Share Button

بقلم / محمــــــــــد الدكــــــــرورى
صلاة الفجر هى صلاة تجديد العهد والعقد مع الله في بداية يوم قد يكون هو آخر يوم في حياتك أو حياتي أو حياتهم وإنها الانكسار والذل الصباحي الذي يحي العبودية في نفوس أهل الإيمان فتبقى الصلاة والصلة بينهم وبين خالقهم.

إنها حلالة العقد التي نفث فيها الشيطان بريق خبيث وقول مقيت: ( نم عليك ليل طويل ) قال صلى الله عليه وسلم: (يَعقِدُ الشَّيطانُ عَلى قافيَةِ رأسِ أَحدِكُم إذا هوَ نام ثَلاثَ عُقدٍ، يَضرِبُ كلَّ عُقدةٍ مَكانَها: عليكَ ليلٌ طويلٌ فارقُدْ، فإنِ استَيقظَ فذَكَر اللهَ انحلَّت عُقدةٌ، فإن تَوضَّأ انحلَّت عُقدةٌ، فإن صلَّى انحلَّت عُقدُه كلُّها، فأَصبحَ نَشيطًا طيِّبَ النَّفسِ، وإلَّا أَصبحَ خَبيثَ النَّفسِ كَسلانَ) رواه البخاري.

وهناك ثلاث نفثات شيطانية يقابلها ثلاث تعويذات ربانية: أما الأولى: فذكر الله الذي يوقظ قلب الغافل ويخنس معه الشيطان وأما الثانية: فصب الماء الطهور على الجسد الطاهر فيطفئ حرارة عبث الشيطان، وينشط الجسم ويفتح أبواب الرحمات، فإن سار إلى المسجد وصف قدميه مع عباد الرحمن خلص القلب من الشيطان فكان من أولياء الرحمن.

وفي تأملات نبوية ولحظات تهفو قلوب الصحابة لسماع قول خير الأنام الصادق المصدوق قال بعد أن نظر إلى القمر ليلة أربعة عشر: ( إنكم ستَرَونَ رَبَّكُم، كما ترَونَ هذا القمرَ، لا تُضامُّونَ في رؤيتِهِ، فإنِ استَطَعتُم أنْ لا تُغلبوا علَى صلاةٍ قبل طُلوعِ الشمسِ وقبل غُروبِها فافعَلوا. ثم قرأ: ﴿ وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ الغُرُوبِ ﴾ رواه البخاري .

ومن غلبته شهوته، وكسرته سكرة النوم فارتضى لنفسه مضاجعة الشيطان، وصم أذنه عن صوت الرحمن عوقب بالحرمان ففي الحديث إشارة حكمية لطيفة، ألا فمن تحرر من قيد شهوته فطهر قلبه بالذكر وغسل بدنه بماء الطهر ومرغ أنفه ذلة لله استحق رؤية خالقه، فإن الله طيب لا يقبل إلا طيباً.

وبشرى لأهل صلاة الفجر من فم المصطفى قد سمعها من حضر ويسمعها من غاب إلى يوم القيامة قال صلى الله عليه وسلم: (بشِّرِ المَشَّائين في الظُّلَمِ إلى المساجدِ بالنُّورِ التَّامِّ يومَ القيامةِ) حديث صحيح رواه أبو داود والترمذي.

وهل جزاء الإحسان إلا الإحسان، سرت في ظلام الدنيا يبدله الله لك نوراً يوم القيامة، فأنت متعبد بالسير في الظلم وإن لم تبلغ التمام، والله متفضل بالنور التام لأن الله عظيم فلا يلحقه نقص ولا عيب، ومن قيدته قيود المعصية وآثر ونام عن صلاة الظلم فليس له نور: (وَمَن لَّمْ يَجْعَلِ اللَّهُ لَهُ نُورًا فَمَا لَهُ مِن نُّورٍ).

وهنا قيد وشرط لتتحقق بشرى الهدى والفلاح ألا وهو ( المشائين) ليس مرة ولا اثنتين بل عبادة وسعي في طاعة الله، فكل يوم تشق فيه ظلام الدنيا يرصد الله لك مقابله نوراً للآخرة حتى تمشي في ظلام الدنيا وأنت على نور وتلقى الله وقد أتم لك النور، وهي اشارة الى صلاة الجماعة فلا تكون البشرى لمتخلفي صلاة الجماعة بلا عذر.

وإن المؤمن يمشي في الأرض بنور بصيرته لا بنور بصره، فكم من أعمى البصر نير البصيرة لحق بمواكب المشائين وكم من بصير نظر أعمى البصيرة لحق بركب البطالين الذين قال عنهم صلى الله عليه وسلم: (إنَّ أثقلَ الصَّلاةِ على المنافقين صلاةُ العشاءِ والفجرِ ولو يعلمون ما فيهما لأتوْهما ولو حبوًا) صحيح.

ويوكل الله تكريماً لصلاتي الصبح والعصر ملائكة تشهد هاتين الصلاتين فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (يتعاقبون فيكم: ملائكةٌ بالليلِ وملائكةٌ بالنَّهارِ، ويجتمِعون في صلاةِ العصرِ وصلاةِ الفجرِ، ثم يعرجُ الذين باتوا فيكم، فيسألُهم، وهو أعلمُ بهم، كيف تركتُم عبادي ؟ فيقولون: تركناهم وهم يُصلُّونَ، وأتيناهم وهم يُصلُّونَ) متفق عليه.

وانظر إلى السؤال ما أخطره واجسمه وأعظمه لأنه من الرب العظيم الحليم غفار جبار المنتقم فيكون الرد من الملائكه تركناهم وهم يصلون وأتيناهم وهو يصلون وهناك رواية: فاغفر لهم يوم الدين، تدعوا الملائكة وتتشفع عند ربها لأهل صلاة البردين أن يتغمدهم الله برحمة.

فماذا عن تركناهم وهم نائمون وأتيناهم وهم نائمون، أما يستحي العبد من الله أن ينام والله يطلبه والمساجد تفتقره وهو متقلب متمرغ في نعمة الله والرعاية الربانية الخاصة بل خاصة الخاصة لأهل صلاة الفجر فعن جندب بن عبدالله رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (من صلى صلاةَ الصبحِ فهو في ذمةِ اللهِ. فلا يطلبنَّكم اللهُ من ذمتِه بشيٍء. فإنَّهُ من يطلبُه من ذمتِه بشيٍء يُدركُه. ثم يكبُّه على وجهِه في نارِ جهنمَ ) مسلم

والمعنى يحتمل أمرين وكلاهما صحيح: فالأول: أن من صلى الصبح في جماعة فهو في أمان الله وضمانه فما أذاه من أحد إلا انتقم الله له.

والثاني: أن من ترك صلاة الصبح انتقض عهده الذي بينه وبين الله والله يدركه فيكبه في النار فمن قام يطلب الرزق وقد نقض عهده مع الله لم يعطه، فلا ينال من عند الله بمعصيته، وإن أعطاه لم يبارك له، ومضى يومه وهو لا يجد راحة النفس ولا سداد الرأي لأنه خبيث النفس كسلان.

Share Button

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *