Share Button
الدكروري يكتب عن مؤسس علم الإجتماع الحديث
بقلم / محمـــد الدكـــروري
ذكرت المصادر الإسلامية كما جاء في كتب التاريخ الإسلامي الكثير عن أئمة الإسلام والمسلمين والذي كان من بينهم الإمام إبن خلدون ويعتبر ابن خلدون هو مؤسس علم الاجتماع وأول من وضعه على أسسه الحديثة، وقد توصل إلى نظريات حول قوانين العمران ونظرية العصبية، وبناء الدولة وأطوار عمارها وسقوطها وقد سبقت آراؤه ونظرياته ما توصل إليه لاحقا بعدة قرون عدد من مشاهير العلماء كالعالم الفرنسي أوجست كونت، وقد عدد المؤرخون لابن خلدون عددا من المصنفات في التاريخ والحساب والمنطق غير أن أشهر كتبه كتاب العبر وديوان المبتدأ والخبر في أيام العرب والعجم والبربر ومن عاصرهم من ذوي السلطان الأكبر في سبعة مجلدات أولها المقدمة المشهورة أيضا بمقدمة ابن خلدون.
وتشغل من الكتاب ثلثه، وهي عبارة عن مدخل موسع للكتاب وفيها يتحدث ابن خلدون ويؤصل لآرائه في الجغرافيا والعمران وهو علم الاجتماع والفلك وأحوال البشر وطبائعهم والمؤثرات التي تميز بعضهم عن الآخر، واعتزل ابن خلدون الحياة بعد تجارب مليئة بالصراعات والأحزان على فقد الأعزاء، من أبويه وكثير من شيوخه إثر وباء الطاعون الذي انتشر في جميع أنحاء العالم سنة سبعمائة وتسع وأربعين للهجرة، حيث تفرغ بعدها أربع سنوات في البحث والتنقيب في العلوم الإنسانية، حتى اعتزل الناس آخر عمره، ليكتب سفره أو ما عرف بمقدمة ابن خلدون مؤسسا لعلم الاجتماع بناء على الاستنتاج والتحليل في التاريخ وحياة الإنسان، واستطاع بتلك التجربة القاسية أن يمتلك صرامة موضوعية في البحث والتفكير.
وقد ابتكر ابن خلدون وصاغ فلسفة للتاريخ هي بدون شك أعظم ما توصل إليه الفكر البشري في مختلف العصور والأمم، وإن مؤلف ابن خلدون هو أحد أهم المؤلفات التي أنجزها الفكر الإنساني، وإن مؤلف ابن خلدون يمثل ظهور التاريخ كعلم، وهو أروع عنصر فيما يمكن أن يسمى بالمعجزة العربية، وإن مكانة عائلته الاجتماعية مكنته من الدراسة على يد أفضل المدرسين في المغرب العربي، فتلقى علم التربية الإسلامية التقليدية، ودرس القرآن الكريم الذي كان يحفظه عن ظهر قلب، واللسانيات العربية، وأساس فهم القرآن، الحديث، الشريعة أوالقانون والفقه علم التاريخ، ولقد تجمعت في شخصية ابن خلدون العناصر الأساسية النظرية والعملية التي تجعل منه مؤرخا حقيقيا رغم أنه لم يول في بداية حياته الثقافية.
عناية خاصة بمادة التاريخ ذلك أنه لم يراقب الأحداث والوقائع عن بعد كبقية المؤرخين، بل ساهم إلى حد بعيد ومن موقع المسؤولية في صنع تلك الأحداث والوقائع، خلال مدة طويلة من حياته العملية تجاوزت خمسين عاما، وضمن بوتقة جغرافية امتدت من الأندلس وحتى بلاد الشام فقد استطاع، ولأول مرة، إذا استثنينا بعض المحاولات البسيطة هنا وهناك أن يوضح أن الوقائع التاريخية لا تحدث بمحض الصدفة أو بسبب قوى خارجية مجهولة، بل هي نتيجة عوامل كامنة داخل المجتمعات الإنسانية، لذلك انطلق في دراسته للأحداث التاريخية من الحركة الباطنية الجوهرية للتاريخ.
Share Button

By ahram

جريدة اهرام مصر .موقع ويب اخبارى واعلامى

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *