Share Button

الدكروري يكتب عن صاحب كتاب عامان في عمان

بقلم / محمـــد الدكـــروري  

 

ذكرت المصادر التاريخية الكثير والكثير عن الإمام الزركلي وهو خير الدين بن محمود بن محمد بن علي بن فارس الزركلي، وهو صاحب كتاب عامان في عمان الكتاب الذي ألفه في مرحلة إقامته بعمان، التجأ الزركلي إلى القاهرة بعد خروجه من عمان، وانصرف إلى العمل الثقافي، فأنشأ المطبعة العربية وطبع فيها كتبه، ونشر كثيرا من كتب التراث، ولما ساءت صحته من العمل في المطبعة باعها واستجم ثلاث سنوات زار خلالها الحجاز مدعوا من الملك عبد العزيز بعد أن أمسك مقاليد الحكم فيها، ثم ذهب إلى القدس وأصدر مع زميلين له جريدة الحياة اليومية، ولما عطلت سلطات الاحتلال الصحيفة شارك في تحرير جريدة الدفاع، في يافا مع إبراهيم طوقان، وعبد الكريم الكرمي، وسامي السراج. 

 

وفي بيروت أنجز الزركلي كتابه شبه الجزيرة، ومختصره الوجيز في سيرة الملك عبد العزيز، والطبعة الثالثة من كتاب الأعلام، أتبعها بالمستدرك الثاني، وكما تعرّف هناك علماء أفادوه في كتبه، منهم حمد الجاسر، وظافر القاسمي، وزهير الشاويش، وكان يتردد بين الفينة والفينة على دمشق، والسعودية، والقاهرة، ويزور سويسرة لمراجعة الطبيب شتوكي بشأن ضربات قلبه التي أصبحت أدنى من المستوى الطبيعي، وفي إحدى ليالي أوائل عام ألف وتسعمائة وسبع وستين ميلادي، تم نقل الزركلي إلى مستشفى الجامعة الأمريكية في بيروت إثر إغماءة وأصابته، وتم علاجه بتقوية حركة القلب بجهاز كهربائي، وبعد أن استرد عافيته سافر إلى دمشق ومكث فيها أياما قليلة، وفي أواخر سنة ألف وتسعمائة وسبع وستين ميلادي.

 

سافر إلى القاهرة حيث يقيم أبناؤه الدكتور غيث وأخواته الثلاث، وتم دخوله مستشفى المعادي، وتم نقله بعدها إلى مستشفى الشوربجي حيث توفي يوم الخميس الثالث من ذي الحجة، وتم الصلاة عليه يوم الجمعة في مسجد عمر مكرم، ودُفن بالقاهرة، وقد عرفت المجامع العربية للزركلي مكانته، فقد ضمه إلى أعضائه كل من المجمع العربي بدمشق ومجمع اللغة العربية بالقاهرة والمجمع العلمي العراقي وكان يحتفى به في كل بلد عربي ينزله، وقام الزركلي برحلات إلى إنجلترا، والولايات المتحدة الأمريكية، وتركيا، وإيطاليا، واليونان، وسويسرا، وتونس، فتيسر له في أغلب هذه الرحلات الطواف على أهم خزائن الكتب فيها، وقد أتاحت له صفته الدبلوماسية في بعض تلك الرحلات زادا وافرا من المخطوطات. 

 

والمطبوعات النادرة، جمعها في خزانة كتبه، ولم يكن بُعد الشقة قط مانعا له من السفر للحصول على كتاب أو مخطوطة، ويحدث هو بأنه كان مرة في إسطنبول يفتش عن كتاب خاص، فأخبر بأنه موجود في بلدة مغنيسة فركب السيارة إليها، وأمضى في الطريق إحدى عشرة ساعة، ولما وصلها وزار مكتبتها وجدها من أغنى المكتبات، لكنها بغير فهارس، وكانت تملأ اثني عشر درجا، فراح يستعرض الدرج الأول خلال صيف كامل، وعاد في الصيف التالي لاستعراض مخطوطات الدرج الثاني، وظل يعاود الزيارة إلى أن اطلع عليها جميعا، وكما أن الزركلي شاعر أصيل، التزم قواعد الشعر العربي، وصاغ موشحات على منوال الأندلسيين، وجمع إلى جزالة اللفظ ومتانة الأسلوب، سهولة الوزن وبراعة الوضع.

 

فجاء شعره غاية في الجودة والإبداع، أما نتاجه النثري، فهو وجه آخر لعملة إنتاجه الأدبي، فلا تكاد تفصل بين نثره وشعره، إن أتيته من ناحية القيمة الأدبية وجودة الصياغة.

Share Button

By ahram

جريدة اهرام مصر .موقع ويب اخبارى واعلامى

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *