لقد كانت من وصايا رسول الله صلي الله عليه وسلم في خطبة الوداع هو اعتدال الزمن والمواقيت علي أصولها الصحيحة التي خلق الله تعالى الكون عليها بعد أن كان الناس قد غيروا في الشهور وبدلوا فيها لضلالهم هوي آثم في نفوسهم، والتأكيد علي عقيدة الإيمان بالله تعالى واليوم الآخر وبلقاء الله عز وجل ومحاسبته للناس علي ما قدموا في حياتهم الدنيا من أعمال قال تعالى” فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره ومن يعمل مثقال ذرة شرا يره ” وأيضا استقرار عبادة الله تعالى وحده في الأرض والتحذير من وساوس الشيطان ونزعاته وإغوائه للناس وذلك بتزين بعض الأعمال السيئة لهم، وأيضا وجوب أداء الأمانة كلها ولا فرق فيها بين بر وفاجر أو مسلم وكافر ” أدى الأمانة لمن ائتمنك ولا تخن من خانك”
ولقد قام النبى الكريم محمد صلى الله عليه وسلم بحجة واحدة فقط، طوال حياته، هى الحجة المعروفة تاريخيا بحجة الوداع، قبل وفاته بعام واحد، حيث قام الرسول صلى الله عليه وسلم بالشعائر المقدسة فى السنة العاشرة من الهجرة وتوفى صلى الله عليه و سلم فى شهر ربيع الأول فى السنة الحادية عشر من الهجرة، وخطبة الوداع هى آخر خطبة ألقاها الرسول صلى الله عليه وسلم، بجبل عرفات فى التاسع من ذى الحجة فى السنة العاشرة من الهجرة، ويمكن اعتبار حجة الوداع أكبر تجمع إسلامى فى العهد النبوى، فقد تجمع بعرفات نحو مائة وخمسة وعشرون ألفا من الصحابة، وكانت قبل وفاة النبى صلى الله عليه وسلم بنحو شهرين، أعلن فيها صلى الله عليه وسلم بصورة أخيرة ونهائية كل الأشياء التى بعث من أجلها.
وتعتبر نبراسا للأمة فى جميع النواحى الاقتصادية والسياسية والاجتماعية، وقد أتم آخر النبيين والمرسلين صلى الله عليه وسلم رسالته إلى أمته، وترك فيهم ما لا يضلهم، تاركا رسالة ربه، وسنته الكريمة، متمما إقامة دعوة الإسلام إلى الناس أجمعين، حيث حجة الوداع جاءت بعد فتح مكة، وخطب فيها خطبة الوداع التى تضمنت قيما دينية وأخلاقية عدة سميت حجة الوداع بهذا الاسم لأن النبى صلى الله عليه وسلم ودع الناس فيها، وعلمهم فى خطبته أمر دينهم، وأوصاهم بتبليغ الشرع فيها إلى من غاب عنها، وكانت القيم والوصايا التى وصلت إلى نحو عشر وصايا تركها صلى الله عليه وسلم لأمته كفيلة لأمة صالحة، ولعل خطبة خاتم النبين والرسل فى المسلمين فى حجة الوداع.
جاءت لترسى دعائم نهضة الأمة خطة شاملة لإصلاح الفرد والمجتمع، فحدد النبى صلى الله عليه وسلم قبل رحيله إلى جوار ربه، الأمور التى يرتكن إليها المسلمين، عندما قال “تركت فيكم ما اعتصمتهم به فلن تضلوا بعدى أبدا، كتاب الله وسنتى” تلك المرجعية التى لا ضلال ولا شقاء معها، تضمن تحقيق الأمن والأمان لكل الناس، والعدل والمساواة حتى لغير المؤمنين بها، والفلاح والفوز فى الآخرة، وقد تضمنت الخطبة عشر قواعد يمكن بناء المجتمع الإسلامى على أساسها، وكل ما فيها يؤسس لمختلف مجالات العلوم الحديثة، وتضمنت أسس بناء المجتمع، وهو أساس صريح لمنع التمييز العنصرى فى جميع أشكاله، وهى الظاهرة التى سيطرت على المجتمع فى زمانه، ولا زالت تسيطر على كثير من المجتمعات حتى الآن.
