Share Button

بقلم / محمـــــــد الدكـــــــرورى
خلق الله عز وجل لعبادته وأمرهم بتوحيده وال‘يمان بأن الله وحده لا شريك له وأن الله عز وجل جعل لكل شئ قدرا ولكل شئ سببا ولابد من الإيمان بأن الحياة ليست سهلة ستقدم لنا على طبق من فضة، وأنها ليست مفروشة بالورود والرياحين ..

وأنه لابد من عقبات وتحديات في طريقنا يجب أن نجتازها لنشعر بقيمة الحياة، ونعترف بقيمة ما وهبنا الله من النعم فمعظم الناس ينكرون أو يتجاهلون تلك الحقيقة، ويستسلمون ويهملون قدراتهم وإيجابياتهم في الحياة، ولا يتحلون بالصبر والجهاد في الدنيا للوصول لنعيم وجنات الآخرة …

وقد قال تعالى: (أم حَسبتُم أن تدخُلُوا الجَنَّةَ ولما يَعلَمِ اللهُ الذين جَاهَدُوا مِنكُم ويَعلَمَ الصَّابِرِينَ) وكثيرٌ من الناس أموات وهم على قيد الحياة ولا يدرون إلي أين هم ذاهبون ولا من أين يأتون وما هدفهم من الحياة..

ولا قيمة لهم ولأنفسهم ولمن حولهم؟ وأول مؤشرات ذلك، فقد الثقة بالنفس وفقدها يؤدي لعدم إدراك الإمكانيات والمواهب والطاقات التي حبانا الله إياها، ولن يتسنى لشخص كائناً من كان الثقة بالنفس إلا إذا تمتع بالثقة بالله الذي لا إله إلا هو..

فالثقة بالله تعني الإيمان الكامل وتنير لنا الدروب والثقة بالنفس توضح الهدف من الحياة ومن ثم الوصول لتحقيقه ولابد من مواجهة النفس والبحث عن أسباب عدم الثقة بها،
فما هي أسباب عدم الثقة بالنفس؟؟؟

وهى ازدراء الذات وتحقيرها وعدم إعطائها حقها وعدم الاعتماد على النفس في حل المشكلات والشعور بأن من حولك لا يقدرونك حق قدرك والتخوف من انتقادات الآخرين وعدم رضائهم والانطواء على النفس والشعور بالنقص وهو شعور يحدو بالمرء إلى الإحساس بأن جميع الناس أفضل منه في شيء أو آخر …

ويتنامى هذا الشعور فى الإنسان حتى يُشعره بالدونية والفشل وكذلك عدم الاعتماد على المحاورة والإقناع في التعامل مع الآخرين وكذلك البعد عن معرفة النفس والتعرف عيها والتقليد الأعمى لشخصية أو شخصيات أخرى والذوبان في تلك الشخصية والاستسلام والانهزام عند أي مشكلة أو موقف يحتاج للمواجهة …

وكذلك تحميل الآخرين والمحيطين أسباب الفشل والتقصير ويقال “إذا ما أخطأت وسقطت وارتبكت، فاعلم أن الذنب ذنبك وليس ذنب أهلك أو والديك، وبدلا من أن تبكي وتندب حظك تعلم من أخطائك” وكذلك العيش والانحصار في الجوانب السلبية وعدم محاولة الخروج منها.

والخوف الدائم من الفشل الذي هو الفشل بعينه والشعور بالتقصير في أدوار الحياة الأساسية كالأبوة والزوجية والوظيفة وتقييم النفس تقييما زائفا فاشلا سواء بالسلب أو الإيجاب..

ويقال “متى تعرف نفسك وأنت يا أخي من حين تُصبح إلى حين تنام مشغول عنها؟. ومتى تعرف نفسك وأنت لا تحاول أن تخلو بها ساعة كل يوم تفكر بها؟..

وتقول أنا، فهل خطر على بالك مرة واحدة تسأل نفسك: من أنا؟.. متى تعرف نفسك وأنت أبدا تفكر في الناس كلهم إلا نفسك؟” وايضا الهروب من الاعتراف بجوانب الضعف في النفس… وأما عن علاج أسباب فقد الثقة بالنفس ..

وهو الرضا بتقدير الله وما حباك به.. والتمتع به، والعطاء للآخرين على قدر عطاء الله لك والاعتزاز بالنفس وعدم التظاهر بالثقة بالنفس رغم عدم وجودها ولا تسخر من إنجازاتك وتحقيق احتياجاتك الأساسية ومتطلبات الحياة وتحقيق احتياجات أسرتك ومجتمعك وحفز نفسك لتحقيق المزيد والأمثل …

فالإرادة هي الفاصل بين النجاح والفشل وعدم المبالغة في تأنيب النفس للتقصير في واجب من الواجبات.. فلا تقسو على نفسك في النقد والعتاب فقط اعترف بسلبياتك وأخطائك وابدأ من جديد وكذلك فكر بهدوء وروية عند مواجهة المصاعب ولا تبالغ في مقارنة نفسك بالغير …

فلا تقارن كوامن ضعفك بقوة غيرك، فقدرات الناس ومواهبهم مختلفة، فها هو الرفق والرحمة من صفات أبي بكر، وعمر يتمتع بالشدة وعدم التهاون في الحق، فكان لكلٍّ منهما دوره الفعال في نفع الأمة..

وحاول استثمار مواهبك وتنميتها ولا تنظر نظرة غل وحسد للآخرين لما وهبهم الله و حرمك منه، فستجدهم محرومين من أشياء أخرى مثلك.. وهذه سنة الحياة.

وانظر للجانب المضيء في حياتك وتعرف على مواطن قوتك ومواهبك وواجه القرارات الصعبة بنفسك دون الاعتماد على الآخرين، ولا تأسف على ما فاتك وحاول التعبير عن نفسك ومشاعرك وانفعالاتك وأمنياتك ورغباتك بحرية واتزان ما لم تؤذ مشاعر الغير ولا تجعل لفشل الماضي وعدم تحقق أمنياتك فرصة للتأثير السلبي عليك …

بل اجعل لك وقفة مع الماضي بأفعاله وخبراته لتمرسك في المستقبل، ولا يؤرقك الماضي ولا تخف من المستقبل، اجعل إخفاقات الماضي شمعة تضيء دربك، والأمل يحدوك بالمستقبل …

فالشخص السوي يستفيد من أخطائه ويتيقن أن الفشل أولى خُطوات النجاح وكذلك حُسن التوكل على الله مع الأخذ بالأسباب والإلحاح على الله بأن يلهمك الصواب والخروج من أزمتك..

فقال صلى الله عليه وسلم: “إن ما أصابك ما كان ليخطئك وما أخطأك ما كان ليصيبك” رواه ابن ماجه ..

وافتح قلبك وفكرك لانتقادات الآخرين فمن يوجه النقد إليك إنما يحبك ويحاول دفعك للأمام، فقد كان عمر رضي الله عنه يقول: “رحم الله امرأً أهدى إلي عيوبي” اعتبر عمر النقد هدية!! ،

وقال الثوري رحمه الله: من عرف نفسه لم يضره ما قاله الناس عنه مدحا أو ذما ..

وكان داوود الطائي قد اعتزل الناس فقيل له: لم لا تخالط الناس؟ فقال: وماذا أصنع بأقوام يخفون عني عيوبي؟

ولا تبالغ في هاجس الخوف من النجاح وأنك ستفشل لا محالة وحاسب نفسك لكن المحاسبة الإيجابية، و تدارك ما فات، وقم من جديد بقوة ولا تستسلم..

ولنا في غزوة أُحد العبرة عندما أخطأ الصحابة ونزل قول الله تعالى (وَلَا تَهِنُوا وَلاَ تَحزَنُوا وَأَنتُمُ الأَعلَونَ إِن كُنتُم مُّؤمِنِينَ) …

فقد نزلت تطالب المسلمين ألا يستسلموا للضعف والهزيمة وقد غلبهم اليأس وتذكر عند ذهابك فراشك كل ليلة المواقف الإيجابية التي مرت بك لتجديد وبث الثقة في نفسك وايضا الابتعاد عن الأفكار السلبية …

وصادق أصحاب الهمم العالية المتميزة بعدم الاستسلام وبالروح العالية والتفاؤل، وتعرف على سير الصحابة والتابعين في علو الهمم ودائما اهمس لنفسك أنك قادر على اجتياز أزماتك واشكر الله على ما وهبك من الكثير من النعم فلا تحزن على القليل الذي فاتك..

Share Button

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *