Share Button

الحياء وأثره في الواقع المعاصر

بقلم :الدكتورة وفاء سمير أستاذ فلسفة الاخلاق بكلية البنات جامعة عين شمس

قال رسول الله صلي الله عليه وسلم “لا يفعل الإنسان خاليا مايستحي من فعله في الملأ”….

وأيضا ” لكل دين خلقا وخلق الإسلام الحياء “

إن الأخلاق في حياة الإنسان هي القانون الذي يحفظ له وجوده الداخلي والخارجي ، فهي ضرورة لدوام حياة الفرد في صورة مثلي علي المستوي الفردي والجماعي …فإذا تخلق الفرد بالأخلاق الحسنة استطاع أن يصل إلي السعادة المنشودة في الدنيا والأخرة .والدين الإسلامي يشمل ضمن جوانبه العديدة نظاماً متكاملاً للحياة الإنسانية ،ويقدم مفهوماً للأخلاق ينطوي علي خير وسعادة الإنسان، حيث يشتمل علي كل القيم الأخلاقية التي يتأسس عليها المجتمع .. وقد جاءت آراء مفكري الاسلام في ميدان الأخلاق تعبيراً صادقاً عن هذه الحقيقة .

إن التربية الأخلاقية وتليها الحصانة الأخلاقية للفرد هما نقطة الإنطلاق الأولي نحو تقدم المجتمع وإزدهاره ،يليهما الإلتزام والإلزام السياسي والاقتصادي والتعليمي والصحي والثقافي والفني والرياضي وغيرهم من المجالات العديدة التي تتكون منها الحضارة ويقاس بها التقدم ..ولعل ما يؤكد هذا أن الله سبحانه وتعالى لم يجد أفضل من حسن الخلق وصفا لرسوله الحبيب صلي الله عليه وسلم في قوله تعالي ( وإنك لعلي خلق عظيم )القلم ٤ . وهذا ما أكده الرسول صلي الله عليه وسلم حين قال ” إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق”..إذن الأخلاق هي الأساس والمبدأ الأول الذي تقام عليه الأمم والحضارات ‘ من هنا كان تعرض الأمة الإسلامية لهجمات شرسة سواء علي مستوي الدين أو الأفراد بهدف طمس هويتهم الإسلامية وقيمهم الأخلاقية فأصبحوا الشغل الشاغل لهؤلاء المخربين أعداء الإنسانية في محاولة لطمسها هو خلق “الحياء” فهم يريدون نسفه ليصبح مجرد لفظ خاو من المضمون ،فبأسم الحرية الشخصية والعنصرية الحداثية لا يتورع بعض الناس من فعل الكثير من الأمور التي كان الحياء يمنعهم فيما سبق من فعلها وما أكثر ما يرتكب اليوم من أثام بأسم الحرية الشخصية في بلاد المسلمين . فمحاولة تغيير ملامح المسلمين من الداخل تحت العديد من المسميات والمتغيرات والتي يرفضها كل غيور علي دينه وأمته أصبح هدف ، ولكي نستطيع أمام الصمود أمام هذه الحملات والاعتداءات المتتالية علي الدين والأمة لابد من التحلي بالخلق الفاضل والالتزام بالضمير الأخلاقي ..أن القيم الأخلاقية التي جاء بها الاسلام من اجل سعادة الإنسان ورقيه وبناء حياته ودولته كثيرة ومتعددة ومترتبة كل منها علي الأخر ، فلا عدل بدون رحمة ومساواة ، ولا حق بدون عدل وإيمان ، ولا خير بدون عدل وعفة وحياء ،إذن هي الحق والخير والجمال ….

إن مناقشة هذا الموضوع يثير عدة تساؤلات :-

أولا : هل أصبح الحياء علامة من علامات التخلف في عالمنا المعاصر؟ أم أن موضة التحديث لا تعترف بالقيم الأخلاقية ؟

ان ما نراه لدي البعض الآن أن القيم هي مجرد شعارات تزين بها الأخاديث والخطابات والتشريعات دون ما يؤكد صدق ادعاءاتها.

ثانياً: هل يمكن إعتبار الحياء متناقضامع القيم الإنسانية الحضارية التي وصل إليها الفكر البشري من خلال شعارات الانحلال والميوعة والتي تؤله الفكر البشري الذي لا ينطلق من المبادئ الفاضلة؟

لهذا كانت حاجتنا اليوم للحديث عن رأس مكارم الأخلاق وزينة الإيمان ، وشعار الإسلام خلق ” الحياء ” كما جاء في حديث الرسول صلى الله عليه وسلم:”إن لكل دين خلقا وخلق الإسلام الحياء” ولنعلم أنه علي حسب حياة القلب يكون خلق الحياء، فكلما كان القلب حيا كانت الحياة أتم .

فالإنسان الذي كرمه الله ينبغي عليه في ظل هذه المتغيرات أن يحافظ علي كرامته وعلي قيمة الإنسان من حيث هو انسان ..وهذا لن يتحقق بصورة كاملة له وللجماعة إلا إذا كان للحياء في حياته مكانه ودور في حماية الأخلاق من الإنهيار . قال تعالي : ( ألم يعلم بأن الله يري) العلق ١٤ وقوله ( يعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور ) غافر ١٩.

فالحياء لغويا يعني الحشمة وهو ضد الوقاحة ..والحياء هو الارتداع بقوة الحياء … من فعل القبيح والخوف من فعل ما يعاب الإنسان به …وجاء بالمعني الإصلاحي بأنه خلق يبعث صاحبه علي اجتناب القبح ويمنع من التقصير في حق ذي الحق ….فالحياء إذن من الفضائل الفطرية ومادة للخير وهو من أسباب الإيمان ومن اخلاق أهله وهو لهذا يمنع الفواحش ويحمل علي الصبر والخير ويمنع صاحبه من الفجور ويقيده عن المعاصي ويحمله علي الطاعة…لهذا فالحياء يعتبر رأس مكارم الأخلاق حيث يجب علينا تجنب محارم الله عز وجل ، لهذا سيظل الإلتزام الحق بالدين حاجزا منيعا في وجه الانطاط الخلقي والتفسخ الحضاري، لأن القيم مهما كانت عميقة إلا أنها يمكن أن تخضع للتطور الذاتي ، ويمكن أن تؤول علي نحو يفرغها من مضامينها وتجاوزها إذا لم تكن مرتكزة علي عقيدة سليمة وإطار مرجعي رباني لا بشري ، لأن الطابع البشري قاصر وان حسنت النوايا فيه ….

فاللحياء كما أوضح الماوري “٩٧٢-١٠٥٨” ثلاثة أوجه ( الحياء من الله .. من النفس .. ومن الناس ) فمن لا يدركها لن يسلم من البذاء والقبح والشر .

وللموضوع بقية

Share Button

By ahram

جريدة اهرام مصر .موقع ويب اخبارى واعلامى

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *