Share Button

الدكروري يكتب عن القاضي الذي تحدي الوزير والسلطان

بقلم / محمـــد الدكـــروري  

 

ذكرت المصادر الإسلامية التاريخية الكثير والكثير عن الإمام العز إبن عبد السلام وهو أبو محمد عز الدين عبد العزيز بن عبد السلام بن أبي القاسم بن حسن السلمي الشافعي، وقيل أنه عندما أفتي العز ببيع الأمراء المماليك ثم عتقهم وتم ذلك بالفعل بعد قصة طويلة، ولم تمضي سنة على حادثة بيع الأمراء حتى وصل إلى علم العز بن عبد السلام ما فعله أستاذ الدار عند السلطان وهو ما يعادل اليوم كبير أمناء الحاكم، وهو معين الدين بن شيخ الشيوخ، والذي كان يجمع إلى منصبه اختصاصات الوزير وقائد الجيش، لكنه يوصف بأنه كان متحللا وعابثا ومعتدا بقوته ومنصبه، ولذلك تجرأ على منكر كبير، يخالف أحكام الدين ويسخر بالشرع، ويسيء إلى مشاعر المسلمين، فبنى فوق أحد مساجد القاهرة طبلخانة. 

 

أي قاعة لسماع الغناء والموسيقى، وذلك سنة ستمائة وأربعين من الهجرة، وما أن ثبت ذلك عند العز وهو يتولى منصب قاضي القضاة حتى غضب، وأصدر أمره بهدم البناء، ولكنه خشي من الجُبن في التنفيذ أو المعارضة في الهدم، فقام بنفسه وجمع معه أولاده والموظفين عنده وذهب إلى المسجد، وحمل معوله معهم، وقاموا بإزالة المنكر وهدم البناء المستحدث فوق المسجد، ولم يكتفي العز بهذا التحدي للوزير والسلطان معا، بل أسقط عدالة الوزير بما يعني عدم قبول روايته وشهادته، وعزل نفسه عن القضاء حتى لا يبقى تحت رحمة السلطان وتهديده بالعزل أو غيره، وكان لهذا العمل دوي هائل وأثر عجيب، وتنفس الناس الصعداء من تسلط الحكام وارتكاب المخالفات وممارسة التجاوزات الشرعية.

 

ولم يجرؤ أحد أن يمس العز بسوء، بل أدرك السلطان أيوب أن الحق مع العز، وتلطف معه للعودة إلى القضاء ولكنه أصر على ذلك، وطار الخبر في الآفاق حتى وصل إلى الخليفة العباسي في بغداد، وقال ابن السبكي واتفق أن جهّز السلطان الملك الصالح رسولا من عنده إلى الخليفة المستعصم ببغداد، فلما وصل الرسول إلى الديوان ووقف بين يدي الخليفة وأدى الرسالة، خرج إليه وسأله هل سمعت هذه الرسالة من السلطان؟ فقال لا، ولكن حملنيها عن السلطان معين الدين بن شيخ الشيوخ أستاذ داره، فقال الخليفة إن المذكور أسقطه ابن عبد السلام، فنحن لا نقبل روايته، فرجع الرسول إلى السلطان بمصر حتى شافهه بالرسالة، ثم عاد إلى بغداد، وأداها، وكما شارك العز بن عبد السلام عمليا في الجهاد والقتال. 

 

ضد الصليبيين الذين اتجهوا لاحتلال دمياط وسائر مصر بعد أن وصلوا إلى المنصورة، واستظهروا على المسلمين، فهّب الجيش المسلم في مصر لمواجهة الغزاة، وقال ابن السبكي وكان الشيخ العز بن عبد السلام مع العسكر، وقويت الريح، فلما رأى الشيخ حال المسلمين نادى بأعلى صوته مشيرا بيده إلى الريح يا ريح خذيهم عدة مرات، فعادت الريح على مراكب الفرنج فكسرتها، وكان الفتح، وغرق أكثر الفرنج، وصرخ من بين يدي المسلمين صارخ الحمد لله الذي أرانا في أمة محمد صلي الله عليه وسلم رجلا سخر له الريح، وكان النصر المبين للمسلمين، واعتبر المؤرخون هذه الصيحة من كرامات العز بن عبد السلام.

Share Button

By ahram

جريدة اهرام مصر .موقع ويب اخبارى واعلامى

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *