Share Button

بقلم / محمـــــــد الدكــــــرورى
يجد بعض الناس أن الاعتذار عن الخطأ شئ عظيم وحدث جم ولا يستطيعون أن يقبلوا عليه ولكن الاعتذار من شيم واخلاق العظماء ومعنا القدوه الحسنه النبى المصطفى صلى الله عليه وسلم حبيبنا محمد مع الصحابي سواد – رضي الله عنه – ذلك الصحابي الجليل – في يوم أحد حينما كان -صلى الله عليه وآله وسلم – يصف الصفوف، وإذا بهذا الرجل متقدمًا على الصف، فيؤخره – صلى الله عليه وآله وسلم – ويقول له: “استوِ يا سواد” ..

فيتأخر ويتقدم، فيراه النبي – صلى الله عليه وآله وسلم – مرة أخرى، فيأتي إليه ويأخذ سواكه – صلى الله عليه وآله وسلم – ويطعن هذا الرجل ببطنه ويقول: “استوِ يا سواد”، فيقول: لقد أوجعتني يا رسول الله، أقدني من نفسك، فيقوم – صلى الله عليه وآله وسلم – ويكشف عن بطنه ويقول: “اقتص لنفسك” فيقبل هذا الصحابي على بطن النبي – صلى الله عليه وآله وسلم – تقبيلاً لها وتمريغاً لوجهه …

ويقول: والله يا رسول الله ما قصدت إلا أن يكون آخر شيء مني هو التصاق جسدي بجسدك، أي لعل الموت والشهادة تدركني وأنا في هذا الموقف، وهذا كله اعتراف من النبي – صلى الله عليه وآله وسلم- بأنه آذى هذا الصحابي الجليل.

وقد كان السلف الصالح نموذجا يحتذى به في التمسك بالحق مع الاعتراف بالخطأ فها هو الصحابي الجليل أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه، يتراجع عن رأيه الذي ظهر له فيه خطأ، بعد أن نبهته امرأة لذلك، حين عزم على تحديد مهور النساء وعدم المغالاة فيه ..

فقد ورد في سنن البيهقي وغيره عن الشعبي قال: (خطب عمر بن الخطاب رضي الله عنه الناس فحمد الله تعالى وأثنى عليه وقال: ألا لا تغالوا في صداق النساء، فإنه لا يبلغني عن أحد ساق أكثر من شيء ساقه رسول الله صلى الله عليه و سلم أو سيق إليه، إلا جعلت فضل ذلك في بيت المال ثم نزل فعرضت له امرأة من قريش فقالت: يا أمير المؤمنين أكتاب الله تعالى أحق أن يتبع أو قولك؟!! قال بل كتاب الله تعالى فما ذاك …

قالت: نهيت الناس آنفا أن يغالوا في صداق النساء والله تعالى يقول في كتابه: ﴿ وَآتَيْتُمْ إِحْدَاهُنَّ قِنطَارًا فَلَا تَأْخُذُوا مِنْهُ شَيْئًا ﴾ فقال عمر رضي الله عنه: كل أحد أفقه من عمر مرتين أو ثلاثا، ثم رجع إلى المنبر فقال للناس: إني كنت نهيتكم أن تغالوا في صداق النساء، ألا فليفعل رجل في ماله ما بدا له) سنن البيهقي.

ولقد كان الحق مرادهم وغايتهم، والوصول إلى الصواب سعيهم وطلبهم، فإذا ما ظهر هذا الحق، اتبعوه وانقادوا إليه، بكل يسر و سهولة، وتركوا ما كانوا عليه من الاجتهاد الذي بدا لهم عدم صوابه، فلم يتعصبوا لرأي، ولم يتحجروا لمذهب أو اجتهاد، ما دام القرآن والسنة الحكم والفيصل بينهم.

وإن الاعتذار شاق على كثير من الناس، وقليل من يستسيغه ويتحمله وخاصة بين من يعتدون بأنفسهم، ممن نشؤوا منذ نعومة أظفارهم على الأثرة والترفع، فيصعب عليهم جدا أن تخرج كلمة الاعتذار من أفواههم أو أن يقبلوا اعتذار ممن يعتذر، ربما يسهل على المرأة النطق بجمل الاعتذار، بل أحيانا ما تكون جمل الاعتذار من مفردات حديثها الطبيعي، ولكن الصعوبة الحقيقية في اعتذار الرجل وخصوصا في عالمنا العربي، إذ يعتبر معظمهم – لعوامل تربوية متجذرة في الأعماق – أن الاعتذار في حد ذاته جالب للمهانة ومنقص للكرامة.

فكم من بيوت خربت، وكم من قضايا رفعت وأضاعت الوقت والجهد والمال، وكم من عداوات دامت طويلا وأثرت على أجيال متعاقبة وتسببت في قطيعة أرحام طويلة ممتدة، وكم من دماء أهريقت بين الرجال أو الأسر، وكان يكفي لوأدها في مهدها كلمة واحدة فقط وهي كلمة الأسف أو الاعتذار، والتي لو قيلت بعد مرور وقت لن تجدي نفعا ولن يكون لها أية قيمة ولا أثر، فلِم تتكبر عنها النفوس التي تعلم أن العودة للحق خير من التمادي في الباطل؟

وكم من النزاعات والصراع بين الأصحاب والأصدقاء وكم حدث التهاجر بين الجيران بسبب عدم إقرار مرتكب الخطأ بخطئه وإصراره عليه، فعن المعرور بن سويد، قال: لقيت أبا ذر بِالربذة، وعليه حلة، وعلى غلامه حلة، فسألته عن ذلك، فقال: إني ساببت رجلاً فعيرته بأمه، فقال لي النبي – صلى الله عليه وسلم -: “يا أبا ذر أعيرته بأمه؟ إنك امرؤ فيك جاهلية، إخوانكم خولكم، جعلهم الله تحت أيديكم، فمن كان أخوه تحت يده، فليطعمه مما يأكل، وَلْيُلْبِسْهُ مما يلبس، ولا تكلفوهم ما يغلبهم، فإن كلفتموهم فأعينوهم”. متفق عليه.

وسنعترف بها حتماً في يوم لا ينفع فيه مال ولا بنون ولا ينفع فيه الندم والاعتذار والاعتراف بالأخطاء عندما نقف بين يدي الله يوم القيامة وعندما يعاين الناس العذاب..

Share Button

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *