Share Button

الهدايه هدف ينشده كل مسلم
بقلم / محمـــد الدكــــرورى

إن الهداية هدف ينشده كل مسلم، مع تفاوت الناس في الطلب وصدق العزيمة وإلى كل راغب في الهداية ومتحرٍ لأسبابها إلى كل متطلع للجنان العالية، عاشق لحورها ومؤمل في نعيمها، ومستجير من النار وفار من زمهريرها وسائر عذابها، ولا نجاةَ من العذابِ ولا وصولَ إلى السعادةِ إلا بها، وهي أجلُّ نِعمِ الله الواجِب شكرُها .

إن من أعظم نعم الله على عبده في هذه الدنيا أن يرزقه الهداية إلى صراطه المستقيم، ولماذا لا تكون الهداية أعظم النعم وأجلها وبها بعد فضل الله يكون الفوز بالجنة والنجاة من النار ، وإن الهداية تعني أن يجمع الله لعبده بين العلم النافع والعمل الصالح، ففاقد العلم يتخبط في الضلالة وفاقد العمل يتخبط في الغواية والعامل بعلمه هو صاحب الرشد والهداية.

وإن نعمة النعم أن تعبد مولاك، ونعمة النعم أن تسير في طريق النجاة في طريق الآخرة في طريق الجنة ، وذلك لأن هذه الدنيا دنيا فانية، والنجاة هو السبيل، الدنيا فانية، والآخرة هي الحقيقة، الدنيا باطلة والجنة هي الأرقى، ولما نتكلم عن الهداية هذا يعني أننا نتكلم عن مصير الآخرة ، لأن الهداية تعني الإيمان، ولأن الهداية تعني الطاعة، ولأن الهداية تعني القيم، ولأن الهداية تعني الأخلاق، ولأن الهداية تعني الإسلام، ولأن الهداية تعني علاقة صحيحة مع إله الكون عز وجل .

والهداية فضل يتفضل الله بها على من يشاء من عباده ، فإذا أراد الله هداية عبد من عباده شرح صدره ووسعه حتى يتسع لقبول الهدى وإذا أراد أن يضل عبداً ضيّق عليه صدره حتى يضيق عن الهدى ، فالهداية بيد الله وحده حتى لو قُدِّر أن قلبك وضع في يسارك ووضع الخير والهدى في يمينك فلن تستطع أن تفرغه في قلبك حتى يكون الله هو الذي يضعه فيه كما قال بعض السلف.

فالذين يتعلقون بالدنيا يتعلقون بوهم، يتعلقون بسراب، يتعلقون بشيء لا يساوي عند الله جناح بعوضة، المطلوب أن ينجو الإنسان، لو أعطينا إنسان ملك فرعون ومال قارون وقوة شمشون، وجمال يوسف، ثم سحبنا منه نعمة الإيمان ماذا تساوي هذه الدنيا؟ وإسألوا ؟ من كان يتمتع بالشباب كيف خارت منه القوى، اسألوا أهل المناصب يوم تركوها بحسرة في قلوبهم، اسألوا وستجدون أن الآخرة هي خير وأبقى، وأنها الحقيقة التي ما بعدها حقيقة.

وإذا كانت الهداية بيد الله تعالى فإن على العبد أن يحرص غاية الحرص وأن يجتهد غاية الاجتهاد في سؤال الله تعالى الهداية وسؤال الله الثبات على الهداية والاستعاذة بالله من الزيغ بعد الهدى قال تعالى معلماً عباده سؤاله الهداية في سورة الفاتحة (اهدنا الصراط المستقيم) وقال تعالى معلماً عباده الاستعاذة به من الزيغ بعد الهدى ( رَبَّنَا لَا تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا وَهَبْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنْتَ الْوَهَّابُ ) .

ومن أراد الهدى فعليه بكتاب الله تعالى فإن الله تعالى قال في سورة الفاتحة (اهدنا الصراط المستقيم) ثم قال في الآية الثانية من سورة البقرة (ذلك الكتاب لا ريب فيه هدى للمتقين) ، ومن أراد الهدى فالهدى في سنة النبى الكريم محمد صلى الله عليه وسلم فعليك بدراسة السنة النبوية والتفقه فيها والعمل بها ، فهذان هما المصدران الصافيان للهدى، بهما تصلح القلوب والاعتقادات، والعبادات والمعاملات، والأخلاق والسياسات وبهما يصل العبد إلى الجنة دار السلام .

ولن تشاء بقدرتك، ولن تشاء بعقلك، ولن تشاء بفطرتك، ولن تشاء بثقافتك فمن هو أذكى منك يعبد اليوم بقرة في الهند أو صنمًا في الصين أو صليبًا في كل مكان، من هو أذكى منك عطَّل عقله وعبَد من دون الله ما لا يُعبد ، فالهداية توفيق من الله، والله عز وجل يقول في الحديث القدسي: “يا عبادي ، يا عبادي كلكم ضالّ إلا من هديته فاستهدوني أهدكم ” فالهداية من الله يملكها الله ولا يملكها أحد.

عندما نعلم أن الله هو الذي يعطي الهداية، ويملك الهداية عندما ترى نفسك أنك ها هنا فاعلم بأنك في نعمة النعم، عندما ترى نفسك أنك في المسجد لا في الملهى، في المسجد لا في الخمارة، في المسجد لا في مكان الظلم، في المسجد لا في مكان حرام، في المسجد لا في مكان الباطل، لما تجد نفسك تقرأ القرآن لا تسبّ الناس، تقرأ القرآن لا تنشد الأغاني، لما تجد نفسك تقرأ القرآن لا أنك تصدح بكفر بواح أو غير ذلك، فاعلم أنك في نعمة الله.

والهداية المقصودة هي الهداية للتوحيد الخالص الذي هو إفراد الله بالعبادة والبراءة من الشرك فأعظم الهداية التوفيق للتوحيد كما أن أعظم الضلال الشرك قال تعالى (ومن يشرك بالله فقد ضل ضلالاً بعيداً) وقال تعالى (الذين آمنوا ولم يلبسوا إيمانهم بظلم أولئك لهم الأمن وهم مهتدون) ثم الهداية إلى السنة والسلامة من البدع والمحدثات فمن عاش عليها ومات عليها فقد مات على الخير .

والهداية نعمة الله اشكروا الله على نعمته، اشكروا الله لكن ليس شكر اللسان فحسب، شكر اللسان بداية لكن عظّموا الله في قلوبكم، عظموا الله في حياتكم، عظموا الله في أفكاركم، عظموا الله في كل شأن من شئون حياتكم، اشكروا الله بعبادة الله، اشكروا الله بإرضاء الله لا بإرضاء سواه تفوزوا بهذا وتسعدوا، فمن لم يشكر النعمة يضيعها، ذلك أن إخفاق الناس في مفهوم النعم أضاع منهم النعم.

وإن الله أوجب على المسلمين أن يقرؤوا الفاتحة في كل يوم على أقل تقدير سبع عشر مرة وهي عدد الركعات التي يقرأ الإنسان الفاتحة في الفرائض، ثم إذا في النوافل أو ركعات أخرى ربما يصل إلى عدد بالعشرات ، وكل يوم عشرات المرات وأن تقول “اهدنا الصراط المستقيم” كيف وهو واقف في الصلاة يطلب الهداية، كيف وأنت في قلب الهداية وأنت تقرأ القرآن، وتقول “اهدنا الصراط المستقيم” .

قال: ” وهنا يعني أدم هدايتنا على الصراط المستقيم”، فحرصك على دوام الهداية كأنها غير موجودة تخاف تريد أن تحصلها تقول “اهدنا الصراط المستقيم” حتى تبقى على الصراط المستقيم.

والإنسان يسأل ربه أن يهديه ويشرح صدره للحق ويعينه على طاعته وطاعة رسوله الكريم عليه الصلاة والسلام ، وهذا من أعظم الأسباب التي تعين العبد على الهداية ، مع الإلحاح في ذلك، ولاسيما في أوقات الإجابة مثل آخر الليل جوف الليل، بين الأذان والإقامة ، في آخر الصلاة، وفي السجود ، وفي يوم الجمعة ، فينبغي للمؤمن أن يلح في طلب الهداية، وفي طلب التوفيق ، وفي طلب صلاحه وصلاح ذريته، والمسلمين .

ربما تحتوي الصورة على: ‏‏شخص واحد‏، ‏‏جلوس‏‏‏

Share Button

By ahram

جريدة اهرام مصر .موقع ويب اخبارى واعلامى

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *