Share Button

الدكروري يكتب عن الإمام الفقية الكاتب والوزير المتواضع

بقلم / محمـــد الدكـــروري  

 

ذكرت المصادر الإسلامية الكثير عن العلماء والفقهاء وكان من بينهم الإمام العادل عون الدين أبي المظفر يحيى بن محمد بن هبيرة بن سعيد بن الحسن بن جهم الشيباني، وذكر أنه قد تم استدعاء ابن هبيرة من قبل الخليفة محمد المقتفي لأمر الله العباسي إلى داره وقلده الوزارة، ومشى أرباب الدولة وأصحاب المناصب كلهم بين يديه وهو راكب إلى الإيوان في الديوان، وكان يوما مشهودا، وكان ذلك تقليدا عظيما لمن يتولى الوزارة، ولكن الرجل لما بلغ ذلك المنصب لم يفسد، ولم ينشغل بأمور الدنيا، ولم يترك طلب العلم، وهذا درس عظيم جدا يؤخذ من حياة هذا الإمام، بل إن أخلاقه قد ازدادت بعد توليه الوزارة، وكان يقول بعد توليه الوزارة لا تقولوا في ألقابي، سيد الوزراء، لماذا نهاهم عن تسميته بسيد الوزراء؟ 

 

قال لأن الله سمى هارون وزيرا، وجاء عن النبي صلى الله عليه وسلم أن وزيريه من أهل السماء جبريل، وميكائيل، ومن أهل الأرض أبو بكر، وعمر، فإذا قيل سيد الوزراء، قد يتوهم دخول هارون، وأبي بكر، وعمر في هؤلاء الوزراء، ولا يمكن أن يكون سيدا لهم، ولا يجوز أن يكون كذلك، فكان يتنبه حتى لهذه المسائل، وكان متواضعا تعالى، لم يشغله أو يطغه المنصب، بل كان ملتزما لجانب التواضع، وقال إن النبي صلى الله عليه وسلم قال “إن الله اختارني، واختار لي أصحابا، فجعلهم وزراء وأنصارا” ويقول الوزير ابن هبيرة ولا يصلح أن يقال عني إني سيد هؤلاء السادة، واستمر في المنصب حتي خلافة يوسف المستنجد بالله العباسي، وقال ابن الجوزي كان يجتهد في اتباع الصواب. 

 

ويحذر من الظلم ولا يلبس الحرير، قال لي لما رجعت من الحلة، دخلت على المقتفي، فقال لي ادخل هذا البيت وغير ثيابك، فدخلت فإذا خادم وفراش معهم خلع الحرير، فقلت والله ما ألبسها فخرج الخادم فأخبر الخليفة، فسمعت صوته يقول قد والله قلت إنه ما يلبسه، وكان المقتفي معجبا به ولما استخلف المستنجد، دخل ابن هبيرة عليه فقال يكفي في إخلاصي أني ما حابيتك في زمن أبيك، فقال صدقت، قال وقال مرجان الخادم سمعت المستنجد بالله ينشد وزيره وقد قام بين يديه في أثناء مفاوضة ترجع إلى تقرير قواعد الدين والصلاح، وأنشده لنفسه، ضفت نعمتان خصتاك وعمتا فذكرهما حتى القيامة يذكر وجودك والدنيا إليك فقيرة، وجودك والمعروف في الناس ينكر، فلو رام يا يحيى مكانك جعفر. 

 

ويحيى لكفا عنه يحيى وجعفر، ولم أري من ينوي لك السوء يا أبا المظفر إلا كنت أنت المظفر، وقال ابن الجوزي وكان مبالغا في تحصيل التعظيم للدولة، قامعا للمخالفين بأنواع الحيل، حسم أمور السلاطين السلجوقية وقد كان آذاه شحنة في صباه فلما وزر، استحضره وأكرمه، وكان يتحدث بنعم الله، ويذكر في منصبه شدة فقره القديم، وقال نزلت يوما إلى دجلة وليس معي رغيف أعبر به، وكان يكثر مجالسة العلماء والفقراء، ويبذل لهم الأموال فكانت السنة تدور وعليه ديون، وقال ما وجبت علي زكاة قط، وكان إذا استفاد شيئا من العلم قال أفادنيه فلان وقد أفدته معنى حديث، فكان يقول أفادنيه ابن الجوزي، فكنت أستحيي وجعل لي مجلسا في داره كل جمعة، ويأذن للعامة في الحضور.

Share Button

By ahram

جريدة اهرام مصر .موقع ويب اخبارى واعلامى

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *