Share Button

الدكتورة فاطمة الزهراء شبيلي
أكاديمية و باحثة جزائرية

جاريد كوشنر و من خلفه الإدارة الأمريكية برمتها و العدو الإسرائيلي الغاصب ينفذون خططهم للسلام المزعوم في المنطقة (صفقة القرن) رغم رفضها من الفلسطينيين ،ليعلن الرئيس ترامب في 13/8/2020 التوصل إلى اتفاق سلام تاريخي بين إسرائيل والإمارات برعاية أمريكية !و هو أهم إنجاز للإدارة الأمريكية و أدواتها في المنطقة و هي خدمة شخصية للرئيس ترامب باعتباره الراعي للأنظمة الخليجية الفاسدة للإستفادة منها إنتخابيا بعد خيباته المتكررة !

و كما اعتاد في الفترة الإنتخابية السابقة إبتزازحقير لدول الخليج إقتصاديا ( مع المملكة السعودية سابقا ) و هي أيضا خدمة لناتنياهو الذي هو في أضعف حالاته منذ بدأ حياته السياسية ! لمتابعات الفساد و التهم الخطيرة التي تلاحقه !
التطبيع كان قائما فى الكواليس ،فالمسار الطبيعي لنهاية علاقة في الخفاء و تحت الطاولة ،أوصل لهذه النتيجة ، لتظهر للعلن بعد ما ضاعت هيبة العرب وتحولت إلى خيبه لحظة انكسارهم ! ليستغلها العقل الأمريكي كورقة رابحة قبيل الإنتخابات !

ليتحتم على العرب الدوران فى فلك أمريكا حسب بوصلتها و مخططات حليفتها ! و ما توقيت المؤامرة و الخيانة إلا دليل جديد على خدمة هؤلاء الخونة لأمريكا و رضاها عليهم و تسهيل لمهمتها في المنطقة ليصبح سمعا و طاعة !
التوسع الرأسي لإسرائيل جعلها تتفوق نوعيا عن الدول العربية مجتمعة ،حيث ساهمت في تدمير الكثير منها ، والآن بدأ التوسع الأفقي لهذا الكيان الخبيث ،فبعد فلسطين ،

الجولان ثم لبنان لتتغلغل قواعدها العسكرية في معظم الدول العربية وسيطرة على كثير من دويلات الخليج مثل قطر وها هي الإمارات تنضم إلى الحظيرة ! ثم تحولت إلى محاصرة الدول العربية وبخاصة مصر من جميع الجهات ،

من البحر المتوسط شمالا والأحمر شرقا وأثيوبيا وجنوب السودان جنوبا و في ليبيا غربا تمهيدا للسيطرة على الوطن العربي كله تنفيذ لحلمها الأصغر من الفرات إلى النيل ثم حلمها الأكبر من المحيط إلى الخليج!

ما قامت به الإمارات العربية غدر و طعنة موجعة في ظهر الفلسطينيين و كل شرفاء الأمة و هو في ذات الوقت عمل مدان و مرفوض و يبقى وصمة عار في جبينها و خيانة للإسلام والعروبة والأمة وللمقدسات و ليس للقضية و للفلسطينيين وحدهم ،

لذلك تبقى مناهضة التطبيع ليست مصلحة فلسطينية فقط و لا مجرد قيمة أخلاقية وحقوقية وإنسانية عليا فحسب ، بل هي مصلحة للشعوب العربية قاطبة وتقرير مصير أبنائها أيضاً،

لأن التطبيع ليس إلا وسيلة لتغلغل الصهيونية في مفاصل ومؤسسات هذه الدول لتتمكن بعدها من سرقة مقدرات الشعوب و ثرواتها، و واهمٌ من يظن أن التطبيع مع الكيان سوف يجلب الأمن و الأمان و الرخاء الاقتصادي، فالصهيونية و على مر تاريخها لم و لا و لن ترى في الأمة العربية والإسلامية إلا عدوا
أين الشعب الإماراتي من امارات الشيخ زايد أول من اتخذ قرارا إستراتيجيا بوقف النفط عن الدول المساندة للعدوان الإسرائيلي على العرب في 1967 وكان الشيخ زايد رحمه الله قد اتخذ قراراً مماثلاً بقطع الإمدادات النفطية عن الغرب وامريكا إثر اندلاع الحرب العربية الإسرائيلية الرابعة في 6 أكتوبر 1973 وأطلق مقولته الشهيرة ليس النفط العربي بأغلى من الدم العربي !؟
نطالب الامين العام للجامعة العربية البائسة بالخروج عن صمته وتهنئة الامارات لتلتحق بها قطر ،وسلطنة عمان و البحرين قريبا، فجميع هذه الدويلات و أخرى تربطهم مع الكيان معاهدات وإتفاقيات وتطبيع تحت الطاولة و مكاتب تجارية في إسرائيل منذ سنوات طويلة ، القادم سيكون ترسيم التطبيع ليس إلا لإقامة علاقات دبلوماسية مع الكيان الإسرائيلي! و الحاجة الأمريكية الإنتخابية الملحة !
ما يهمنا في الموضوع هو تداعيات هذا المستجد الخطير على القضية الفلسطينية العادلة ، إيماناً منّا بحق الشعب الفلسطيني في إقامة دولتة المستقلة و عاصمتها القدس الشرقية .
وقوفنا مع إخوتنا و أشقائنا الفلسطينيين و مساندة القضية الفاسطينية العادلة ليس مِنّة بل هو الواجب القومي والانساني تجاه شعب عربي مسلم له الحق في بناء دولته ذات سيادة كاملة واستعادة أرضه.
أنتمي إلى جيل نشأ على حب فلسطين حتى النخاع و نصرة المسجد الأقصى و عدم التفريط فيه ،انتماء ترسخ من خلال إذاعة صوت فلسطين التي كانت تبث على أمواج الإذاعة الجزائرية ( صوت فلسطين صوت الثورة الفلسطينية …و إنها لثورة حتى النصر )

و الكلمة الثائرة ( محمود درويش و سميح القاسم …) و الأغنية الملتزمة ( مارسيل خليفة و الشيخ إمام و فؤاد نجم و الخ ) و مختلف الصحف و المجلات العربية التي توزع في الجزائرحاملة الهم العربي و تفاصيل القضية ! إسرائيل تقرأ التاريخ و نحن العرب لا نقرأ مع الأسف ،اليوم أقولها بمرارة لو قرأنا التاريخ لكان مصيرنا ربما تغير، لم يفاجئني إتفاق التطبيع الذي وقعته الإمارات مع الكيان المحتل بقدر ما آلمني و حز في نفسي أننا تخلينا عن فلسطين التي كنا نردد باستمرار أنها قضيتنا الأولى

و تركنا الفلسطينيين يقاومون وحدهم و يرابطون في الأقصى دفاعا عن مقدساتنا الإسلامية و عما تبقى من الشرف العربي! عندما سئل سفير الامارات في باريس على إحدى القنوات الفرنسية هل اشترطتم لتوقيع إتفاق التطبيع

وقف مخطط الضم الإسرائيلي لأجزاء من الضفة الغربية قال : التطبيع قرار سيادي و نحن لا ننوب عن الفلسطينيين في التفاوض ؟! مكافأة مجانية للإحتلال على جرائمه بحق الشعب الفلسطيني باسم إتفاقا للسلام ! أي سلام ؟ واضح أنه ليس للفلسطينيين !

حتى ترامب الذي زعم أنه إنجاز تاريخي حقق في الواقع مكسبا إنتخابيا قبيل إنتخابات الرئاسيات الأمريكية !

في نفس الوقت يصرح نتانياهو أنه لم يتم وقف المخطط و يعلن الأمريكيون أن هناك دولة عربية أخرى ستعلن قريبا عن إقامة علاقات دبلوماسية مع إسرائيل ، معلومات مفادها أن الدور بعد الإمارات سيأتي على البحرين

( و هي التي احتضنت ورشة الإعلان عن تفاصيل صفقة القرن ) و السعودية و سلطنة عمان و قطر ! يحق لي أن أتساءل بعد كل هذا الكم من الخيانة و الأخبار المحبطة هل تجاوزتنا الأحداث ؟

ماذا بقي أمامنا من خيارات ؟

هل من العدل أن تستمر أكبر مظلمة في تاريخ البشرية؟!

الآن و بعد أن خذلنا الحكام و الساسة مرة أخرى و وصل مسلسل التنازلات إلى حد الخيانة ! بقي أن نراهن على وعي الشعوب العربية لأن القضية الفلسطينية لا تزال حية في الوجدان العربي و لأن في فلسطين شعبا يقاوم الإحتلال و الحصار و يرفض الرضوخ مهما كلفه ذلك من ثمن ،رغم الخذلان و
الإنشقاق في الصف !
لا انفصال بين القضيَّة الفلسطينيَّة المركزيَّة، وما تعانيه الدُّول العربيَّة من حروب وأَزمات ثقافيَّة، وسياسيَّة، واقتصاديَّة، فالعدوُّ واحد، يتغلغل في الوطن العربيِّ للقتل، والدَّمار وتفتيت المفتَّت، وإغراق المنطقة بالدِّماء، وقتل تنميتها وإمكانيَّة تطوُّرها، ونهضتها.
إسرائيل هي من أشعلت نيران الفتنة بين الشيعة والسنة ‘ فتح وحماس ‘ حزب الله وحكومته ‘ دارفور والخرطوم ‘ الإخوان و أوطانهم ‘ المسلم والمسيحي…
إسرائيل ذلك الورم الخبيث في الجسد العرب يجب استئصاله من ارض العرب ،لأنها و ببساطة خطر توسعي تسعى لتحويل الشعوب العربية ما بين الفرات والنيل إلى لاجئين وهي من تقف وراء جميع الأزمات والحروب العربية بمساندة العملاء من الخونه في تحقيق مخططاتهم ، لذلك القضاء على إسرائيل هو الحل الجذري لكل مشاكل الوطن العربي الداخلية والخارجية ، ولن يحدث ذلك إلابحاجات كثيرة أهمها الوحدة العربية الحلم ! فالوحدة هي الطريق الوحيد للسيادة و التحرر !رغم استحالة هذا الحلم المؤجل حاليا على الأقل لأسباب إسرائيلية أيضا يطول شرحها !

لا خيار أمام الأمة في مواجهة اسرائيل التي افسدت في الارض إلا الوحدة العربية والتضامن الاسلامي ،و لن يحدث ذلك إلا بالتخلص من جميع الحكام العرب الخونة من معاونيه ومستخدميه من الأنظمة العربية المهرولين نحو التطبيع ! لأن القضاء على ذلك العدو المتربص والذي لا يغفل لمحة واحدة عن رصد ودراسة آلياتنا في كل مناحي الحياة لا يعني تحرير فلسطين فقط وإنما تحرير للوطن العربي كله !
و نبقى و إن كنا كمواطنين عرب غير قادرين على فعل شيئ ، و من أضعف الإيمان أن ننكر هذا الفعل بلساننا و قلوبنا بعد أن سقطت الأقنعة و تم فرز الخونة و المنافقين والمتآمرين و معرفة الصديق من العدو!
في الأخير نقول للأنظمة الفاسدة الخائنة المتآمرة ،

إذا لم تنتصروا لحق الفلسطينيين فلا تستغلوا قضيته العادلة لإرضاء ترامب و حلفائه لأنكم في النهاية و مهما طال الزمن ،ستحاسبون أمام الله و أمام شعوبكم الواعية

Share Button

By ahram

جريدة اهرام مصر .موقع ويب اخبارى واعلامى

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *