Share Button

الدكروري يكتب عن خروج سجاح علي الإسلام

بقلم / محمـــد الدكـــروري

 

قيل أنه لما رأت سجاح بنت الحارث التميمية مدعية النبوة، إحجاما من قومها التفتت نحو اليمامة حيث كان مسيلمة الكذاب يتحفز كذلك للخروج على الإسلام، وانتشرت أخبار دعوته في الجزيرة العربية، إلا أنه وجد نفسه في وضعٍ حرج فقد خشى أن تشغله سجاح عن قتال أبي بكر الصديق رضى الله عنه، فى الوقت الذى كان يترقب فيه زحف المسمين إليه، كما كان يتعرض لضغط القبائل المجاورة، لذلك عرض عليها التاهم والتعاضد ما دام هدفهما واحدا وهو الزحف نحو الحجاز، وأسفرت المفاوضات التي جرت بينهما عن نتائج وهو التقارب الأسرى بالزواج، ودمج قدراتهما لمواجهة المسلمين والسيطرة على الجزيرة العربية، ويؤدى مسيلمة لسجاح نصف غلات اليمامة، وفعلا تم الزواج بينهما.

 

وأقامت سجاح مع مسيلمة مدة ثلاثة أيام، ثم عادت بعدها إلى قومها في أرض الجزيرة دون سبب ظاهر، حاملة معها شطر النصف مما اتفقا عليه، وتركت وراءها ممثليها مع مسيلمة ممن سيحملون لها النصف الآخر، وأقبلت فى غضون ذلك الجيوش الإسلامية فاجتاحت اليمامة وقتلت مسيلمة، وظلت سجاح في بني تغلب تعيش مغمورة بين أهلها، ثم دخلت في الإسلام عندما انتهى رأى أسرتها إلى الاستقرار في البصرة التي غدت المركز الأول لبني تميم في عهد بني أمية، وعاشت مسلمة، ولما بلغها سير القائد خالد بن الوليد بقواته نحو اليمامة بعد أن قضى على حركتى طليحة بن خويلد الأسدي ومالك بن نويرة، عادت إلى بلاد الرافدين وبقيت بين قومها من بنى تغلب ثم تابت إلى الإسلام وحسن إسلامها.

 

بعد مقتل مسيلمة على يد وحشي، وتوفيت في عهد الخليفة الأموى الأول معاوية بن أبى سفيان بمدينة البصرة، وقيل بل كانت وفاتها بمدينة الكوفة، وقيل أنها ماتت في سنة خمس وخمسين من الهجرة، وقد يبدو للوهلة الأولى أن سجاح كانت مدفوعة بحميتها الدينية لمحاربة المسلمين، فهي بحكم عقيدتها النصرانية، فقد نقمت على رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم وأتباعه أو للتبشير بدين جديد على إثر انتشار ظاهرة التنبؤ في الجزيرة العربية، لكن هذين الدافعين كانا غطاء لدافع سياسى يُعد الدافع الرئيسى لحركتها، فقد كان بنو يربوع أقرب بطون تميم إلى نفوذ الفرس، يُعزز ذلك أنها اجتمعت أثناء رحلتها بعملاء لفارس من أبناء البوادي العراقية والنجدية، كما كان مسرح عملياتها المناطق التي كانت فارس تحرص على تجديد نفوذها القديم فيها.

 

وعليه تكون مهمة هذه المتنبئة قد توضحت على هذه الصورة، فقد قضت وقعة ذي قار، على هيبة فارس في الجزيرة العربية، وساء ظن الأكاسرة حكام فارس بالمناذرة ملوك الحيرة الذين كانوا صنائعهم ويعتمدون عليهم في إخضاع القبائل العربية، القريبة والبعيدة وتأمين تجارتهم إلى اليمن، فنكلوا بهم وقضوا على دولتهم قبيل ذلك بقليل، فأرسلوا امرأة تغلبية لتخلف المناذرة في هذه المهمة القديمة، فانحدرت مدفوعة من الفرس وعمّالهم في العراق كي تؤجج الثورة في الجزيرة العربية على الحكم الإسلامي المتنامي، وتمهد الطريق لفارس لاستعادة ما كان لها من نفوذ وسلطان في كثير من أرجائها.

Share Button

By ahram

جريدة اهرام مصر .موقع ويب اخبارى واعلامى

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *