Share Button
المخاطر السيبرانية والبنية التحتية
بقلم : للدكتورة أميرة عبدالعظيم
دكتور القانون الدولي العام بجامعة الأزهر
السيبرانية، مشتقة من الكلمة اللاتينية” سایبر “Cyber “ومعناها تخيلي أو افتراضي، والسايبر يستخدم لوصف الفضاء الذي يضم الشبكات العنكبوتية المحوسبة، ومنظومات الاتصال والمعلومات وأنظمة التحكم عن بعد. وتطلق على كل ما یتعلق أو یرتبط بالحواسیب وتكنولوجيا المعلومات والواقع الافتراضي.
ويمثل الفضاء السيبراني البيئة الافتراضية التي تعمل بها المعلومات السيبرانية ، وتشمل أجهزة الكمبيوتر، وأنظمة الشبكات، والبرمجيات، وحوسبة المعلومات، بالإضافة إلى مستخدميها من البشر والهيئات والمؤسسات.
وبالرغم من أن الفضاء السيبراني له جوانب إيجابية عديدة تتمثل في سهولة الحصول على المعلومات وسرعة تبادلها، والمرونة في التعاملات على كافة المستويات الاجتماعية والتجارية والاقتصادية إلا أن جوانبه السلبية تفوق تلك المزايا بمراحل، فوفقاً للمعهد الدولي للدراسات الإستراتيجية بلندن، سيشكل الفضاء السيبراني أحد أهم ميادين الصراعات والحروب المستقبلية. فلا توجد دولة مهما عظمت قدراتها العسكرية، ولا مؤسسة مهما عظمت قوتها الاقتصادية بمأمن من خطر الهجمات السيبرانية.
وقد رُبطت هجمات في “جورجيا” و”إستونيا” و”كوريا الجنوبية” و “البرازيل” و”الولايات المتحدة الأمريكية” بهجمات سيبرانية. حيث تتنوع هذه الهجمات الخطرة ما بين تدمير أنظمة إلكترونية لمنشآت حيوية عسكرية أو مدنية عن طريق تعطيل أو إتلاف شبكات الدفاع العسكرية عن بعد، أو التدخل في سلامة البيانات العسكرية الداخلية لدول آخر، ومحاولة إرباك أو التشويش على معاملاتها المالية أو اختراق و تعطيل و تدمير شبكات القطاع الخاص، وتمتد لكل ما يتعلق بالبنية التحتية للدول.
فقد رُبطت انقطاعات الكهرباء المتعددة في “البرازيل” بهجمات سيبرانية، حيث تمكن القراصنة من الدخول إلى الموقع الشبكي للحكومة والسيطرة عليه لمدة تزيد عن أسبوع في عام 2008. والتقارير التي صدرت بهذا الشأن توضح أن انقطاعات الكهرباء في البرازيل نتيجة الاتساع المتزايد للأنواع الجديدة من الهجمات السيبرانية، وجاء في التقارير تشبيه المشهد بفيلم من أفلام الخيال العلمي حيث توقفت تماماً قطارات الأنفاق وإشارات المرور وثاني أكبر محطة إنتاج قوى كهربائية وهو “سد إيتايبو”، وتأثر أكثر من 60 مليون شخص بهذه الهجمات.
وهناك جرائم متكاملة تتم عن طريق شبكات الانترنت، وأجهزة الحاسوب من التخطيط والترويج لعمليات إرهابية، والنصب والاحتيال لسرقة الأموال، والتجسس والقرصنة.
وأصبحت الجريمة السيبرانية تكلف الاقتصاد العالمي ما يزيد على 230 مليار دولار سنويا ويتعرض الفضاء السيبراني إلى 1000 هجمة كل دقيقة والتي تتمثل في تهديد أمن المطارات والمصانع الكيمائية ومحطات الطاقة النووية وغيرها من المؤسسات التي تسير بنظام الحاسوب ولا تطبق إجراءات أمنية بشكل كاف، وهذا يتطلب من الدول إنشاء وحدة للدفاع السيبراني.
فلا شك أن وصول المجرمين أو الجماعات الإجرامية إلى هذه القواعد وتدميرها أو حتى مجرد تعطيلها يشكل خطراً بالغاً على الأمن القومي للدول، ومن شأنه أن يقوض بنيتها ويعطل العمل في هذه المجالات.
ومن هنا يمكن اعتبار تحدي الأمن السيبراني أعلى تحديات الأمن القومي في القرن الواحد والعشرين، وأصبح المفهوم الحديث للأمن لا يقتصر فقط على الجوانب العسكرية، بل يواكب كل التهديدات والتحديات التي يمكن أن تشكل حجر عثرة أمام الاقتصاد الرقمي وتدفق المعرفة، فقد أسقطت تكنولوجيا المعلومات والاتصالات مفهوم الحدود الجغرافية بين الدول مما يضع السيادة الوطنية على المحك، خاصة مع اختراق المواقع الحكومية الرسمية والتجسس المعلوماتي على الدول.
وأطلقت العديد من المبادرات لدعم الأمن السيبراني مثل الاتحاد الدولي للاتصالات الذي أطلق مبادرة للأمن السيبراني وحلف شمال الأطلنطي الذي أنشا وحدة للدفاع السيبراني، وأطلق الاتحاد الأوربي مبادرة للأمن السيبراني، فضلا عن مجهودات الدول في هذا الشأن فقد تبنت الولايات المتحدة الأمريكية “الاستراتيجية الدولية للفضاء السيبراني” وهي أول وثيقة سياسية من هذا النوع، تبين الرؤية الشاملة لمستقبل التعاون الدولي المتعلق بالفضاء السيبراني.
قد تكون صورة لـ ‏‏شخص واحد‏ و‏حجاب‏‏
Share Button

By ahram misr

رئيس مجلس ادارة جريدة اهــــرام مــصر

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *