Share Button

رياض السامعي / اليمن

النص ليس لأحد، لي وحدي وأنا المعني بترتيله

الأخير
المُطِّل عليكم بحفنةٍ يأسٍ
من تراب القصيدة
لم يعد شاعراً
منذ يومين
جمع كل ما اختطه من أناه
ورماه إلى سلة المهملات
وقبل قليل
كان يبحث في أدراج المطبخ
عن سكينة قادرة
على جزِّ شِعره إلى الأبد
يمكنكم التصفيق الآن
والهتاف معاً
لسنا أحياءَ جيدين
ولا أسوياء تماماً
كلما في الأمر
أن النافذة التي خلعت نفسها
عن جدار السماء
تشبثت بأواني الطبخ
وهزت شجرة الماء من خصرها
فابتلعت مسودة الكلام.
الأخير
الذي كنته شاعراً
صار عشبةً تقضمها أرانب القلب
وظِلالاً لوطنٍ عبوس
مدرهةً لأطفال الحي
ومقطوعة ناي
لصوت الريح.
الأخير شبحي الخائف
يدخن سجائره على كنبتي في الفراغ
ويمسح عرقَ آهاته بقميص اللبن
الأخير شبح آخر
يطاردني الآن ….
يبدو
وكأنه رجل أمنٍ ضل الطريق إلى ساقطة
فسقط على أناي البعيدة عن الباب
بخطوتين فقط
يبدو رجل الدين
الذي وجد الليل يهذي بداخلي
فظن أنايَ ممسوسة بالشياطين
وعالجني بالعصا
يبدو الشخاذ المرابط أمام منازلكم
منذ إعلان الثورة رغبتها
في القضاء على الفقر
يبدو جائعاً
ويبحث في القمامة عن قصيدةٍ جائعةٍ مثله
وكأنها رغيفه المحتمل.
يبدو تلكم الأنثى
الصادحة في أعماق الليل بأنينها الباحث
عن رجلها المفقود في الحرب.
يبدو ذلك المبتور
المرابط في أحداقكم
بانتظار الخبز
يبدو أنا هارباً من أناه
إلى صوته في أغاني الرعاة
على التل
يبدو ويبدو كثيراً
صديقاً بلا ذاكرة
وطفلاً يموت على القافية.
أو أنا التي كنتها شاعراً بالكفاف وبالحزن
وبالليلة المقمرة

الأخير ليس أنا…

وليس أنا

إنه اللقمة الشاغرة

التي وضعها قناص الحرب

على فوهة بندقيته

وقتل بها الوطن.

Share Button

By ahram

جريدة اهرام مصر .موقع ويب اخبارى واعلامى

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *