Share Button
الدكروري يكتب عن ابن رباح ودروس وعظات
بقلم / محمـــد الدكـــروري
لقد ذكرت كتب السيرة النبوية الشريفة أن فى قصة الصحابي الجليل بلال بن رباح مؤذن الإسلام رضي الله عنه دروسا وعبرا، وكان أولها هو قوله تعالى ” إن أكرمكم عند الله أتقاكم ” فلا فرق لعربى على عجمي ولا لأبيض على أسود إلا بالتقوى، فالقرشى عم الرسول صلى الله عليه وسلم الذى عارض الرسالة بنار ذات لهب، والحبشى الذي آمن بالرسالة يسمع قرع نعاله بالجنة، فإن هذا ما ينبغى أن نلزم به أنفسنا ونربي عليه أبناءنا، حتى لا تسيطر عليهم رفعة النسب وعظم المنصب وشهوة المال وحب تصنيف الناس بألوانها وأنسابها وأفكارها، وكما أن هذا الدين لا ينتصر بكثرة العدد، ولا يعتمد على أصحاب المناصب والأموال، ولكنه يبقى مكانه ويأتى إليه من يحبه، ويقول أبو جهل “كيف يهتدى بلال وأنا سيد بني مخزوم وهو عبد حبشي، لو كان خيرا ما سبقونا إليه”
لذلك يحقر الإنسان نفسه مع قلة ماله أو مكانته أو جاهه عن إيجاد دور له في نصرة الإسلام والمسلمين، يبذل جهده والله يوفقه، فقد جاء رجل أسود إلى النبى صلى الله عليه وسلم فقال يا رسول الله إنى رجل أسود منتن الريح لا مال لى، أفئن قاتلت هؤلاء حتى أقتل فأين أنا؟ قال “في الجنة” فقاتل حتى قتل، فأتاه صلى الله عليه وسلم فقال “قد بيّض الله وجهك وطيب ريحك وأكثر مالك” رواه البيهقي والحاكم، فيجب علينا أن نأخذ من قصة بلال وغيره من الصحابة الكرام رضوان الله عليهم، حنكته صلى الله عليه وسلم ومعرفته بالفروق بين صحابته صلى الله عليه وسلم واختلاف مواهبهم، فقد أعطى الأذان لبلال لأنه الأصلح، وأعطى الراية لخالد لأنه قائد، وأعطى الخلافة لأبي بكر، والقافية والأدب لحسان.
ومدرسة الفرائض وتوزيع المواريث لزيد، والقضاء وهيئة الاستشارة لعلي، وكتابة الوحي لمعاوية رضي الله عنهم أجمعين، وهذا الأمر ومعرفة الفروق الفردية والمواهب الشخصية قد يفوت بعض المربين والدعاة والمعلمين حين لا يهتمون بالقدرات لشبابهم وأولادهم، أضف لذلك الحب الذى غرسه صلى الله عليه وسلم وربى صحابته عليه، حيث يقول تعالى فى سورة آل عمران” فبما رحمة من الله لنت لهم ولو كنت فظا غليظ القلب لانفضوا من حولك، فاعف عنهم واستغفر لهم وشاورهم فى الأمر” فإن سر نجاح دعوته صلى الله عليه وسلم أنه جعل الناس يحبونه حبا تتقطع له القلوب، وتنقاد له الأجسام، فكان صلى الله عليه وسلم أبا لليتامى، معينا للأرامل والمساكين، أحبته القلوب، عشقته الأفئدة، صلى الله عليه وسلم.
وهكذا كان بلال بن رباح من المؤمنين الذين لاقوا العذاب الشديد من الكافرين بسبب إسلامه، فاحرص على ما ينفعك، احرص على السعي لمعالي الأهداف، وسامق الأخلاق، وأفضل العبادات، واجعل لحياتك هدفا، ولعمرك مقصدا، ولسيرك غاية عالية، فاحرص على ما ينفعك فالحياة قصيرة، والشباب يعقبه الهرم، والصحة يهددها المرض، فقال ابن مسعود رضي الله عنه “ما ندمت على شيء ندمي على يوم غربت شمسه نقص فيه أَجلي ولم يزد فيه عملي” وإنه من حرص على ما ينفعه اشتغل بالمرابح القيّمة، والمغانم النفيسة، وأكثر الأعمال أجرا وأحبها إلى الله، ولهذا كان الصحابة يسألون عن أفضل الأعمال وأجلها، فقال رجل “يا رسول الله، ما الإسلام؟ قال أن يسلم قلبك لله”
أن يسلم قلبك لله عز وجل، وأن يسلم المسلمون من لسانك ويدك، قال”فأي الإسلام أفضل؟ قال الإيمان، قال وما الإيمان؟ قال تؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسله والبعث بعد الموت، قال فأي الإيمان أفضل؟ قال الهجرة، قال فما الهجرة؟ قال تهجر السوء” وهكذا فإن الحرص على ما ينفع يوجه الطاقات إلى البناء، ونماء الأرض، ويُورث الحياة بركة، ويزيد العمل رسوخا، ومهما كان الإنسان حريصا على ما ينفعه فإنه لن يتحقق له هدف ولا مقصد إلا إذا أعانه الله ووفقه وسدده.
Share Button

By ahram

جريدة اهرام مصر .موقع ويب اخبارى واعلامى

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *