Share Button

الأنا في الرواية النسوية ” الأردن أنموذجاً ” 

بقلم/الكاتب سليم النجار 

متابعة /لطيفة القاضي 

كثيرة هي الدراسات التي تناولت الأنا في الرواية النسوية – الأردن ؛ وعادة ما يتم النظر لهذا المصطلح على انه شيء معيب او في أحسن الأحوال مريب ٠ ولكن هنا ليس للتوضيح او الشرح او التنظير ؛ بل الأشتباك مع هذه الأنا من منظور يحاكي الواقع كما اعتقد ، فالأنا ليست وليدة بيئة اجتماعية صرف كما رّوج معظم من تناول هذا الموضوع ، كما ليس ناتج ضرب بين الأنا الذكورية والمرأة الأنثي لأننا إذا ما دخلنا من باب التضاد والتناص والتلاص ايضاً على المرجعيات الغربية التي أسست لمفهوم النسوية يكون حاصل الضرب كارثة بكل ما تحمل الكلمة من معنى ، فكل المفردات التي ذكرتها قبل قليل هي مفردات نتاج ثقافة غربية شئنا أو أبينا ، لأننا إلى الآن لم ننتج مفردتنا الخاصة بنا وللتوضيح عند ذكر أننا نقلد الغرب لا أعني بالمعنى اللغوي للكلمات التي ذكرت بل بالمرجعيات ،وهنا من الخطر أننا ما زلنا قاصرين عن التفريق بين الشكل اللغوي والمضمون الذي أغلبه غربي في المعنى والتصور ٠

غالباً من يأخذنا من تناول موضوع الأنا يزعم أنه يأخذنا إلى عوالم جديدة ليستكشف ونستكشف معه العلاقات بين الحرية والعدالة في السرد ” النسائي ” ويتناسى عن عمد أو عكس ذلك العلاقات الطبيعية التي خرجت من رحم الطبيعة التي عايشتها المرأة ، فهي تتعاطى مع الطبيعة أيضا لكن ليس من منظور ذكوري ، فالعلاقات اللونية بين الماء والهواء والتراب والنار ، هي عناصر الطبيعة التي رعاها الإنسان الأول بشقيه الذكري والأنثوي ، ولكلٍ رؤيته ومعرفته وخاصيته لتعريف الطبيعة ٠

تتحول هذه العناصر أثناء السرد ” النسوي ” في الأردن وجرّاء طبيعة المناخ إلى ساحات لونية باردة أحيانا ، وحارة حيناً آخر ، ومبتلة حيناً ، وخشنة في بعض الأحيان ، لتطل على كهوف ذاكرتنا الذكورية العميقة ،تستل منها الكلمات التي علقت بها مذ كنا فكرة في سرداب الذكورة ٠

في البدء كان اللون ٠٠٠ ولا حقيقة في هذا العالم سوى اللون ٠ ولا فكرة خارج اللون ٠ لا إحساس من دون لون ٠ وكل ما عدا ذلك أسماء يختلف عليها البشر ٠

ومن أقدر من المرأة على معرفة صحاري اللون الذي يتحول إلى كلمات وسرد وأرواح هائمة في صحاري اللون؟ كأنه يقول من خلال سرد المرأة تعالوا من جديد ، فالأصفر على سبيل المثال ليس شعاع شمس ولا حقل قمح جاف ، ولا ليمونة إنه إحساس بالوحدة أو ربما هو ترنيمة لبحاره وحيدة في مركبها يحيط بها الأزرق الأزلي ٠ وإذا ما اخترنا لون آخر كالبنفسجي ليس زهرة أو حقلا من الورود ، بل هو رغبة امرأة مبتلة من المياه العكرة التي أبدع فيها الذكر برشه عليها تحت أسماء مختلفة ونظريات مختلقة مرجعيتها الرغبة الجسدية ربما ٠ وإذا وسعنا بحثنا عن الألوان وتناولنا اللون الأحمر الذي هو ليس دماً مسفوح على مشجب الحرية كما تحاول الثقافة الذكرية الترويج له ، ولا قلب رمانة ، بل هو لحظة ولادة قد تكون عابرة للسرد ” النسوي ” ربما ٠

لعل الميزة التي ينطوي عليها السرد ” النسوي ” ، من دون إدعاء ولا تنظير ولا استعراض هي أنسنة اللون أو بتعببر آخر تلوين رغبات الذكر أي تجميل القبيح لعله يستفيق من غيه وبطولاته الورقية. فالحزن الذي تدفع به المرأة هو رسالة روائية تفوح منها رائحة الحياة وهو لون آخر من ألوان الطبيعة وإن كان متخيلا ، وفي ذات الوقت لسد فراغ اللون الذي يمزج بين ذكورة مفرطة وأنثونة تقاوم هذا الفراغ ٠

نحن أمام رواية لا تسكتين لتطرف الثقافة الذكورية التي تتعاطى مع المرأة على أنها سلعة وقت الحاجة ، أو شعار يتاجر به لمن أراد التميز ، الذي يكمن في كل مفاصله الكذب والخداع والمرواغة ٠ وهذا بحد ذاته فن غير طارئ على مشهدنا الثقافي في الأردن ، لسبب بسيط جدا أنه تم التلاص من مشاهد ثقافية عربية سبقتنا ، في هذا المضمار ٠ وكل ما فعلناه قمنا بالتقليد مع بعض التعديلات الطفيفة ٠

الرواية ” النسوية ” في مشهدنا لم تقف عاجزة أو مارست فضيلة الصمت او لجأت إلى حكمة الخوف ، او استكانت لفم الذكر ٠ بل ذهبت للكشف المخبوء في جوهرنا المتشكل من انكسارات تاريخية اجتماعية و هزائم حضارية وقف أمامها الرجل حائرا متخاذلاً لا يعرف كيفية توصيف ما تعرض له ، فكانت المرأة ملجأ هزائمه وظلال خيباته ٠

وبصريح العبارة وبدون تزويق للكلمات كانت الرواية ” النسوية ” حالة كشف دائم واضح للذكر الذي غاب عن وعيه السؤال لماذا تكتب المرأة الرواية ؟ هل هو من باب المنافسة ؟ أو هي مساحة من مساحات المسموح لها الكتابة بعد أن فتح السجان ” الرجل ” باب الانفتاح الذي إدعاه وحاول تسويقه ، هنا لا أجرؤ القول أعتقد ، أو ربما ، بل إن الرواية النسوية في مشهدنا الثقافي هي حالة من حالات التمرد على الواقع المسخ ٠ وسنشهد في الأعوام القادمة نقلات نوعية في الرواية النسوية في الأردن ، لأن الأنا عندها جمعية لا تخضع لبطولات ذكورية وهمية ولا تبحث عن اصنام لعبادتها او صناعتها ومن ثم عبادتها ثنائية رفضتها الرواية النسوية شكلاً ومصموناً ٠

نحن أمام موج هادر لا نعرف نتائجه ولننتظر ، والإنتظار ليس عادة غريبة على الذكر فهي عادة مستأنية في وعيه ، ولعبت الرواية النسوية في فضحها ٠

الرواية النسوية بأنها سؤال مفتوح على كل ما هو مسكوت عنه ٠

Share Button

By ahram

جريدة اهرام مصر .موقع ويب اخبارى واعلامى

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *