Share Button
بقلم / محمـــد الدكـــروري
لقد ذكرت المصادر الإسلامية كما جاء في كتب السيرة النبوية الشريفة الكثير والكثير عن الصحابي حاطب بن أبي بلتعة، الذي أخطأ في غزوة فتح مكة في حق المسلمين حيث أرسل الرسالة سرا إلي سادة قريش يخبرهم بقدوم النبي صلي الله عليه وسلم وأصحابة، لغزوهم ولكن النبي صلي الله عليه وسلم عفا عنه، وإن المبرر الذي ذكره حاطب بن أبي بلتعة قد لا يقبله الكثيرون، بل إن عمر بن الخطاب رضي الله عنه، وكلنا يعلم ورعه وفطنته وعدله لم يقبله، ورأى أن يُقتل بهذا الجُرم، فكيف يسوغ أن يحاول حماية أهله على حساب جيش كامل، ثم كيف يعصي أمرا مباشرا لرسول الله صلى الله عليه وسلم؟ ومع كل هذا إلا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم رحمه واسعة، وقبل منه عذره في صفح عجيب.
وعفو نادر، وقدّر موقفه، وعذره، ولم يُوجّه له كلمة لوم أو عتاب، بل إنه رفع من قدره، وعظم مكانته، وقال لعمر وعمر يعلم ذلك ” إنه قد شهد بدر، وما يدريك لعل الله أن يكون قد أطلع علي أهل بدر فقال اعملوا ما شئتم فقد غفرت لكم” فإن العدل شيء، والرحمة شيء آخر، وإن العدل قد يقتضي أن يُعاقَب حاطب بن أبي بلتعة بصورة أو بأخرى، ولكن الرحمة تقتضي النظر إلى الأمر بصورة أشمل، فنرى من الذي فعل الفعل، وما تاريخه، وما سوابقه المماثلة، وما أعماله السالفة، وهل هو من أهل الخير أم من أهل الشر، وما الملابسات والخلفيات لهذا الحدث، فإن العلاج العاقل يقتضي كظم الغيظ، والتدبر في روية وهدوء، وإن الرحمة تقتضي عدم الانسياق وراء عاطفة العقاب، وتلتزم بالبحث الحثيث.

Share Button

By ahram

جريدة اهرام مصر .موقع ويب اخبارى واعلامى

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *