Share Button

 

بقلم الكاتب الناقد :سليم النجار

هل العقل يدرك ما حوله ؟!
لماذا هذا التساؤل ؟
إن هذا التساؤل يعني أن قدرة العقل على معرفة الكون هي موضع تشكك ؛ والتشكك مردود إلى التساؤل عن مدى مطابقة المعرفة العقلية مع الواقع ؛ أي عن مدى مطابقة ” ما في الأذهان مع ما في الأعيان ” على حد ما يُروجه الإسلام السياسي . وتاريخ الفكر الفلسفي يشهد على أن ثمة توتراً في العلاقة بين العقل والواقع .
والسؤال إذن :
لماذا هذا التوتر ؟
إن العقل لا يدرك الواقائع من حيث هي هي وقائع وإنما يدركها من حيث هي ” علاقة ” مع بعضها ؛ وفي ” علاقة ” مع العقل . وحيث أن العقل لا وجود لها في العالم الخارجي فهي إذن من العقل . ومعنى ذلك أن المعرفة العقلية ليست مجرد ” وصف ” للواقع ؛ وإنما هي ” تأويل ” للواقع بيد أن هذا التأويل ليس مجرد تأمل نظري وإنما هو مرتبط بالممارسة العملية حيث أن ماهية الإنسان تكمن في تغيير الواقع . ومن ثم فإننا نعرف العقل بأنه ” ملكة التأويل العملي المجاوز للواقع ” . وهذا الفهم بالنسبة للإسلام السياسي أن هناك دائماً فراغ في التفكير يجب تعبئته من قبلهم على إعتبار أنهم الأوصياء على العقل . ضمن رؤية الإجماع لدى الفقهاء ؛ وهذا يعني عملياً ان التأويل خروج عن الإجماع . وحيث ان ابن تيمة يشترط الإجماع فالتأويل إذن ممتنع وإذا امتنع التأويل انتفى إعمال العقل في النص الديني . وهذا الانتفاء يعني عزل العقل عن الدين بيد أن هذا العزل مرفوض حتى من قبل ابن تيميه وهي ضرورة الإجماع وإذا لم تكن النتيجة مقبولة فيحب تغيير فكرة التفكير في اهمية ان العقل قد ” يُغرد خارج السرب ” كما يقول في ثقافتنا المعاصرة .
هذا عن التأويل كأساس للمعرفة الفلسفية في الفكر الإسلامي ؛ وهو يتراوح بين القبول والرفض ؛ ولكن هو الأعم .
أما ما يبدو اليوم انه قطيعة بين الإسلام والعقل فمردود إلى تيارات سياسية تأخذ من ” الإسلام ” ستارا ترفض ” التأويل ” ؛ أي ترفض إعمال العقل في النص الديني ؛ كما ترفض تطور العلم ؛ ولاترى في التكنولوجيا سوى سلبيات ؛ إلا ما يخدم أفكارها كما فعلت ” داعش ” في توظيف التكنولوجيا في استقطاب الشباب اليها . وهذه التيارات ” الفكرية ” أصولية وهي على وجه التحديد أصوليات ” مفاهيم ” عن الإسلام ؛ دخلت في صراع مع حضارة العصر فتوقف التقدم في عالمنا العربي إلى حد كبير ؛ وخاصة عندما قدست ثقافة القتل وكرهت الحياة وصورتها ؛ على أنه الجحيم ؛ وأنهم طريق النجاة من هذا الجحيم ؟! .

كاتب فلسطيني.

Share Button

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *