Share Button

 

الحسن بن علي بن أبي طالب بن عبدالمطلب بن هاشم بن عبدمناف، سيد شباب أهل الجنة ،
وإن الحسن بن علي بن أبي طالب رضي الله عنه، هو سيد شباب أهل الجنة، وهو من الشخصيات البارزة في تاريخ الإسلام ، حيث حقن اللهُ تعالى به دماء المسلمين، وذلك حينما تنازل عن حقِّه في الخلافة لمعاوية بن أبي سفيان رضي الله عنه ، وأم الحسن بن علي هى فاطمة الزهراء بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم، سيدة نساء أهل الجنة .

وروى البخاري عن أبي بكرة، قال: رأيتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم على المنبر، والحسن بن علي إلى جنبه، وهو يُقبِل على الناس مرةً، وعليه أخرى، ويقول: “إن ابني هذا سيِّدٌ، ولعل اللهَ أن يُصلِح به بينَ فئتينِ عظيمتين من المسلمين” وهذه نبوءة النبي صلى الله عليه وسلم في الحسن بن علي بن ابي طالب وابن السيدة فاطمة الزهراء بنت رسول الله وشقيق الحسين رضي الله عنهما.

وقيل عن الحسن رضي الله عنه أنه خامس الخلفاء الراشدين بعد استشهاد أبيه علي بن أبي طالب رضي الله عنه ، وولد الحسن في نصف رمضان عام 3هـجريه ، وأذن النبي صلّ الله عليه وسلم في أذنه ليرسخ في قلبه الإيمان ومعاني عظمة الله وباركه وحنكه وسماه الحسن وتربى على يد النبي الكريم صلى الله عليه وسلم لما يقرب من ثمانية سنوات .

وكان الرسول صلى الله عليه وسلم يقبله ويعانقه ويداعبه حبًا له وعطفًا عليه وكان يعلمه منذ الصغر حب الإصلاح بين المسلمين، وأهم ما يميز الحسن رضي الله عنه هو الحرص الدائم على حقن دماء المسلمين ووحدة صفهم، ويؤكد ذلك مواقفه الكثيرة رضي الله عنه ومنها وتنازله للخلافة حقنًا لدماء المسلمين وقد أبرم الصلح مع سيدنا معاوية بعد عدة أشهر من مبايعته للخلافة ، وكان ذلك بمثابة فاتحة الخير على المسلمين بعدما توحدت جهودهم وسمي العام 41هـجريه عام الجماعة وبعده عاد المسلمون للجهاد والفتوحات .

وبعدما استشهد الإمام علي رضي لله عنه في الكوفة وصلى عليه الإمام الحسن بايعه الناس بالخلافة وألحوا عليه لقتال أهل الشام وكان في نيته عدم القتال ولكنهم غلبوه على رأيه واجتمعوا اجتماع عظيمًا فصار بالجيوش قاصد بلاد الشام ولكن حدث في الجيش فتنة واختلاف وتفرق فلما رأي ذلك كتب لمعاوية بن أبي سفيان لصلح بينهما بعث إليه معاوية بن أبي سفيان عبدالله بن عامر وعبدالرحمن بن سمرة وتم الصلح بينهما وبايع الإمام الحسن معاوية بن أبي سفيان وهكذا تحققت نبوءة النبي.

وروى أحمدُ عن عليٍّ رضي الله عنه، قال: “لَمَّا وُلِد الحسن سمَّيتُه حَرْبًا، فجاء رسولُ الله صلى الله عليه وسلم، فقال: ” أروني ابني، ما سمَّيتموه؟ “، قال: قلتُ: حَرْبًا، قال: ” بل هو حسن ” وروى أبو داود عن ابن عباسٍ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم عقَّ عن الحسن والحسين كبشًا كبشًا.

وروى البخاري عن أنس بن مالك قال: “لم يكُنْ أحدٌ أشبهَ بالنبي صلى الله عليه وسلم من الحسن بن علي” وعن عقبة بن الحارث، قال: صلَّى أبو بكر رضي الله عنه العصر، ثم خرج يمشي، فرأى الحسن يلعَبُ مع الصبيان، فحمَله على عاتقه، وقال: بأبي (أي: أفديه بأبي) شَبِيهٌ بالنبي، لا شبيه بعَلِي، وعليٌّ يضحَكُ.

وكان الحسن بن علي كثيرَ التزوُّج، وكان لا يُفارِقه أربعُ زوجاتٍ ، وكان علي بن أبي طالب يقول لأهل الكوفة: لا تُزوِّجوا الحسنَ بن علي ، فإنه مِطلاقٌ، فيقولون: والله يا أمير المؤمنين، لو خطب إلينا كلَّ يومٍ لزوَّجناه منا مَن شاء ، ابتغاءً في صهر رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وكان للحسن بن علي خمسةَ عشرَ ذكرًا، وثماني بناتٍ.

وروى أبو داود عن الحسن بن علي رضي الله عنهما قال: علَّمني رسول الله صلى الله عليه وسلم كلماتٍ أقولُهنَّ في الوتر: ” اللهم اهدِني فيمَن هديتَ، وعافِني فيمَن عافيتَ، وتولَّني فيمن تولَّيتَ، وبارِكْ لي فيما أعطيتَ، وقِنِي شرَّ ما قضيتَ؛ إنك تقضي ولا يُقضَى عليك، وإنه لا يَذِلُّ مَن وَالَيْتَ، ولا يَعِزُّ مَن عاديتَ، تباركْتَ ربَّنا وتعالَيْتَ” .

وعن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم، أنه قال لحسنٍ: ” اللهم إني أُحِبُّه، فأَحِبَّه وأحبِبْ مَن يُحبُّه ” رواه البخارى ومسلم ، وروى الترمذي عن عبدالرحمن بن أبي نُعْم أن رجلًا مِن أهل العراق سأل ابن عمرَ عن دمِ البعوض يصيب الثوبَ، فقال ابن عمر: انظُروا إلى هذا، يسألُ عن دمِ البعوض، وقد قتَلوا ابنَ رسولِ الله صلى الله عليه وسلم! وسمعتُ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم يقول: ” إن الحسن والحسين هما ريحانتايَ مِن الدنيا “.

وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يخطب ، إذ جاء الحسن والحسين عليهما قميصانِ أحمران، يمشيان ويعثران، فنزل رسول الله صلى الله عليه وسلم مِن المنبر، فحملهما ووضعهما بين يدَيْه، ثم قال: ” صدق الله: ﴿ إِنَّمَا أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلَادُكُمْ فِتْنَةٌ ﴾ فنظرتُ إلى هذينِ الصبيَّيْنِ يمشيان ويعثران، فلم أصبر حتى قطعتُ حديثي ورفعتُهما .

روى الترمذي عن أبي سعيد الخدري قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ” الحسن والحسين سيِّدَا شباب أهل الجنة ” وعن أبي هريرة رضي الله عنه، قال: أخذ الحسنُ بنُ عليٍّ تمرةً مِن تَمْر الصدقة، فجعلها في فِيهِ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ” كخ كخ، ارمِ بها؛ أمَا علمتَ أنَّا لا نأكُلُ الصدقة؟ ” .

وقد رأى الحسن بن علي غلامًا أسودَ يأكل مِن رغيف لقمةً ويُطعِم كلبًا هناك لقمة، فقال له: ما حَمَلك على هذا؟ فقال: إني أستحي منه أن آكلَ ولا أطعمه، فقال له الحسن: لا تبرَحْ مِن مكانك حتى آتيَك، فذهب إلى سيِّده، فاشتراه واشترى الحائط أى (البستان) الذي هو فيه، فأعتقه وملَّكه الحائط، فقال الغلام: يا مولاي، قد وهبتُ الحائط (البستان) للذي وهبتَني له (أي: تركتُه صدقةً للهِ تعالى) .

وقد حفِظ الحسنُ بن علي عن جَدِّه صلى الله عليه وسلم أحاديث، وعن أبيه وأمه، وكان الحسن إذا صلى الغداة في مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم يجلِسُ في مُصلَّاه يذكر الله حتى ترتفع الشمس.

وقد سمع الحسن بن علي رجلًا إلى جنبه يسأل الله تعالى أن يرزقه عشرةَ آلاف درهم، فانصرف، فبعث بها إليه ، وقد خطب علي بن أبي طالب، فقال: إن الحسن بن علي قد جمع مالًا، وهو يريد أن يقسمه بينكم، فحضر الناس، فقام الحسن، فقال: إنما جمعتُه للفقراء، فقام نصف الناس.

و كان علي بن أبي طالب يُكرِم الحسن إكراما زائدًا، ويُعظمه ويبجله، وقد قال له يوما: يا بُنَيَّ، ألا تخطبُ حتى أسمعَك؟ فقال: إني أستحيي أن أخطب وأنا أراك، فذهب عليٌّ فجلس حيث لا يراه الحسن، ثم قام الحسن في الناس خطيبًا، وعليٌّ يسمع، فأدَّى خطبة بليغة فصيحة، فلما انصرف جعل عليٌّ يقول: ﴿ ذُرِّيَّةً بَعْضُهَا مِنْ بَعْضٍ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ ﴾ .

لمَّا حضرت الوفاة الحسنَ بن علي، أرسل إلى عائشةَ يطلب منها أن يدفن مع النبي صلى الله عليه وسلم، فأجابَتْه إلى ذلك، فقال لأخيه: إذا أنا متُّ فاطلُبْ إلى عائشة أن أُدفَن مع النبي صلى الله عليه وسلم، فلقد كنتُ طلبتُ منها فأجابَتْ إلى ذلك، فلعلَّها تستحيي مني، فإن أذِنَت فادفنِّي في بيتِها، وما أظن القوم يعني بني أمية ، إلا سيمنعُونَك، فإن فعَلوا، فلا تراجعهم في ذلك، وادفنِّي في بقيع الغَرْقَد.

ومرِض الحسن بن علي أربعين يومًا، وتوفي في الخامسِ مِن ربيع الأول سنة تسعٍ وأربعين من الهجرة، ودُفِن بجوار أمِّه فاطمةَ بنتِ النبي صلى الله عليه وسلم بالبقيع، رضي الله عنها، وكان عمرُه ستة وأربعين عامًا .

فلما توفي جاء الحسين إلى عائشة في ذلك، فقالت: نعم وكرامة، فبلغ ذلك إلى مَرْوان بن الحكم وبني أمية، فقالوا: والله لا يُدفن هناك أبدًا، فبلَغ ذلك الحسينَ، فلِبس هو ومَن معه السلاح، ولبِسه مروان، فسمع ذلك أبو هريرة، فأتى الحسينَ فكلَّمه وناشده الله، فقال: أليس قد قال أخوك: إن خفت فرُدَّني إلى مقبرة المسلمين، ففعل، فحمَله الحسين إلى البقيع.

Share Button

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *