Share Button
الدكروري يكتب عن محنة أبي ذر مع معاوية
بقلم / محمـــد الدكـــروري
لقد حدثت محنة عظيمة للصحابي الجليل أبي ذر الغفاري، فقيل أنه حين سافر إلى دمشق وجد الناس يميلون إلى الدنيا ميلا عظيما، ويركنون إليها، فذهب إلى معاوية بن أبى سفيان، والى دمشق يومئذ، ودخل معه في حوار ساخن وعاصف، أدى إلى أن شكاه معاوية لدى الخليفة عثمان بن عفان، رضى الله عنه، فقال أبو ذر الغفاري للخليفة عثمان بن عفان، أتأذن لي في الخروج من المدينة، فأذن له، فنزل منطقة تسمى الربدة، وبنى بها مسجدا، وأجرى عليه عثمان العطاء، وقد لحقت أم ذر بزوجها، وأقامت معه فيها، إلا أن صعوبة الحياة هنالك، أدت إلى أن مرض زوجها، وكان شيخا لا يقدر على رمضاء هذا الجو، فقامت في خدمته لا تمل ولا تتعب ولا تشتكي، بل ظلت وفية له ومخلصة في إيمانها.
وفى يوم من الأيام، أدركت أن زوجها على أعتاب الموت فبكت، فقال لها زوجها فيم البكاء والموت حق؟ فأجابته، بأنها تبكي لأنه يموت وليس عندها ثوب يسعه كفنا، فيبتسم في حنان وقال لها اطمئني، لا تبكى، فإني سمعت النبي الكريم صلى الله عليه وسلم ذات يوم وأنا عنده في نفر من أصحابه يقول “ليموتن رجل منكم بفلاة من الأرض تشهده عصابة من المؤمنين” فرأيت كل من كان معي في ذلك المجلس مات في جماعة وقربة، ولم يبق منهم غيري، وها أنا ذا بالفلاة أموت، فراقبي الطريق، فستطلع علينا عصابة من المؤمنين، فإني والله ما كَذبت ولا كُذبت، ثم فاضت روحه إلى الله سبحانه وتعالى، وبينما هو مُسجّى على حجرها إذ رأت قافلة من المؤمنين قد أخذت في الظهور من جانب الصحراء.
وكان بينهم عبد الله بن مسعود صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، فنزل عبد الله رضى الله عنه، وقام بغسله وتكفينه ودفنه، ثم واسى أهله، وأخذهم معه إلى الخليفة عثمان في المدينة، وهذه هي أم ذر، زوجة الصحابي الجليل أبي ذر الغفاري، رضي الله عنهما، ما ماتت حتى تركت لنا مثالا عظيما في الوفاء لزوجها، والإخلاص له، والزهد في الدنيا، فقد ظلت بجانبه إلى آخر حياته وأكرمته، وظلت تحرسه حتى بعد موته، وصبرت معه على شظف العيش ومجاهدة النفس وغوائل الشهوة، وهكذا تكون المرأة المؤمنة الصالحة، ترضي زوجها، كي تنال رضا ربها، فرضي الله عن أم ذر وأرضاها، وكان لأم ذر موقفه مع السيدة عائشة رضى الله عنهما، فعن أيوب أن أم ذر دخلت على السيدة عائشة رضي الله عنها.
تسلم عليها وذلك في رمضان، فقالت لها السيدة عائشة أتسافرين في رمضان، ما أحب أن أسافر في رمضان، ولو أدركني وأنا مسافرة لأقمت، وعن محمد بن واسع أن رجلا من البصرة ركب إلى أم ذر بعد وفاة أبي ذر يسألها عن عبادة أبي ذر، فأتاها فقال جئتك لتخبريني عن عبادة أبي ذر رضي الله تعالى عنه، قالت كان النهار أجمع خاليا يتفكر، وقالت أم ذر، قالت أم ذر والله ما سير عثمان أبا ذر ولكن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال “إذا بلغ البناء سلعا فاخرج منها” فلما بلغ البناء سلعا وجاوز خرج أبو ذر إلى الشام.
Share Button

By ahram

جريدة اهرام مصر .موقع ويب اخبارى واعلامى

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *