Share Button
الدكروري يكتب عن أول غزوات الإسلام
بقلم / محمـــد الدكـــروري
روي أبو سعيد الخدري رضي الله عنه أنه قال بينما رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلى بأصحابه إذ خلع نعليه فوضعهما عن يساره، فلما رأى ذلك القوم ألقوا نعالهم، فلما قضى رسول الله صلى الله عليه وسلم صلاته قال “ما حملكم على إلقائكم نعالكم؟” قالوا رأيناك ألقيت نعليك فألقينا نعالنا، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم “إن جبريل صلى الله عليه وسلم أتاني فأخبرني أن فيهما قذرا” أبو داود، فكل ما دفعهم لخلع نعالهم “رأيناك ألقيت نعليك فألقينا نعالنا” وهذا هو الفاروق عمر بن الخطاب رضي الله عنه يأتي الحجر الأسود فيقبله ويقول “إني أعلم أنك حجر لا تضر ولا تنفع، ولولا أني رأيت النبي صلى الله عليه وسلم يقبلك ما قبلتك” متفق عليه، فيدع قناعته وما يمليه عقله استجابة وامتثالا.
وهذا هو الصحابي حنظلة بن أبي عامر فشاب يُنادى بالجهاد في ليلة عرسه، فيترك عروسه، ويخرج مستجيبا ملبيا، فيستشهد، فيقول عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم “إن صاحبكم تغسله الملائكة” فسألوا صاحبته فقالت إنه خرج لما سمع الهائعة وهو جنب، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم “لذلك غسلته الملائكة” رواه الحاكم، وإن من المعارك الفاصلة التي مكن الله سبحانه وتعالى فيها لحملة رسالته ونصرهم نصرا مبينا غزوة بدر الكبرى ولقد سماها الله تعالى بيوم الفرقان فقال عز وجل فى محكم التنزيل كما جاء في سورة الأنفال ” وما أنزلنا علي عبدنا يوم الفرقان يوم التقي الجمعان والله علي كل شيء قدير” ومعركة بدر هى ملحمة من ملاحم الإيمان التي اشتملت على الآيات الباهرات.
وعلى المعجزات الظاهرات وعلى الدروس الإيمانية والتربوية والأخلاقية فهي بحق ملحمة كبرى، لأنها أول غزوة كان لها أثرها في إظهار قوة الإسلام فكانت بدء الطريق ونقطة الانطلاق في انتشار الإسلام، ولأنها رسمت الخط الفاصل بين الحق والباطل، فكانت الفرقان النفسي والمادي والمفاصلة التامة بين الإسلام والكفر، وفيها تجسدت هذه المعاني، فعاشها الصحابة واقعا ماديا وحقيقة نفسية، وفيها تهاوت قيم الجاهلية، فالتقى الابن مقاتلا لأبيه وأخيه والأخ مواجهة لأخيه،لأن المحرك لها هو الإيمان بالله وحده، لا العصبية ولا القبيلة ولا الأحقاد والضغائن ولا الثأر، وفيها تجلت صور رائعة من الإيمان بالله وصفاء العقيدة وحب هذا الدين، وها هو عبد الرحمن بن أبي بكر بعدما أسلم، يقول لأبيه أبي بكر رضي الله عنه.
لو رأيتني وأنا أُعرِض عنك في بدر حتى لا أقتلَك، فقال أبو بكر أما إني لو رأيتك وقتئذ لقتلتك ويقابل أبو عبيدة رضي الله عنه أباه في المعركة فيقتله، وإن منزلة الجهاد منزلة عظيمة لا يصل إليها إلا مَن عظمت الآخرة في نفسه وهانت الدنيا عنده، ورسخت محبة الله في سويداء قلبه، فعاش بالله ولله ومع الله وبهذه العقيدة الصحيحة ربى الرسول الكريم محمد صلى الله عليه وسلم أصحابه، فتسابقوا للجهاد، وواجهوا أعداء الله بثبات وإيمان، وحرصوا على الموت حرص غيرهم على الحياة، فنصر الله بهم الدين وجعلهم أحياء في الدارين، فهم أحياء فوق الأرض بالعزة والتمكين، وهم أحياء تحت الأرض عند ربهم يرزقون.
Share Button

By ahram

جريدة اهرام مصر .موقع ويب اخبارى واعلامى

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *