Share Button

ارهاصات_فارغة

بقلم الدكتورة: سمر عبد العظيم

في عالم ما بعد اسوار حديقة الأمان يعلو الضجيج فلا تكاد تسمع أفكارك. في المدينة بشر لهم صدي صوت مرتفع تسمع فيه ضحكات مصطنعة وكلام متكلف. في كلامهم تعالي وكأنهم أرباب فمنهم من يفخر بنسبه ومنهم من يرفعه المال والولد درجات. منهم من يزهو بثوبه ذي الماركة العالمية الذي يليق مع مفتاح سيارة يتدلي من اصبعه منذرا أنه حين يقوم من مجلسه يحتضنه الجلد الطبيعي الأحمر علي كرسي يقول “شبيك لبيك” ان دست زره…..وكلها أحلام…صور مكررة لا تميُز فيها اللهم الا اذا كان هناك من أنواع السيارات غير تلك التي تحمل الثلاث حروف والمربعات الزرقاء…. فهناك حروف كثيرة وكلها لها وقع مثير علي الأذن… حين تُنطق يخيل اليك من غموضها ان بها حلا لمشكلات المجتمع المستعصية … وكلها حروف… لا تسمن ولا تغني من جوع والأهم أنها كذلك لا تملأ فراغا… وكم من فراغ كسته ألوان الفَوَارِه فبقي فراغا!!!
خارج اسوار الحديقة يختال الناس بأشياء كثيرة أخري أكثرهم قدرة علي الإضحاك من يختالون ببشر غيرهم في اعلان عام انهم نفسهم غير جديرين…. وما أكثرهم.
أغرب ما يميز تلك المدينة أن كل المختالين يبادلون بعض ابتسامة تقبل وكأنهم يرسلون رسائل طمأنة لبعض أنهم وإن رأوا الضلال لن يبوحوا بشيء…. فأسرار أكاذيب المدينة في بئر ليس له قرار يقيم عليه كل الكاذبون تجمله وجوه مبتسمة ذات ألوان صارخة وكأنها رسوم متحركة في فيلم بطولة باربي وتدور أحداثه في ماليبو.
فنساء المدينة لا يخاطبون بعض الا وتنعت احداهما الأخري ب “حبيبتي” ويستبدلها رجالهم ب “باشا”
في تلك المدينة كل النساء حبيبات وكل الرجال بشاوات وكل البشر يتخذون الوحدوية ستارا لنفاقهم.
لكن الجميل أن كلهم وان إختلفت مآربهم سعداء، سعادة لها مواصفات خاصة، سعادة يشعرو بها فقط في عيون بعض فيألفون المرايا في نظرات الغير وتصير ادمانا. هكذا أصبح أهل المدينة ينتقون المرايا بحذر فلن يغامر أحد بمخالطة مرآه ذات نوع رديء كتلك التي تعكس الحقيقة مجردة دون محسنات وفلاتر. ما جدوي عيون كتلك لا تبعث بسعادة دائمة؟
تلك العيون يحملها بشر لازالوا يقطنون هذه المدينة ولكن في معزل علي حدودها لا يقتربون ربما لأنهم اما غير مرحب بهم او انهم كانوا قد طردوا من زمن بعيد. لكن منهم من اغمض جفونه وعاش وسط المدينة يتعكز علي رغبته الملحة في الحياة وان عاش فيها كفيفا.
لكن هذه المدينة سعيدة وكلها ألوان تتداولها أخبارهم كل يوم صورة أحد ابطال فيلم الرسوم المتحركة فيصفق الجميع وتعم البهجة الا في ذلك المعزل علي الحدود. هناك تعيش مشاعر منبعها الناس وليس انعكاساتهم يفرحون و يبكون ويلجأون لحضن بعض فقط ان احتاجوا الاشباع. حين يخلو أحدهم لضمة يأتيها في مشهد يخلو الا من لون أوراق الشجر فيزهر المشهد بالألوان حين تلتقي القلوب. اشخاص هذا المشهد ألوانهم تشع من داخلهم وان كلحت الوجوه. فلا بريق لهم علي صفحات الصحف وأخبارهم لا تطن لها أذن وان أطربتهم.
هذه المدينة هي واحدة من مدن كثيرة امتلكت من العدل ما يكفي ليعيش اهلها في سلام مادام سكان الوادي لا يختلطون بسكان الجبال.

Share Button

By ahram

جريدة اهرام مصر .موقع ويب اخبارى واعلامى

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *