Share Button

المعبد

بقلم :الدكتورة سمر عبد العظيم

خرجت عليه من قمرتها وقد قضت ساعات تتجمل ليس كما تفعل كل يوم ولكن هذه المرة كان الوضع مختلفا، زارت المرآة اكثر من مرة وفي كل زيارة تنظر لانعكاسها طويلا متأملة عينيها لا لتتأكد من جمال رسم الكحل الهندي حولها ولكن لتستطلع ابتسامة بها كادت ان تفضح فرحتها بلقائه. “اهدأي يا ملكة الأراضين… ستفضح عيناك أدميتك وانت زوجه الاله” قالت لنفسها في همس.
اتشحت بالوجوم المصطنع وعادت لتتأكد من صورتها المنعكسة علي صفحة الماء في الفسقية لتتأكد أن ما تكابده من ضربات قلب غير منتظمة لا تكشفه نظرات عينيها ثم همت بالخروج الي ساحة العرش.
حني ظهره امامها وكان قد رضخ لتعاليم الخدام وكسر عينيه لكي لا يلمح طرف ثوب الملكة.
اشارت بيدها لكبير الكهنة و الخدم بالانصراف وله بالنهوض من وضع بدا أنه لا يتناسب مع هيأته الملكية كما انها تمنت أن تري عينيه.
خلت ساحة العرش عليهما فتحدثت وقد ارتفع صوتها كأن تحاول اخفاء خفقان قلبها:
– يريدون أن يطفئوا نوري أتعلم ذلك؟ تلك المحظية أم تحتمس الثالث تظن أنها ستخفي أثري
* ومن يستطيع مولاتي؟!! هل يطفئون نور الشمس؟ وان حاولوا هل يوئدون حب جلالتكم في قلوب الناس؟
نظرت اليه بعينين يملأهما الشغف ولسان حالها “ ماذا يقول هذا العامي؟!!! أي حب يصف وكل يوم اتعرض لمؤامرات علي حياتي وكأن وجودي في الحياة هو أصل كل الشرور….”
– أريد اذا معبدا يقربني للاله رع و يكون مرتعا للكهنة حتي لا يكونوا أداة في يد كل من يعطي قربانا
* ذكية أنت مولاتي وذكاؤك فيض من ذكاء رع يا ابنة الإله وزوجه ومليكتي
تفحصها مستترا وراء الرخصة التي منحته حين امرته بالنهوض. كانت جميلة ينفجر من عيونها ذكاء لم يره قط في اي امرأة غيرها. لم يره حتي في عيون تلك البائعه صارخة الجمال التي تفترش السوق خلف الأواني الفخارية وكانت قد عرفت في السوق أنها تغالي في البيع وبالرغم من ذلك تعود يوميا لبيتها وقد نفذت بضاعتها.

هذه الرائعة أيضا تنفذ بضاعتها ان رغبت ولا تبذل في سبيل ذلك الا القليل. كم هي مبهرة والأكثر ابهارا فيها هي انسانيتها فهي ابعد ما يكون عن الألهة هي ليست بعيدة كالسراب انما هي قريبة جدا يكاد يشم عطرها الملكي كأنها بين ذراعيه…

– سأبني لك معبدا الي يسار النيل العظيم وكأنه قلبه سأخبئه في حضن الجبال لتكون ملكتي حين تتعبد مكنونة فيه كاللؤلؤ. سيكون له شرفات ترين منها النجوم اذا جن الليل وتداعبك اشعة الشمس منها حين تصبحين. سأبنيه علي اروقة توصل مولاتي اذا همت من اي مكان الي حيث الحب والأمان. سأمهد لك طريقا تحرسه الكباش الي المعبد لتحرسك عين رع.
* ولا تدع ذكراي تخبو يا سننموت ان ذهبت الي العالم الأخر و استوي تحتمس الثالث وأمه المحظية في معبدي..
– كيف تخبو يا مولاتي وانت التاريخ… وان جفتك صفحاته لن تزهدك جدران قلبي. سأنقش تاريخك علي جدران المعبد بماء الذهب وسأبني لك مقبرة اذا ما آن أوان الترحال تكون مثوي لجسدك الملائكي. هناك ستتواعد روحانا فنتقابل لنعيد سكني أجساد حفظت حتي نعود.
* نتواعد؟ استكون هناك يا سننموت؟
– ان سمحت لي مولاتي سأبني مقبرة هي انعكاس مقبرتك والي يمينها لتكوني الي يساري وحيث يكمن القلب، هناك سنتقابل لنعود لما كناه قبل الانشطار الذي فصلنا ملكة و مملوكها
* “متي كان هذا الانشطار يا سننموت” قالتها وقد رق صوتها و هي تطالع وجهه بحثا عن جواب في عينيه
– كان انشطارنا يوم الخلق مولاتي يوم انتزعتِ من قلبي فصرتِ تائهة في عالم الأرواح وصرت ابحث عنكِ عبر الازمنة حتي وجدتك يوم السوق.

سننموت_حتشبسوت

Share Button

By ahram

جريدة اهرام مصر .موقع ويب اخبارى واعلامى

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *