Share Button

الدكروري يكتب عن الهبة في النقدين الذهب والفضة
بقلم/ محمـــد الدكـــروري
إن موقف أهل السنة من بشير أبو النعمان لما منح ولده البستان فإنهم يقولون الوالد لا يقبض عن ولده إلا إذا كان في النقدين، فإذا كانت الهبة من النقدين الذهب والفضة، قال مالك، لا يصح للوالد أن يقبض لولده هبة الذهب والفضة، ولو حتى عزلها وختمها وأبعدها عن ماله مميزة عنه، ولكن يشترط أن يخرجها من تحت يده، ويجعلها تحت يد رجل أمين تكون عنده مخافة فيما بعد، فلو مات الواهب والحال أنه كان قد وهب ولده جزءا من المال وبقي المال تحت يده في صندوقه مع عموم ماله، لربما ادعى الورثة أنه مال أبيهم، وأنه في التركة، لكن عندما يخرجه إلى يد غيره لا يمكن أن يدعوا ذلك، إذا، لابد من اشتراط القبض في الهبة، والقبض كما يقال إن كان مكيلا أو موزونا، أو منقولا فبنقله عن مكانه.

وإن كان ثابتا فبالتخلية بينه وبين الموهوب له، وهنا عمرة بنت رواحة لما قالت لا أقبل، سبب ذلك أنه كان قد سبق من زوجها أن منح ولدها النعمان ثم رجع في منحته، ويقولون إنه وإن كان يقبض عن الصغير إلا أن للوالد أن يرتجع في هبته لولده، وليس هذا لغير الوالد من جد أو أخ أو عم أو غير ذلك، وقد اختلف في الأم هل لها أن ترجع في هبتها لولده ؟ فالحنابلة عندهم رواية عن أحمد رحمه الله، أنها لها ذلك لقوله ” اتقوا الله واعدلوا بين أبنائكم” والأم والدة، وعند المالكية أن الأم لا تملك حق الرجوع في الهبة، لأن الوالد له ولاية على الولد، وهذه ليست موجودة للأم عليه، وجاء النص ” أنت ومالك لأبيك” وهل تلحق الأم بذلك أم لا ؟ قالوا وإن لحقت به في الأخذ من مال ولدها لحاجتها، فلا تلحق به في حق استرجاعه مما أعطى ولده.

ثم يأتون إلى العطية بين الزوجين، فقالوا إذا أعطى الزوج زوجته عطية فلا يحق له أن يرتجعها، والقبض والإذن في ذلك حاصل لأنهما معا في البيت، والمرأة إذا وهبت لزوجها هبة، قالوا من حقها أن ترجع ومن حقها أن تمضي، لما جاء عن عمر رضي الله تعالى عنه قال النسوة يهبن رغبة ورهبة، ومعنى رغبة هو أن تستجلب محبة الزوج، ومعنى رهبة، هو من أن يوقع بها ما يسوءها، ومخافة أن يتزوج عليها، أو أن يسيء عشرتها، أو أن يقصر معها فيما يفعل مع زوجاته الأخريات، وقالوا أيضا أن لها أن ترجع ، لأنه يتوجه إليها الرغبة والرهبة، إذا الهبة بين الزوجين، فالزوج إذا وهب لا يرجع في هبته، والزوجة إذا وهبت لها أن ترجع في هبتها، لأن عندها علة ليست موجودة عند الزوج، وهنا عمرة طلبت من زوجها.

أن يشهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، منحته زوجها لولدها، ويقول ابن حجر نقلا عن بعض العلماء هذا من شؤم التشدد والتنطع، فلو أنها قبلت عطاء زوجها لولدها لمضى الغلام في عطية الوالد، لكنها تعنتت وتشددت وطلبت أن يشهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقوله صلى الله عليه وسلم ” ألك ولد؟ هذا كما يقولون، وهو وجوب الاستفصال من المفتي، إذا استفتاك إنسان وكان الموقف فيه احتمالات بين جواز الأمر أو منعه، فعليك أن تستفصل، فهنا سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم ” ألك ولد ؟ فقال نعم، قال صلى الله عليه وسلم ” أكل ولدك منحته ذلك ؟ قال لا، قال ارتجعه” وقال صلى الله عليه وسلم ” لا أشهد على جور” وقال ” أشهد عليه غيري” وكل هذه الألفاظ جاءت، والذين يقولون ليس للوالد الرجوع بالكلية،

في أي حالة من الحالات أجابوا عن هذه الألفاظ وهذه الروايات في هذا الحديث بأجوبة، أما عن قوله صلى الله عليه وسلم ” أشهد عليه غيري” يقول الشافعي إن الرسول صلى الله عليه وسلم لم يعلمه بأن الهدية باطلة، ولكنه قال أنا بصفتي رسولا لا أشهد على مثلها، ويقولون إنه كحاكم وقاض لا يكون شاهدا، وكما جاء عن عمر رضي الله عنه جاء رجل يحتكم إليه ويشتكي خصما له، فقال ائتني بشهود، قال أنت أحد الشهود، قال أنا لا أكون شاهدا وقاضيا، إن أردتني شاهدا فتقاضى إلى غيري أشهد عنده، وإن أردتني قاضيا فأتني بشهود، أي أن الإنسان لا يكون في وقت واحد شاهدا وقاضيا وبعضهم يقول في قوله صلى الله عليه وسلم ” أشهد عليه غيري، فإني لا أشهد على جور” وهو يبدو والله أعلم لولا مجيء قوله ” لا أشهد على جور” وقوله ” أشهد عليه غيري” فيكون هناك توجيه لما هو الأفضل والأكمل.

Share Button

By ahram

جريدة اهرام مصر .موقع ويب اخبارى واعلامى

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *