Share Button
الدكروري يكتب عن موقف أبو سفيان في فتح مكة
بقلم / محمـــد الدكـــروري
لقد كان هناك موقف عظيم من سيد قريش أبي سفيان بن حرب، وهو أن أبو سفيان رغم أنه أسلم قبل الفتح بساعات وهي فترة قليلة جدا، إلا أنه لم ينسي قومه الذين جعلوه سيدا عليهم من قبل، ولم ينسى أن يسعى لحقن دمائهم وإن كانوا كافرين، ولم يكن أمثال القادة الذين يحتمون بشعوبهم فإذا دارت عليهم الدائرة طلبوا الأمان لأنفسهم، وضحوا بجميع من تحتهم، ولم يكن رسول الله صلي الله عليه وسلم بأقل من أبي سفيان في حرصه على حقن دماء القرشيين أعداء الأمس، فقال صلى الله عليه وسلم لأبي سفيان “‏ بل اليوم يوم تعظم فيه الكعبة، اليوم يوم أعز الله فيه قريشا ‏” ‏وأرسل من توه إلى سعد بن عبادة رضي الله عنه فأخذ منه راية الأنصار، ودفعها إلى ابنه قيس بن سعد، وجعله الأمير خلفا له.
ولم يشأ صلى الله عليه وسلم أن يجعلها في يد أحد غير ابنه فيحز ذلك في نفسه، وتلك أبلغ الحكمة في تصرف القائد في الأمور الحساسة الدقيقة، وذلك لأن سعد عبادة قال بكلمات انتقامية وعدوانية ضد قريش، وبأن اليوم تهان فيه قريش، وبعد ذلك أرسل النبى صلى الله عليه وسلم أبا سفيان وحكيم بن حزام وبديل بن ورقاء رضي الله عنهم ليدعوا أهل مكة إلى الإسلام، ويطمئنوهم على أنه لن ينالهم من رسول الله صلي الله عليه وسلم مكروه إن هم تحاشوا الصدام معه، وخلوا بينه وبين دخول مكة، وأوصاهم أن يعلنوا حالة منع التجول لحظة دخول الجيش، حيث طلب منهم أن ينادوا في الناس، أن من دخل دار أبي سفيان فهو آمن، لأنها كانت بأعلى مكة، فيسهل أن يدخل بها أهل البوادي أو من خرجوا للرعي بالجبال.
ويصعب عليهم العودة إلى مساكنهم، ومن دخل دار حكيم فهو آمن، وكانت بأسفل مكة، يدخل إليها القريبون منها، ومن دخل المسجد الحرام فهو آمن، ومن أغلق على نفسه داره فهو آمن، وهكذا قد استجاب أهل مكة لدعوة أبي سفيان وحكيم وبديل، فخلوا الطرق لرسول الله صلى الله عليه وسلم ولم يتصد لجيوشه الأربع سوى مجموعة من الأوباش، جمعهم صفوان بن أمية، وعكرمة بن أبي جهل مع بني بكر، تعرضوا لخالد بن الوليد عند دخوله من أسفل مكة، حتى إذا اشتد عليهم القتال فروا من أمامه، وتفرقوا إلى ديارهم، فلما وصل الخبر إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال ” يا خالد لمَ قاتلت وقد نهيتك عن القتال”؟ قال هم بدءونا بالقتال، ووضعوا فينا السلاح، وأشعرونا بالنبل، وقد كففت يدي ما استطعت.
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ” قضاء الله خير” ونجحت خطة رسول الله صلى الله عليه وسلم المحكمة، إذ دخل مكة فاتحا بأقل خسارة، فلم يُقتل من المسلمين سوى رجلين ضلا الطرق وتاهوا عن جيش خالد بن الوليد، وأما المشركون فكان عدد من قتل منهم أمام جيش خالد بن الوليد بضعة وعشرين رجلا، وكانوا قد أصروا على المواجهة وكان دخوله صلى الله عليه وسلم لعشر بقين من رمضان دخولا يتلاءم مع عظمته وسمو أخلاقه، حيث علاه التواضع حين رأى ما أكرمه الله به من الفتح، وأحنى رأسه على دابته، حتى إن شعر لحيته، ليكاد يمس عنق الدابة، وأخذ يردد ” اللهم إن العيش عيش الآخرة”
Share Button

By ahram

جريدة اهرام مصر .موقع ويب اخبارى واعلامى

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *