Share Button

الدكروري يكتب عن قرطبي ترك الوزارة وتفقه في العلوم

بقلم / محمـــد الدكـــروري

 

ذكرت المصادر الكثير والكثير عن علماء وفقهاء الإسلام والمسلمين والذي كان من بينهم الإمام إبن حزم الأندلسي القرطبي، وهو الذي قال عنه الشيخ عبد الواحد بن علي المراكشي، أنه نبذ الوزارة واطرحها اختيارا وأقبل على قراءة العلوم وتقييد الآثار والسنن فنال من ذلك ما لم ينل أحد قبله بالأندلس وكان على مذهب الإمام أبي عبد الله الشافعي، أقام على ذلك زمانا ثم انتقل إلى القول بالظاهر وأفرط في ذلك حتى أربى على أبي سليمان داود الظاهري وغيره من أهل الظاهر وله مصنفات كثيرة جليلة القدر شريفة المقصد في أصول الفقه وفروعه على مهيعه الذي يسلكه ومذهبه الذي يتقلده وهو مذهب داود ابن علي بن خلف الاصبهاني الظاهري ومن قال بقوله من أهل الظاهر ونفاة القياس والتعليل. 

 

فيقول بلغني عن غير واحد من علماء الأندلس أن مبلغ تصانيفه في الفقه والحديث والأصول والنحل والملل وغير ذلك من التاريخ والنسب وكتب الأدب والرد على المخالفين له نحو من أربعمائة مجلد تشتمل على قريب من ثمانين ألف ورقة وهذا شيء ما علمناه لأحد ممن كان في مدة الإسلام قبله إلا لأبي جعفر محمد بن جرير الطبري فإنه أكثر أهل الإسلام تصنيفا فقد ذكر أبو محمد عبد الله بن محمد بن جعفر الفرغاني في كتابه المعروف بالصلة وهو الذي وصل به تاريخ أبي جعفر الطبري الكبير، أن قوما من تلاميذ أبي جعفر لخصوا أيام حياته منذ بلغ الحلم إلى أن توفي في سنة ثلاثمائة وعشر من الهجرة، وهو ابن ست وثمانين سنة ثم قسموا عليها أوراق مصنفاته فصار لكل يوم أربع عشرة ورقة. 

 

وهذا لا يتهيأ لمخلوق إلا بكريم عناية الباري تعالى وحسن تأييده له، ولأبي محمد بن حزم بعد هذا نصيب وافر من علم النحو واللغة وقسم صالح من قرض الشعر وصناعة الخطابة وإنما أوردت هذه النبذة من أخبار هذا الرجل وإن كانت قاطعة للنسق مزيحة عن بعض الغرض لأنه أشهر علماء الأندلس اليوم وأكثرهم ذكرا في مجالس الرؤساء وعلى ألسنة العلماء وذلك لمخالفته مذهب مالك بالمغرب واستبداده بعلم الظاهر ولم يشتهر به قبله عندنا أحد ممن علمت وقد كثر أهل مذهبه وأتباعه عندنا بالأندلس اليوم، وكما قال عنه الإمام جلال الدين السيوطي، أنه كان صاحب فنون وورع وزهد وإليه المنتهى في الذكاء والحفظ، وسعة الدائرة في العلوم أجمع أهل الأندلس قاطبة لعلوم الإسلام. 

 

وأوسعهم مع توسعه في علوم اللسان والبلاغة والشعر والسير والأخبار، وكما قال عنه الإمام الذهبي أنه الإمام الأوحد، البحر، ذو الفنون والمعارف أبو محمد، علي بن أحمد بن سعيد بن حزم بن غالب بن صالح بن خلف بن معدان بن سفيان بن يزيد، الفارسي الأصل، ثم الأندلسي القرطبي اليزيدي مولى الأمير يزيد بن أبي سفيان بن حرب الأموي رضي الله عنه المعروف بيزيد الخير، نائب أمير المؤمنين أبي حفص على دمشق، الفقيه الحافظ، المتكلم، الأديب، الوزير الظاهري، صاحب التصانيف، فكان جده يزيد مولى للأمير يزيد أخي معاوية، وكان جده خلف بن معدان هو أول من دخل الأندلس في صحابة ملك الأندلس عبد الرحمن بن معاوية بن هشام المعروف بعبد الرحمن الداخل 

 

وكما قال عنه الإمام الذهبي أنه قد حط أبو بكر بن العربي على أبي محمد في كتاب القواصم والعواصم، وعلى الظاهرية، قلت لم ينصف القاضي أبو بكر رحمه الله شيخ أبيه في العلم، ولا تكلم فيه بالقسط، وبالغ في الاستخفاف به، وأبو بكر فعلى عظمته في العلم لا يبلغ رتبة أبي محمد، ولا يكاد، فرحمهما الله وغفر لهما.

Share Button

By ahram

جريدة اهرام مصر .موقع ويب اخبارى واعلامى

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *