جريدة اهرام مصرجريدة اهرام مصر .السد العالى
Share Button

تتردد كثير من الأسئلة حول الموقف الأمريكى من السد الإثيوبى؟ وما هى أوجه الاختلاف بين إدارة بايدن وإدارة ترامب السابقة بخصوصه؟ وهل ما زال هناك فرصة لأن تقوم الإدارة الحالية بلعب دور أكثر نشاطا فى تجسير فجوة المواقف بشأنه؟

يمكن تلمس الإجابة على هذه الأسئلة استنادا للملاحظات التالية:

الملاحظة الأولى أن الولايات كانت منذ البداية جزءا من مشاريع بناء السدود فى إثيوبيا. وتحديد موقع سد النهضة كان اقتراحا من مكتب استصلاح الأراضى بالولايات المتحدة خلال مسح للنيل الأزرق تم إجراؤه عام 1964، وتضمن الاقتراح بناء أربعة سدود على النيل الأزرق، وقامت الحكومة الإثيوبية بمسح الموقع الخاص بسد النهضة مرة أخرى فى أكتوبر 2009 وأغسطس 2011.

الملاحظة الثانية هى أن الإدارة الأمريكية السابقة فى عهد الرئيس ترامب كانت متفهمة بشكل كبير لوجهة نظر مصر العادلة بالنسبة للقضايا المتعلقة بملء وتشغيل السد، وقامت بدور أقرب إلى الوساطة بين مصر والسودان وإثيوبيا منذ نوفمبر 2019، وعندما اعتقدت بتعنت الموقف الإثيوبى، قامت بفرض عقوبات على إثيوبيا فى أغسطس 2020، وجمدت ما يقرب من 130 مليون دولار من المساعدات.

الملاحظة الثالثة أنه بالرغم من أن الحكومة الإثيوبية قد راهنت على وصول جو بايدن الى البيت الأبيض، إلا أن ذلك لا يعنى أن موقف الإدارة الأمريكية الجديدة يتطابق مع مواقف الحكومة الإثيوبية، على العكس من ذلك أصبح ما يحدث فى إقليم تيجرى إحدى القضايا الخلافية الكبرى بين البلدين. ووفقا لتقرير صحفية أمريكية، فقد خلصت الولايات المتحدة منذ شهر فبراير إلى أن الحكومة الإثيوبية كانت تنفذ حملة تطهير عرقى فى تيجراى، ودمرت قرى بأكملها وشردت الآلاف ممن ينتمون إلى عرق التيجراى، واستخدم وزير الخارجية الأمريكى أنتونى بلينكين تعبير «التطهير العرقى» فى وصف ما يحدث فى تيجراى، وأرسل الرئيس بايدن مبعوثا خاصا هو السيناتور كريستوفر كونز إلى أديس أبابا للقاء رئيس الوزراء آبى أحمد، وكانت مهمته وفقا للبيان الرسمى الأمريكى «نقل مخاوف الرئيس بايدن الخطيرة بشأن الأزمة الإنسانية وانتهاكات حقوق الإنسان فى منطقة تيجراى وخطر عدم الاستقرار على نطاق أوسع فى القرن الإفريقى، ومنذ أيام قليلة (8 إبريل)، أعرب مستشار الأمن القومى جيك سوليفان، فى اتصال مع نائب رئيس الوزراء الإثيوبى ووزير الخارجية ديميكى ميكونين، عن قلق الولايات المتحدة بشأن الأزمة فى منطقة تيجراى. وقال البيت الأبيض، فى بيان له، أن سوليفان «أعرب عن قلق إدارة بايدن البالغ إزاء استمرار الأزمة الإنسانية وحقوق الإنسان فى منطقة تيجراى».

الملاحظة الرابعة تتعلق بالموقف الأمريكى من سد النهضة، فالواضح أن هناك اهتماما أمريكيا بالموضوع، حيث قام وزير الخارجية بلينكن، فى اتصال هاتفى مع رئيس الوزراء السودانى فى 5 إبريل، بمناقشة قضية سد النهضة والتوترات الحدودية بين السودان وإثيوبيا. وكان موضوع السد هو أيضا إحدى القضايا التى تمت مناقشتها فى الاتصال التليفونى بين مستشار الأمن القومى الأمريكى جيك سوليفان ووزير الخارجية الإثيوبى ديميكى ميكونين.

أما الموقف الرسمى للإدارة الأمريكية فقد عبر عنه المتحدث باسم الخارجية الأمريكية، فى مؤتمر صحفى فى 6 إبريل، فى رده على سؤال حول موقف بلاده من تحذير وزير الخارجية المصرى من أن بلاده ستتصرف فى حالة حدوث أى ضرر مائى لها بسبب سد النهضة بعد فشل المحادثات فى كينشاسا، وهل تخطط حكومة الولايات المتحدة لممارسة مزيد من الضغط على الأطراف، أو استضافة الأطراف فى العاصمة الأمريكية من أجل إيجاد حل لأزمة المياه. وكان رده أن وفدًا أمريكيًا رفيع المستوى قد سافر إلى المنطقة وأجرى مشاورات حول السد فى القاهرة والخرطوم وأديس أبابا وكينشاسا، وخلال هذه المهمة تم الاستماع من جميع الأطراف المعنية، بما فى ذلك من الرئاسة الكونغولية للاتحاد الإفريقى، حول أفضل السبل التى يمكن بها للولايات المتحدة وشركائنا الأوروبيين دعم جهودهم وجهودنا الجماعية لإيجاد طريق للأمام نحو مفاوضات بناءة. وأضاف أعتقد أن النقطة الأساسية هى أننا نتفهم أهمية مياه النيل لجميع البلدان الثلاثة، ونواصل تشجيع استئناف الحوار المثمر عندما يتعلق الأمر بالسد، وواصلنا التأكيد على نهجنا المحايد تجاه سد النهضة.

خلاصة الحقائق والتصريحات السابقة، أن هناك اهتماما أمريكيا بالسد، ووجهة النظر تجاه رئيس الوزراء الإثيوبى قد تغيرت بسبب ما يحدث فى إقليم التيجرى، والحياد الأمريكى بشأن السد لا يعنى تبنى وجهة النظر الإثيوبية، ولكن يظل من الضرورى تحويل هذا الاهتمام إلى دور نشط، بالبناء على ما تحقق فى مباحثات واشنطن السابقة، والتواصل إلى اتفاق عادل وملزم بشأن السد، وبما يبعد المنطقة عن حالة عدم الاستقرار التى قد تشهدها فى حالة عدم التوصل إلى اتفاق، وهو بالتأكيد مصلحة أمريكية أيضا.

Share Button

By ahram misr

رئيس مجلس ادارة جريدة اهــــرام مــصر

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *