Share Button
الدكروري يكتب عن غضب فاطمة الزهراء من أبي بكر
بقلم / محمـــد الدكـــروري
قيل أن السيدة فاطمة الزهراء رضي الله عنها ذهبت لتأخذ ميراث النبي صلي الله عليه وسلم من الخليفة أبي بكر الصديق، ولكنه رضي الله عنه قال لها بأن الأنبياء لم يورثوا، وكان سبب غضبها مع احتجاج أبي بكر الصديق بالحديث فلاعتقادها تأويل الحديث على خلاف ما تمسك به أبو بكر الصديق، وكأنها اعتقدت تخصيص العموم في قوله “لا نورث” ورأت أن منافع ما خلفه من أرض وعقار لا يمتنع أن تورث عنه، وتمسك أبو بكر الصديق بالعموم رضي الله عنه، فهل في مثل هذا الفقه ما يثيره أولئك القوم من هذه الفتن والمحن، التي يجترءون بها على مقام صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم، ويذمون من ثبت في القرآن مدحهم والثناء عليهم، ونحن نعرف في هذا أقوالا كثيرة، حتى إن ابن حجر رحمه الله أفاض فيها وذكرها.
ومن ذلك في هذا السياق ما ذكر في الصحيح أيضا أنه لما ماتت السيدة فاطمة رضي الله عنها دفنها علي ليلا لم يؤذن بها أبا بكر الصديق، فقالوا ذلك خصومة، وذلك لئلا يصلي عليها أبو بكر وغير ذلك، لكن ماذا قال أهل العلم؟ قالوا كان ذلك بوصية منها لإرادة الزيادة في التستر، ولعله لم يعلم علي أبا بكر بموتها لأنه ظن أن ذلك لا يخفى عليه، وليس في الخبر ما يدل على أن أبا بكر لم يعلم بموتها ولا صلى عليها، والإمام علي بن أبى طالب قد بايع أبا بكر الصديق وكان الناس قريبا منه، ورجع إلى المعروف رضي الله عنه وأرضاه بعد موت السيدة فاطمة وأعلن بيعته، ولم يكن في تركه للبيعة قبل موتها شق عصا ولا مخالفة، ولا إبطال لهذه البيعة، لكنه احترم شعور فاطمة وحزنها، وانشغل بها حتى قضى الله ذلك الأمر.
قال المازري رحمه الله العذر للإمام علي في تخلفه مع ما اعتذر هو به أنه يكفي في بيعة الإمام أن يقع من أهل الحل والعقد، ولا يجب الاستيعاب، ولا يلزم كل أحد أن يحضر عنده ويضع يده في يده، بل يكفي التزام طاعته والانقياد له بألا يخالفه ولا يشق العصا عليه، وهذا كان حال علي ، فلم يقع منه إلا التأخر عن الحضور عند أبي بكر ، وقد ذكر سبب ذلك، وأما رواية البخاري أن ذلك كان كراهية حضور عمر بن الخطاب، قالوا لأن عمر بن الخطاب كان رجلا صلبا شديدا، فخشوا من أن تكون المعاتبة وشدة القول في الأخذ والرد، وهم كانوا يريدون المصافاة، حتى إنه لما أراد أن يذهب قيل له لا تذهب إليهم، فقال وما عساهم أن يفعلوا بي وقال الإمام علي رضي الله عنه في سياق هذا الحديث كلاما نفسيا رضي الله عنه وأرضاه.
وقال أبو بكر كلاما نفيسا كذلك، فتشهد الإمام علي أي قال أشهد ألا إله إلا الله، واستفتح الكلام فقال إنا قد عرفنا فضلك وما أعطاك الله، ولم ننفس عليك خيرا ساقه الله إليك، ولكنك استبددت علينا بالأمر، وفي شرح ذلك قالوا إن عليا كان يرى أن بعض الأمور كان ينبغي أن يشهدها ويستشار فيها، وأبو بكر رضي الله عنه كان يرى جزم الأمر والإسراع فيه لئلا لا ينفرط الحبل، وعلي شغل برسول الله صلى الله عليه وسلم، وبالسيدة فاطمة من بعده، فلم يكن إلا ذلك، وقال الإمام علي رضي الله تعالى عنه وكنا نرى لقرابتنا من رسول الله صلى الله عليه وسلم نصيبا، وقال الراوي كما جاء في صحيح البخاري، حتى فاضت عينا أبي بكر بكاء رضي الله عنه، فلما تكلم قال والذي نفسي بيده، لقرابة رسول الله صلى الله عليه وسلم.
أحب إلي أن أصل من قرابتي، وأما الذي شجر بيني وبينكم من هذه الأموال فلم آل فيه عن الخير، ولم أترك أمرا رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يصنعه إلا صنعته، فقال علي لأبي بكر موعدك العشية للبيعة، فلما صلى أبو بكر الظهر رقي على المنبر فتشهد وذكر شأن علي وتخلفه عن البيعة وعذره بالذي اعتذر إليه، ثم استغفر، ثم تشهد علي فعظم حق أبي بكر وحدث أنه لم يحمله على الذي صنع نفاسة على أبي بكر ولا إنكارا للذي فضله الله به، ولكنا كنا نرى لنا في الأمر نصيبا فاستبد علينا فوجدنا في أنفسنا، فسر بذلك المسلمون وقالوا أصبت، وكان المسلمون إلى علي قريبا حين راجع المعروف، فهل في هذا النص ما يقوله القائلون وما يرجف به المرجفون.
وما يقوله الذين أفسدوا على الناس مقام أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وما ينبغي أن يكون عليه حالهم؟ وإن كان الناس يبرءون أنفسهم من مثل هذه الشحناء فكيف بأصحاب رسول الله عليه الصلاة والسلام؟ بل كيف بالصفوة المباركة من المقربين من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم؟
Share Button

By ahram

جريدة اهرام مصر .موقع ويب اخبارى واعلامى

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *