وابن ماجه عن معاوية بن جاهمة السلمي رضي الله عنه، قال: أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت: يا رسول الله، إني كنت أردت الجهاد معك، أبتغي وجه الله والدار الآخرة، قال: (ويحك، أحية أمك؟) قلت: نعم، قال: (ارجع فبرها)، ثم أتيته من الجانب الآخر، فقلت: يا رسول الله، إني كنت أردت الجهاد معك أبتغي وجه الله والدار الآخرة، قال: (ويحك، أحية أمك؟) قلت: نعم يا رسول الله، قال: (فارجع إليها فبرها)، ثم أتيته من أمامه، فقلت: يا رسول الله، إني كنت أردت الجهاد معك، أبتغي بذلك وجه اللهَ والدار الآخرة، قال: (ويحك، أحية أمك؟)قلت: نعم يا رسول الله، قال: (ويحك، الزم رجلَها فثمّ الجنة).

إنها الجنة وربّ الكعبة: (الزم رجلها فثمّ الجنة).
وعن ابن عمر رضي الله عنهما قال: أتي رجل رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله، إني جئت أريد الجهاد معك أبتغي وجه الله والدار الآخرة، ولقد أتيت وإن والدي ليبكيان، قال: (فارجع إليهما، فأضحكهما كما أبكيتهما) رواه ابن ماجه وصححه الألباني…..

وعن أنس بن نضر الأشجعي قال: استقت أم ابن مسعود رضي الله عنها ماءً في بعض الليالي، فجاءها بالماء فوجدها قد ذهب بها النوم، فثبت عند رأسها حتى أصبح، ولما قدم أبو موسى الأشعري وأبو عامر على رسول الله صلى الله عليه وسلم فبايعاه وأسلما، قال لهم عليه الصلاة والسلام: (ما فعلت امرأة منكم تدعى كذا وكذا؟) قالوا: تركناها في أهلها، قال: (فإنه قد غفِر لها) قالوا: بم يا رسول الله؟ قال: (ببرها والدتها) ….

وقال: (كانت لها أم عجوز كبيرة، فجاءهم النذير: إن العدوّ يريد أن يغير عليكم، فجعلت تحمل أمها على ظهرها، فإذا أعيت وضعتها، ثم ألزقت بطنها ببعض أمها وجعلت رجليها تحت رجلي أمها من الرمضاء حتى نجت) …

إنها الأم، يا من تريد النجاة، الزم رجليها، فثمّ الجنة، قال ابن عمر رضي الله عنهما لرجل: (أتخاف النار أن تدخلها، وتحب الجنة أن تدخلها؟) قال: نعم، قال: (برّ أمك، فوالله لئن ألنت لها الكلام وأطعمتها الطعام لتدخلن الجنة ما اجتنبت الموجبات)، يعني الموبقات.

إن البر دأب الصالحين وسيرة العارفين، أراد ابن الحسن التميمي قتلَ عقرب فدخلت في جحر، فأدخلها أصابعه خلفها فلدغته، فقيل له في ذلك، قال: “خفت أن تخرج فتجيء إلى أمي وتلدغها”.

وقال محمد بن سيرين: “بلغت النخلة على عهد عثمان رضي الله عنه ألف درهم، فعمد أسامة بن زيد رضي الله عنهما إلى نخلة فاشتراها، فنقرها وأخرج جمّارها، فأطعمها أمه، فقالوا له: ما يحملك على هذا وأنت ترى النخلة قد بلغت ألف درهم؟! قال: إن أمي سألتني ولا تسألني شيئًا أقدر عليه إلا أعطيتها”.

ورسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (الوالد أوسط أبواب الجنة، فإن شئت فأضع ذلك الباب أو احفظه) وعن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (رضا الرب من رضا الوالد، وسخطه الرب من سخط الوالد).

وقال ابن عباس رضي الله عنهما: (ما من مسلم له والدان مسلمان يصبح إليهما محتسبًا إلا فتح الله بابين ـ يعني من الجنة ـ وإن كان واحدًا فواحد، وإن أغضب أحدهما لم يرضى الله عنه حتى يرضى عنه)، قيل: وإن ظلما؟ قال: (وإن ظلما)……

Share Button

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *