Share Button

بقلم : د. مجدي إبراهيم

ما أعجب حلقات التاريخ ..! ففي حلقاته لقطات متشابهة، بادي الرأي عندي أن الأحداث فيها تتلاقى وتتقارب إلى درجة العبرة المستفادة والدرس البليغ؛ فمن كان محصلاً للعبرة واعياً لبلاغة الدرس المفيد، صار حكيماً يُرجع إليه المرجع الأصيل في خبرة الرأي بتقلبات الزمن وجسامة الأحداث في نبض الوعي بحركة التاريخ. وبهذه المثابة توكَّدت معنا مقولة القائلين بأن التاريخ أحياناً يعيد لا محالة نفسه .. ربما .. فقد تكون هناك روح سائدة لعصر مضى في قرن أو قرنين, كائنة ما كانت هذه الروح. ومع ذلك تتشابه مع العصر الذي نعيش فيه، كما أن تلك الروح نفسها تتشابه مع أحقاب قديمة جداً ممّا قد سبق وروده قطعاً على مسرح الزمن المديد ..!

لقد وصف الكاتب الأمريكي “ول ديورانت” العصر الذي عاش فيه الفيلسوف الألماني ” آثر شوبنهور” (1788-1860) في النصف الأول من القرن التاسع عشر في أوروبا بأنه عصر ارتفعت فيه أصوات التشاؤم وعلت صرخات الشعراء المتشائمين في كل مكان : بيرون في إنجلترا, ودي موسيه في فرنسا, وهيني في ألمانيا, وليوباردي في إيطاليا, وبوشكين ولير مونتوف في روسيا. وظهرت طائفة من المُلحنين الموسيقيين المتشائمين من أمثال شوبرت وشومان, وشوين, وحتى “بتهوفن” نفسه كان موسيقياً متشائماً يحاول أن يقنع نفسه بأنه متفائل, ولكن آثر شوبنهور, الفيلسوف الألماني, طغى على هؤلاء جميعاً في روح التشاؤم التي طبَعَت حياته وفلسفته بطابع الغصة والمرارة.

ويتشابه هذا العصـر الذي عاش فيه “شوبنهور” مع فترة شبيهة تماماً بالفترة التي أعقبت حكم الإسكندر في اليونان, وقيصر في روما .. وماذا بعدُ؟ أفلا يتشابه ذلك العصر البعيد مع هذا العصر الذي نعيش فيه, وتتقارب نزعته التشاؤمية مع النزعة السائدة في عصرنا هذا القريب؟

لا ريب عندي في ذلك, فمن المؤكد أن اليأس قد بلغ الذروة وأفاق الحصـر وأطال الرقاب حتى لوى أو كاد بسطوته الأعناق, فلم يكتف بليِّ العنق بل صفع الرقاب صفعات عنيفة حادة توشك أن تفصل الأعناق عن الأجساد!

لِمَ لمْ نتساءل : ما الدواء لداء الذل, وما هو ترياق المهانة والانكسار؟ وماذا عَسَاه يكون الطريق لشفاء الشعوب من وجع العار والشنار؟

كنتُ قد دخلت صباح اليوم محلاً للبقالة, فوجدتُ صاحبه شارداً سرحاناً منكسراً حزيناً, لكن تبدو عليه سيماء التأمل والحكمة وبوادر السكينة والوقار, كان ترك مكانه في المحل وسحب كرسيه وجلس في “شمس الصباح”, لكأنه يلتمس منها دفء الحرية وضياء الموافقة, فتبادر إلى ذهني على الفور غلاء الأسعار وتطفيش الزبائن ومرارة العيش في ظل هذا البلاء, غير أن ظني الذي قدَّرته طواه الرجل بقوله حين سألته : مالك هكذا تخيم عليك الأحزان, بالطبع هو الغلاء اللعين سبَّب كساد الحال؟ فأجاب : لو كان الأمر- يا أخي – أمر غلاء وكفى, لهان الخطب وخفَّ البلاء, غلاء الأسعار حاجة البدن, لن يموت إذا هو استبدل سلعة مكان سلعة, واستعاض بالتي هى غالية بأخرى ليس فيها غلاء, ولن يموت إذا هو رخَّصَ الغلاء بالاستغناء ..!

وليس في هذا ما يحزن القلب ويكسر الخاطر, ولكن الحزن الحقيقي هو في انكسار الروح وهزيمة الضمير. قُلْ لي بربك : ماذا يفيد الإنسان لو أنه كسب غباوات الدنيا من شر وجهل ومرض وفقر وتخلف وطغيان, ثم في الوقت نفسه خسر المنزع الخيِّر الذي يزكي ظلال الآدمية فيه؟

فالهزيمة الحقيقية – يا صاح – هى هزيمة روح لم تجد ملجأ تأوي إليه, والفقر الحقيقي هو فقر ضمائر أصابها التلف والخراب, والفقدان الذي تراه أمامك فاتكاً بفعل الإرادات, إنما هو فقدان نفوس تلاشى منها مبدأ العصمة بقيم الحق في رحاب الإيمان. هذا هو “الغلُّ” الذي لا فكاك لنا منه, فقد كبلتنا الهزائم الجوَّانيَّة وقيدتنا الانكسارات الروحيّة بقيود من حديد, فصارت أرواحنا في وحشة من جسومنا, وحاصل دنيانا أذى ووبالاً, كما كان الفخر الرازي عليه رحمة الله يقول.

وتسألني عن الأحزان, وأسألك : وماذا يا أخي في الدنيا يفرح له الإنسان؟ شباب يقتل, وأطفال تذبح, وشيوخ تركع من الخوف رهباً, ومؤسساتنا تحترق بأيد آثمة لا تعرف الرحمة, والإرهاب الملعون يدمر الأخضر واليابس, ولسوف تجيء الأحداث الشداد في مستقبل الأيام قادمة متفاقمة, ونحن لا نملك سوى مط الشفاه من مذلة العار .. أفلا يدعونا هذا كله إلى الحزن الدائم والهمِّ المقيم؟

قلتُ : مهلاً؛ فالنهاية قد أوشكت, وعمَّا قريب نجم هذه الأحزان يَغْرِبُ! وليس من شك في أنني حين قلت لهذا الرجل المحنَّك الخبير ما قلته, كنت كمن يهون الأمر الجلل والخطب العظيم, وهو يعلم, مع ذلك, فداحة الأمر برمته ووطئته على مشاعر النبلاء وقلوب المرهفين.

فمَنْ يَرْقُبُ الأحْدَاثَ يَشْعُر : أن كآبة جاثمة فوق صدور الناس تصيبهم بفقدان الثقة في أنفسهم, وفيمن حولهم من جراء الأزمات التي يعانونها صباح مساء؛ وإنها لأزمات لا تدع للمرء إحسان التفكير في العمل يقوم به أو السعي يتوخاه, مادام الواقع من حوله في غاية التردي والسقوط لا تلبث معه الأزمة الواحدة على مر الأيام إلا وهى في توالد وإفراخ, وفي تكاثر وتفاقم؛ لتسفر عن عدة أزمات ليس في مستطاع الفرد أن يتصدى لها, ولا أن يتدارك من طغيانها عليه شيئاً ذا بال.

وَمَنْ يَرْقُبُ الأحْدَاثَ يَشْعُر : إننا بإزاء كارثة في الوجدان العربي, تتمخض بالضرورة عن انقسامات وانكسارات وهزائم وتآمرات؛ وأن التاريخ بالفعل لينظر إلينا بعين الإشفاق والأسى والمرارة من قلة نزوعنا إلى “التضامن” بل من عدمه, ومن كثرة رغبتنا في التفرقة والشتات؛ فنحن نقف على حافة الهاوية وليس أمامنا : إمّا السقوط في المستنقع الآسن حيث لا مخرج ولا حيلة لنا ولا سبيل إلى الخروج. وإمّا أن نتدارك الأمر كله فنتصدى للقوة الغاشمة بقوة مثلها, وبسلاح من جنس السلاح الذي يستخدمه أعداء هذه الأمة لتدميرها والقضاء على البقية الباقية من رمقها الأخير.

ومَنْ يَرقُبُ الأحدَاثَ يَشْعُر : أن الضغوط الإمبريالية الجديدة على الشعوب العربية تحتاج إلى صبر طويل وَنَفَس أطول, ولكن مع شديد الأسف لا هذا النَفَس ولا ذاك الصبر هو مما يتوافر الآن في الشباب العربي لنزوعه الدائم إلى اتخاذ أبطال “الفيديو كليب” قدوة للخلاعة والعري, ولاعتياده الركون إلى ظواهر الدعة والإتكالية, ولافتقاره للقوة الفكرية والروحيّة, تلك القوة التي من شأنها – لو أنه حرص عليها – أن تهبه طريقة الحوار الهادئ المستنير, وأن تنقذه من عَسَف الأفكار المدمرة, وتبعده عن التعصب والتشدُّد والمغالاة والكراهية وكل مظاهر التطرف من النقيض إلى نقيضه؛ لأنها تغرس فيه قيم المحبة والأخوة الإنسانية وتنشر عليه أخلاق التسامح والتقارب والسلام.

وإلا فبماذا سيواجه الاستعمار الجديد الآن, وشبابنا لا يعرف إلا الميوعة والليونة وضيق الأفق وكل ما من شأنه أن يتعلق بالآمال الترابية, وهو – من بعدُ – لا يملك من مقومات الصمود إلا تاريخاً يجهله ولا يذكره كان عليه أجداده الأولون.

كان العلم سنداً, والاجتهاد دأباً, والجد في تناول شئون الحياة ديدناً مستمراً بغير انقطاع, فصار العلم قشرة سطحية من الخارج, والاجتهاد عاراً على المجتهدين ” ونفخاً في قرب مخرومة”, والجد في الحياة مدعاة للتندُّر والاستخفاف.

ومَنْ يرقبُ الأحداثَ يَشْعُر : إننا محاصرون من هنا ومن هناك, من داخل النفس ومن خارجها, ومحكوم علينا بأغلال لا تنكسر وقيود ليست هى مما تنطلق لتحرر البواطن قبل المعاصم, أقربها من الداخل هو ما يواجه نفوسنا التي بين جنبينا من ضعف وخنوع وتردي, واستسلام ليس فيه تحدي لما تفرضه علينا من أهواء هى بلا شك سبب المصائب كلها في التصارع والتخاصم والأنانية وحب الذات وإثارة المكائد, واللَّدَد في الخصومة بين الزملاء في العمل الواحد, والغيرة والحقد والكراهية لكل نجْح وتفوق ومجهود طيب ونبيل .. ثم إنها – من بعدُ – لتعدُّ سبباً مباشر للتفرقة التي لا تعرف طريقاً نحو الوحدة, وللعداوة التي لا تنهض إلى التآخي الروحي, ولا تقترب مطلقاً من رياض السلام النفسي. وأما أقربها من الخارج؛ فتداعي الأمم علينا, واستخفافها لطاقتنا وطمعها في أقواتنا، وابتلاؤنا بأنظمتها المفروضة علينا, وتدخلها – لضعف أنظمتنا العربية – في شئوننا الداخلية؛ فإذا الأجنبي أصبح صاحب البلاد, وإذا بصاحب البلاد يصبح خادماً أجيراً للأجنبي يتلقي منه الأوامر لينفذها صاغراً ذليلاً راغماً أنفه في التراب, ناهيك عن العملاء والخونة الذين يعطون الفرصة للأجنبي لمزيد من الاستعباد, كما هو الحال في أكثر بلداننا العربية ثم ماذا؟

ترى الشعوب العربية بأنظمتها الحاكمة – يا حسرتاه – تحصد ثمار غرسها الدامي من التمزق والانقسام وسعيها المهين من التدهور والانحلال من جَرَّاء الاستبداد والاستعباد وفقدان قيم الحرية والديمقراطية .. إنها الحرية المفقودة مما لاشك عندي فيه، فسببُ تشاؤمنا يردُ في المقام الأول إلى “فقدان الحرية”, لا نستشعر لها وجوداً بداخلنا. كان “جوته” الشاعر الألماني يقول :”إنّ الحرية شيء نحمله في داخل نفوسنا”. وعليه؛ فنحن لسنا أحرار لأننا مقيدون منكسرون مهزومون من الباطن, وإنْ تبدَّي لنا أننا أحرار نتحرك ونعيش ونحيا في عالم حُرّ لا قيود فيه ولا أغلال.

وإذا كان التشاؤم يسود العصر الذي نعيشه, فإن المسألة من بعد مسألة مزاج مفقود فيه “الحرية الروحيّة” التي هى مطلب إنساني يسعي إليه المرء ليناله بعيداً عن القيود المذلة والأوهام السادرة. والحرية الروحية تحرير للإنسان من سطوات الأغيار؛ لأنه لن ينال مأربه النبيل وهو مقيد من الأعماق .. من الباطن .. من الدخيلة الجُوَّانيَّة لا القشرة البَرَّانيَّة .. أما إذا تحرَّر من الداخل, فقلَّ أن يَغِلَّه قيد في هذا الوجود. ولو كانت هنالك حرية روحيّة لكان هاهنا تفاؤل يصلح للعمل في الحياة ويقود إلى النجاح فيها, ويبطل من ثمَّ التشاؤم الذي يقود إلى اليأس والقنوط.

ومن التشاؤم رسولٌ إلى الآسي الحزين؛ مرَدَّه إلى الإحساس الداخلي بفداحة الأحوال العامة برمتها ووطئتها على مشاعر النبلاء وقلوب المرهفين.

ولكن الحزن الحقيقي هو في انكسار الروح وهزيمة الضمير بحثاً عن الحرية المفقودة ففي فقدان الحرية الروحيّة كسر لخواطر التفويض.

خواطر التفويض! وما هى خواطر التفويض؟ التسليم لله في الحلِّ والترحال, وفي الحركة والسكون, وفي القيام والقعود, وضرب التشاؤم بمعول صارم مصنوع من تقدير المشيئة الإلهية حق قدرها. خواطر التفويض هى الحياة التي تملكها الإرادة وتزكيها الهمة فتتحرر العقيدة الإيمانية بمقتضاها من أوهام الخرافة والبلادة والتضليل. ومن هنا كانت الحرية الروحية تحرير الإنسان من ضروب الفوضى التي يرزح تحت وطئتها صباح مساء : فوضى في العقيدة, وفوضى في الأخلاق, وفوضى في الغفلة السائدة في تصوراته ومبادئه, وقيمه وثوابته, وأحواله وآماله, وحركاته وسكناته, وعلاقاته وروابطه وطموحاته, وتعاملاته وسلوكياته ومناشطه, واجتماعه مع الناس واتصاله بالآخرين.

وإذا عمَّتْ الفوضى الحياة فقد فَسَدَ فيها النظام ..!!

والنظام منطق هذا الوجود : سننه ونواميسه الكونية الثابتة التي لا تتغير ولا تتبدل؛ فإذا فَسَدَ، فَسَدَ معه كل ما في الوجود من منطق “القيمة” فيه, ومن منطق “القانون”.

قلنا في موضوع كتبناه عن “ثقافة المقاومة .. التزييف المقصود للوعي في الثقافة العربية”؛ ما نصه :” يعلم الأمريكيون كما يعلم سائر الشعوب الأوروبية أن حرية الأمم لن تنال بغير أن تزهق في سبيلها الأرواح؛ ففي سبيل الحرية يهون الموت, وفي سبيل الحرية يظل الجهاد فضيلة ولو فتح الجهاد أبواب المنون على مصراعيها ليدخل منها البشر أفواجاً وراء أفواج. ومن عجيب المفارقات إننا نقرأ في تاريخ الكفاح الأمريكي من أجل الحرية مقولات تعبر عن انتصار الإرادة الحرة أمام طغيان الاستعمار والاستبداد, وبذل الجهود المضنية في سبيل ترسيخ قيم الحرية, وحتى ولو كان الموت هو المقابل لمثل هذه القيم التي يناط ترسيخها بالأفراد فضلاً عن الجماعات, ثم في الوقت نفسه نرى على الجانب الآخر أن المطالبة بالحريات, وتقرير الشعوب لحق مصيرها, ودفاعها عن حرمة أراضيها, يعدُّ في نظر الأمريكان اليوم إرهاباً أو ما يشبه الإرهاب يندرج تحت الشر الذي ينبغي أن يُطارد من الجميع, بغير تفرقة بين حق وباطل, أو بين فضيلة ورزيلة, أو بين قيمة ونقيصة في الضمائر الأمريكية الحاكمة أو المحكومة على السواء؛ فمسؤولية المحكوم في الغالب قد تكون أعظم في مثل هذه الظروف من مسئولية الحاكم؛ لأن التاريخ لا يرحم من المحكوم غفلته وسكوته ونكوصه, ولا يعذر بلادته, وتهاونه في حقه, وخنوعه, واستسلامه, ورضاه بسوء الحال وتعس المصير”.

كان الوطني الأمريكي “باتريك هنري” (Patrick Henry) قد وصل إلى مركز هام خلال حرب الاستقلال الأمريكية, وهو يُذكَر على الدوام بسبب عبارته القائلة : ” أعطني الحرية أو الموت “, وقد صارت هذه العبارة شعاراً أصبح في أفواه المناهضين للشيوعية يومذاك, يعني أن عالماً دون بشر أفضل من عالم شيوعي, ومع ذلك فإن لهذا الشعار كما عناه “باتريك هنري” مغزى مختلفاً, ذلك أنه كان يدعو لقضية عادلة. وبسبب العداوة البريطانية لا يمكن لهذه القضية أن تنتصر دون فقدان أرواح أمريكية. ذلك ما يذكره لنا الفيلسوف البريطاني”برتراند رسل” في كتابه :” هل للإنسان مستقبل؟!”؛ والذي كتب كلمة تصديره المؤرخ البريطاني “أرنولد توينبي”. ومن هنا؛ فإن موته قد يدفع بالحرية إلى الأمام, لكأنه يموت, وبموته تحيا الحرية. ففي سبيل الحرية يهون الموت, وتحت شمسها يشرق ضوء الوجود بأنواره الساطعة.

على أننا إذا كنا نذكر للأمريكان شرف إدراكهم لأهمية هذا الشعار الذي رفعه “باتريك هنري” من أجل الحرية, إمّا أن تعطي كاملة غير منقوصة, فتقود إلى التحرر بشتى معانيه, وإما أن يكون الموت هو البديل لحياة لا حرية فيها.

أقول؛ فإذا نحن ذكرنا ولم ننس للأمريكان بإعجاب حفظهم لهذا الشعار وجريانه في دمائهم مجري العقيدة الراسخة, فيجب – من ثمَّ – أن يقوم فينا مثل هذا التساؤل تفسيراً للعنت الأمريكي والبطش الذي لا مبرِّر له سوى كراهية الشعوب وجنون الإمبراطورية الغشومة التي تنهض على دماء الأبرياء : لماذا أعطي الأمريكان لأنفسهم حق الحرية فمنحوه لشعوبهم خالصاً بغية الاستقلال والاستقرار, ومنعوه عن الشعوب الأخرى التي تدفع الأرواح ثمناً لتلك الحرية لا لشيء إلا لأجل خدمة قضية عادلة؟!

لماذا؟ وكيف جاز لأناس ذاقوا وبال الاستعباد أن يستعبدوا غيرهم, وأن يذلوهم ويمنعوهم كل حق من حقوقهم الإنسانية المشروعة, ولم يكتفوا بمثل هذا المنع, بل حاربوه وجعلوا الدفاع عنه إرهاباً ينبغي أن يُحارب, وتمارس من أجل محاربته على الشعوب العربية صنوف الطغيان؟!

إنها الأطماع، مصالح ومنافع .. ما أبشعها !

وما أظلمها وأدْكنها للإنسان تحت شمس الحرية !

Share Button

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *