Share Button

 

بقلم:

رافع آدم الهاشميّ

………

قبلَ البدءِ، أَحمَدُ اللهَ حَمداً كثيراً كما هُوَ أَهلُهُ؛ الّذي وهبَ لنا العقلَ، فجعَلنا أَحراراً نملِكُ حُريَّةَ التفكيرِ وَ بالتالي نمتلِكُ حُريَّةَ الاختيارِ؛ كيَ نكونَ عِباداً مُخلَصينَ (بفتحِ اللام) إِليهِ وَ مُخلِصينَ (بكسرِ اللام) لَهُ دُونَ سِواهُ، وَ لا نكون مَطيَّةً عندَ شخصٍ أَيَّاً كانَ وَ كيفما كانَ وَ أَينما كانَ، مِمَّن يَدَّعونَ على اللهِ الأَكاذيبَ وَ يُتاجرونَ بنا وَ بكُلِّ شيءٍ حتَّى الله.

أَمَّا بعدُ فأَقولُ:

سؤالٌ تبادرَ إِلى ذهنيَ كثيراً، هُوَ:

– ما الّذي جعلَ أَفرادَ الأُسرةِ الإِنسانيَّةِ الواحدةِ يقعونَ في شرائكِ حروبٍ طاحنةٍ وَ صراعاتٍ قميئةٍ أَدَّت إِلى إِحداثِ بحورٍ مِن الدِّماءِ وَ إِيقاعِ الملايينِ تلوَ الملايينِ مِنَ الْمُضطَهدَينَ وَ الْمُضطَهداتِ في فِخاخِ تداعياتها طوالَ كُلِّ هذهِ القرونِ العشرةِ المنصرمةِ أَو تزيدُ (على وجهِ الخصوصِ) وَ حتَّى يومِنا هذا؟

كُلُّنا نعلَمُ أَنَّ الأَرضَ، وَ خاصَّةً بلادُ الْمُسلمينَ، تعجُّ بالأَيتامِ وَ الْمُحتاجينَ وَ الفُقراءِ، وَ المسلمونَ فيها وَ كذلكَ الْمُسلِماتُ، ينحدرونَ اقتصاديَّاً يوماً بعدَ يومٍ، مِن سيِّئٍ إِلى أَسوءٍ، وَ مِن أَسوءٍ إِلى أَشدِّ سوءٍ، بل أَنَّ الكثيرينَ منِهُم وَ منهُنَّ يُعانونَ وَ يُعانينَ ويلاتَ الفقرِ الْمُدقَعِ وَ حتَّى التشرُّدِ على قوارعِ الطُرُقاتِ!

– كُلُّ هذا الاضطِهادِ لماذا؟!!

– مَنِ السببُ وراءَ هذا الكَمِّ الهائلِ مِنَ البؤسِ وَ الشَقاء؟!!

– هَل يا تُرى هيَ حكوماتُ بُلداننا الإِسلاميَّةُ أَوِ العربيَّةُ مثلاً؟!

– أَمْ أَنَّ في الأَمرِ ما هُوَ خافٍ عنَّا أَو قَد أَخفوهُ عَنَّا طوالَ هذهِ القرونِ فتسبَّبَ خفاؤهُ عنَّا بأَن نكونَ مَطيَّةً للْمُخادعينَ الأَشرار دُونَ أَن نعلَمَ أَنَّنا كُنَّا مَطيَّةً لديهِم؟!!!

في مقاليَ هذا، سأَكشِفُ لك حقيقةً صادِمَةً تفوقُ مُستوى توقُّعاتك كُلِّها، لم يخبرك بها أَحدٌ قبليَ مُطلقاً، وَ أَنا (وَ أَعوذُ باللهِ مِنَ الأَنا) أَوَّلُ إِنسانٍ على مستوى العالمِ كُلِّهِ أُخبرُك بهذهِ الحقيقةِ الصادمةِ إِليك، وَ السببُ في أَنَّني أَوَّلُ مَن يُخبرُك بها؛ لأَنَّ الجميعَ لا يمتلكونها، فقط، الّذي أَرجوهُ منك، هُوَ الصبرُ قليلاً، ليُتابعَ عقلُك معي قراءةَ الأُسطرِ التاليةِ بعنايةٍ بالغةٍ جدَّاً؛ ففيها جوهرُ الحقيقةِ، وَ مِنها يُمكِنُ لعقلك وَ قلبك معاً، أَن يتيقّنا مِن صدقِ هذهِ الحقيقةِ الصادمةِ، بالدليلِ العلميِّ القاطعِ، وَ البُرهانِ المنطقيِّ الساطعِ، فإِليك شيءٌ مِمَّا وهبني اللهُ عَزَّ وَ جَلَّ إِيَّاهُ، وَ هُوَ:

– حقيقةٌ صادمةٌ تفوقُ مُستوى توقُّعاتك.

أَقولُ:

– مَن مِنَّا لا يَعرِفُ الشمسَ وَ القمرَ؟!

بالطبعِ، كُلُّنا نعرفُ جيَِّداً ما هيَ الشمسُ، وَ نعرِفُ أَيضاً ما هُوَ القمرُ، إِلَّا أَنَّ الأَهمَّ مِن معرفتِنا لَهُما هُوَ أَن نعلَمَ حقيقةَ الشمسِ وَ حقيقةَ القمرِ.

حينَ نبحثُ في معاجمِ اللُّغةِ العربيَّةِ الفُصحى، نجدُ أَنَّها تتفِقُ معاً على أَنَّ التعريفَ اللُّغويَّ للمُفردَتينِ التاليتينِ هُوَ ما يلي إِزاءَ كُلِّ واحدةٍ مِنهُما.

الضياءُ؛ مَصدرُ ضاءَ، وَ منهُ يكونُ الضوءُ، وَ يُطلَقُ تحديداً على الشيءِ الْمُضيءِ بذاتهِ، لذا: فإِنَّ إِضاءَة الشمسِ يُقالُ عنها: ضياءُ الشمسِ، أَو: ضوءُ الشمسِ، وَ لا يُقالُ: نورُ الشمسِ؛ لأَنَّ الضوءَ الّذي يصدرُ مِنَ الشمسِ إِنَّما هُوَ يصدرُ منها ذاتيَّاً دُونَ تدخُّلٍ فيهِ من جهةٍ أُخرى أَيَّاً كانت الجهةُ تلكَ.

النُّورُ؛ هُوَ سطوعُ ضوءٍ عن شيءٍ ناتجٍ إِثرَ انعكاسهِ عليهِ مِن شيءٍ آخَرٍ غيرَهُ، لذا: فإِنَّ سطوعَ القمرِ يُقالُ عنهُ: نورُ القمرِ، وَ لا يُقالُ: ضياءُ القمرِ، كما لا يُقالُ أَيضاً: ضوءُ القمرِ؛ لأَنَّ القمرَ لا ضوءَ لَهُ ذاتيَّاً وَ إِنَّما هُوَ سطوعٌ لانعكاسِ ضوءِ الشمسِ عليهِ، وَ حيثُ أَنَّ القمرَ لا ضوءَ لَهُ، فهذا يعني (بداهةً) أَنَّ القمرَ في حقيقتهِ هُوَ مُظلِمٍ؛ إِذ لو لَم يَكُنِ القَمرُ مُظلِماً لكانَ ذا ضوءٍ ذاتيٍّ يصدرُ منهُ مِن تلقاءِ ذاتهِ، إِلَّا أَنَّهُ يعكسُ ضوءَ الشمسِ فقط لا غير، لذلك هُوَ مُظلِمٌ (معتمٌ).

وَ الضوءُ لدى عامَّةِ النَّاسِ يُستخدَمُ اصطلاحاً تارةً للإِشارةِ إِلى ضياءِ الشمس، وَ تارةً أُخرى للإِشارةِ إِلى نورِ القَمر.

وَ حينَ نبحثُ في كُتُبِ العِلمِ الْمُختصَّةِ بالفَلكِ، فإِنَّنا نجدُ العُلماءَ الفلكيِّونَ جميعُهم قَد اتّفقوا على ما يلي إِزاءَ الشمسِ وَ القمرِ.

حين نسأَلُهم:

– من أَينَ يأَتي ضوءُ القمرِ؟

نجدُ الجوابَ هُوَ: القمَرُ جسمٌ باردٌ معتمٌ يستمدُّ ضوءَهُ مِنَ الشمسِ، وَ ضوءُ القمرِ هُوَ الضوءُ الّذي يصِلُ الأَرضَ مِنَ القمرِ؛ وَ الناتجِ بشكلٍ أَساسيٍّ عن اِنعكاسِ أَشعةِ الشمسِ مِن على جُرمِ القمرِ الْمُعتمِ، بالإِضافةِ إِلى نسبةٍ قليلةٍ جدَّاً مِنَ الأَجرامِ الْمُحيطةِ بهِ.

وَ حينَ نسأَلُهم:

– مِن أَينَ يأَتي ضوءُ الشمسِ؟

نجدُ الجوابَ هُوَ: مِن ذاتها هيَ؛ حيثُ تجري في باطنِ الشمسِ تفاعُلاتُ اِندماجٍ نوويٍّ تندمِجُ خلالها أَنويَّةُ الهيدروجين وَ تتحوَّلُ إِلى الهيليوم، وَ تصدرُ عَن تلكَ التفاعُلاتِ طاقَةٌ عاليةٌ جدَّاً تنتشِرُ في باطنِ الشمسِ وَ لا تستطيعُ النفوذ إِلى الخارجِ إِلّا بعدَ زمنٍ طويلٍ تزدادُ خلالها أَطوالُ موجاتها حتَّى تصل إِلى سطح الشمسِ، وَ هذا الضوءُ هُوَ الّذي يصلُ إِلينا، وَ تمدُّ الشمسُ الأَرضَ بالطاقةِ الحراريَّةِ اللازمةِ للأَحياءِ على الأَرضِ، وَ نظراً لأَنَّ الأَرضَ تبعُدُ عَنِ الشمسِ نحوَ (150) مائةٍ وَ خمسينَ مليون كيلومترٍ فإِنَّ ما يصلُنا مِن طاقتِها يجعَلُ متوسّطَ درجةِ الحرارةِ على الأَرضِ نحوَ (14) أَربعةَ عشرَ درجةً مئويَّةً، وَ هي درجةُ حرارةٍ مُناسبةٌ للحياةِ.

وَ أَشعّةُ الشمسِ أَو الأَشعّةُ الشمسيَّةُ أَو ضوءُ الشمسِ هُوَ عبارَةٌ عَن مجموعٍ مِنَ الموجاتِ الكهرومغناطيسيَّةِ، يُمكِنُ للإِنساِن رؤية جُزءٍ منها يُسمَّى ضوءً مرئيِّاً وَ بقيَّتهُ لا يُرى بالعينِ الْمُجرَّدةِ، وَ تتميَّزُ الأَشعّةُ المرئيَّةُ مِن طَيفِ الشمسِ بأَنَّها تتكوَّنُ مِن أَشعةٍ لونيَّةٍ مِنَ الأَحمَرِ إِلى البنفسجيِّ وَ هيَ ما تُسمَّى بـ (أَلوان قَوس قزح).

وَ الأَشعّةُ الشمسيَّةُ تحمِلُ طاقةً وَ تختلفُ طاقتُها حسبَ طولِ موجتها، فكُلّما زادَتْ موجَةُ الضوءِ كُلّما اِنخفَضَت طاقتهُ، من ذلك فإِنَّ الأَشعةَ فوق البنفسجيَّةِ طاقتُها عاليةٌ نسبيَّاً، وَ لذلكَ فهيَ ضارّةٌ لجلدِ الإِنسانِ إِذا تعرَّضَ إِليها طويلاً، وَ تسقطُ أَشعّةُ الشمسِ على الأَرضِ بعدَ مُرورِها خلالَ الغلافِ الجَويِّ للأَرضِ، وَ يقومُ الغِلافُ الجَويُّ للأَرضِ بامتصاصِ بعضِها فلا يصِلُ إِلينا.

وَ الأَشعّةُ الشمسيَّةُ أَنواعٌ ثلاثةٌ، منها يتأَلّفُ الإِشعاعُ الشمسيُّ، وَ هيَ:

(1): الأَشعّةُ الحراريَّةُ أَو الأَشعّةُ تحت الحمراءِ.

(2): الأَشعّةُ الضوئيَّةُ الْمُسمّاةُ مرئيةٌ وَ هيَ في الحقيقةِ غَيرُ مرئيَّةٍ؛ فأَشعّةُ الشمسِ وَ بها ما يُسمّى الضوءُ المرئيُّ مثلاً تخترقُ الفضاءَ الكونيَّ مِن غيرِ أَن نراها، إِلَّا أَنَّها تُنيرُ الوسطَ الماديَّ الشفّافَ الّتي تتناثرُ فيهِ، مثلَ غلافنا الجويِّ، أَو تنعكسُ منهُ، مثلَ سطحِ القمرِ، وَ التشتُّتُ أَو التناثرُ هُوَ السرُّ في إِنارةِ الجوِّ بضوءِ النَّهارِ، معَ العِلمِ: أَنـَّهُ يُمكِنُ تحليل الضوءِ بمنشورٍ زجاجيٍّ إِلى مكوّناتهِ الأَساسيَّةِ.

(3): الأَشعّةُ فوق البنفسجيَّة وَ تُسمَّى أَيضاً بـ (الأَشعّة الحيويَّة) وَ هيَ غيرُ مرئيَّةٍ.

وَ الآن أَسأَلُك سؤالاً بسيطاً، هُوَ:

– هل يوَجَدُ مخلوقٌ عاقِلٌ لا يعلمُ المعلوماتَ السابقةَ الواردةَ في أَعلاهُ عنِ الشمسِ وَ القمرِ؟!

حتماً سيكونُ جوابُك: أَنَّ الجميعَ يعلمونَ هذهِ المعلوماتِ.

حسناً، إِذاً أَسأَلُك الآنَ:

– وَ الّذي يقولُ لك عكسَ هذهِ المعلوماتِ، ماذا تقول (ين) عنهُ أَنت؟

بالنسبةِ لي، لا يهمُّني جوابُك عن سؤالي هذا، فهُوَ يخصُّك أَنت، إِلَّا أَنَّ الأَهمَّ على الإِطلاقِ هُوَ أَن تُجيبَ نفسك عن سؤالي التالي:

– هل مِنَ الممكنِ أَن يكونَ اللهُ جاهِلاً هذهِ المعلوماتَ فلا يعرِفُ أَنَّ الشمسَ تُضيءُ ذاتيَّاً وَ القمرَ يسطعُ بانعكاسِ ضوءِ الشمسِ عليهِ وَ هُوَ عَزَّ وَ جَلَّ خالِقُ الشمسِ وَ القمر؟!!!

حاشا اللهُ الإِلهُ الخالِقُ الحَقُّ ربُّنا القُدُّوسُ مِنَ الجهلِ وَ مِن أَيِّ نقصٍ أَو عَيبٍ، تقدَّسَت ذاتُهُ وَ تنزَّهَت صِفاتُهُ وَ تعالى عَمَّا يَصِفِ الجاهلونَ.

الدليلُ في أَنّ اللهَ يعلَمُ حقيقةَ الشمسِ وَ القمرِ هُوَ الآيةُ الشَّريفةُ التاليةُ في القُرآن:

– {هُوَ الَّذِي جَعَلَ الشَّمْسَ ضِيَاءً وَ الْقَمَرَ نُوراً وَ قَدَّرَهُ مَنَازِلَ لِتَعْلَمُوا عَدَدَ السِّنِينَ وَ الْحِسَابَ مَا خَلَقَ اللهُ ذَلِكَ إِلاَ بِالْحَقِّ يُفَصِّلُ الآَيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ}.

[القرآن الكريم: سورة يونس/ الآية (5)]

وَ الآيةُ أَعلاهُ واضحةٌ كُلَّ الوضوحِ:

– {الشَّمْسَ ضِيَاءً وَ الْقَمَرَ نُوراً}.

فَالآيةُ لَم تَقُل:

– (الشَّمْسَ نُوراً وَ الْقَمَرَ ضِيَاءً)..

بل قالت صراحةً:

– {الشَّمْسَ ضِيَاءً وَ الْقَمَرَ نُوراً}.

ذلكَ لأَنَّ اللهَ عَزَّ وَ جَلَّ يعلمُ أَنَّ القمرَ مُعتمٌ لا ضوءَ لَهُ، أَيّ: أَنَّ القمرَ مُظلِمٌ، وَ يعلمُ أَنَّ الشمسَ لها ضوءٌ ذاتيٌّ، مِن انعكاسهِ على القمرِ يكونُ نورُ القمرِ الّذي نحنُ نراهُ.

وَ هذا ما يؤكِّدُهُ القُرآنُ صراحةً في آيةٍ أُخرى، بقولهِ فيها:

– {أَلَمْ تَرَوْا كَيْفَ خَلَقَ اللهُ سَبْعَ سَمَوَاتٍ طِبَاقاً، وَ جَعَلَ الْقَمَرَ فِيهِنَّ نُوراً وَ جَعَلَ الشَّمْسَ سِرَاجاً}.

[القرآن الكريم: سورة التحريم/ الآيتان (15 و16)]

فالآيةُ تؤكِّدُ على أَنَّ اللهَ عَزَّ وَ جلَّ قَد:

– {جَعَلَ الْقَمَرَ فِيهِنَّ نُوراً}..

وَ ليسَ:

– (جَعَلَ الْقَمَرَ فِيهِنَّ ضياءً).

السؤالُ الخطيرُ الّذي يكشِفُ لك الحقائقَ الّتي أَخفاها عنَّا الْمُخادعونَ طوالَ قرونٍ عديدةٍ، هُوَ:

– كيفَ يقولُ اللهُ عن نفسهِ أَنَّهُ مُعتمٌ لا يُضيءُ ذاتيَّاً؟!!!

وَ ذلكَ في قولهِم الواردِ في القرآن الكريمِ الموجود بين أَيدينا اليومَ، الّذي قالوا عنهُ أَنَّ اللهَ قَد قالَ:

– {اللهُ نُورُ السَّمَوَاتِ وَالأرْضِ مَثَلُ نُورِهِ كَمِشْكَاةٍ فِيهَا مِصْبَاحٌ الْمِصْبَاحُ فِي زُجَاجَةٍ الزُّجَاجَةُ كَأَنَّهَا كَوْكَبٌ دُرِّيٌّ يُوقَدُ مِنْ شَجَرَةٍ مُبَارَكَةٍ زَيْتُونَةٍ لاَ شَرْقِيَّةٍ وَ لاَ غَرْبِيَّةٍ يَكَادُ زَيْتُهَا يُضِيءُ وَ لَوْ لَمْ تَمْسَسْهُ نَارٌ نُورٌ عَلَى نُورٍ يَهْدِي اللهُ لِنُورِهِ مَنْ يَشَاءُ وَ يَضْرِبُ اللهُ الأمْثَالَ لِلنَّاسِ وَ اللهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ}

[القرآن الكريم: سورة النُّور/ الآية (35)]

فالآيةُ هُنا تقولُ صراحةً:

– {اللهُ نُورُ السَّمَوَاتِ وَ الأرْضِ}..

وَ لَم تَقُلِ الآيةُ:

– (اللهُ ضياءُ السَّمَوَاتِ وَ الأرْضِ)!!!

وَ الآيةُ هُنا تقولُ صراحةً:

– {مَثَلُ نُورِهِ كَمِشْكَاةٍ}، {نُورٌ عَلَى نُورٍ}، {يَهْدِي اللهُ لِنُورِهِ}!!!

وَ لَم تَقُلِ الآيةُ:

– (مَثَلُ ضيائهِ كَمِشْكَاةٍ)، (ضياءٌ عَلَى ضياءٍ)، (يَهْدِي اللهُ لضيائهِ)!!!

كذلكَ فإِنَّهُم قالوا في قولهِم الواردِ في القرآن الكريمِ الموجود بين أَيدينا اليومَ، الّذي قالوا عنهُ أَنَّ اللهَ قَد قالَ:

– {يُرِيدُونَ أَنْ يُطْفِئُوا نُورَ اللهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَ يَأْبَى اللهُ إِلاَ أَنْ يُتِمَّ نُورَهُ وَ لَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ}..

[القرآن الكريم: سورة التوبة/ الآية (32)]

فالآيةُ هُنا أَيضاً تقولُ صراحةً:

– {نُورَ اللهِ}، {يُتِمَّ نُورَهُ}..

وَ لَم تَقُلِ الآيةُ:

– (ضياءَ اللهِ)، (يُتِمَّ ضياءَهُ)!!!

و الخوضُ في تفاصيلِ جُزئيِّات هاتينِ الآيتينِ يطولُ وَ يفتحُ البابَ على مصراعيهِ إِلى الولوجِ في حقائقٍ أَكثرِ صدمَةٍ مِمَّا يفوقُ مُستوى توقّعاتك بكثيرٍ، لا يسعُ المقالُ هذا كشفها إِليك جميعاً، قَد آتيك بها في حينهِ بشكلٍ تتابعيٍّ؛ إِن أَمدَّ اللهُ في عُمُري وَ وفَّقني لذلك.

السؤالُ هُوَ:

– هلَ حقَّاً أَنَّ اللهَ يجهلُ الحقائقَ العلميَّةَ الّتي نعلمُها نحنُ جميعُنا وَ لا يعرِفُ معنى الأَلفاظِ لُغويَّاً على حقيقتِها كما نعرِفُها كُلُّنا، بل وَ كما يعرِفُها حتَّى أَطفالُ المدارسِ الصِّغار؟!

– أَمْ أَنَّ اللهَ يُخادِعُنا، فتارةً يُخبرُنا عن حقيقةِ الشمسِ وَ القمرِ بما لا جدالَ فيهِ، وَ تارةً أُخرى يكذِبُ علينا بجعلِ نفسهِ مُعتِماً كالقمرِ وَ ليسَ مُضيئاً كالشمس؟!!

– أَمْ أَنَّ اللهَ يتلاعَبُ بعقولِنا فيوهِمُنا أَنَّهُ نورُ السّماواتِ وَ الأَرضِ، فهُوَ كالقمرِ يستمدُّ سطوعَهُ مِن انعكاسِ ضياءِ الشمسِ عليهِ، وَ بالتالي: فإِنَّ اللهَ (هذا المذكورُ في القُرآنِ بخصوصِ هذهِ الآيةِ وَ مثيلاتها) هُوَ إِلهٌ مخلوقٌ على يدِ إِلهٍ آخَرٍ، وَ حيثُ أَنَّ الإِلهَ الآخَرَ هُوَ الّذي لديهِ ذاتيَّةُ الإِضاءَةِ، أَيّ: ذلكَ الإِلَهُ الآخَرُ هُوَ الّذي لَهُ القُدرةُ الحقيقيَّةُ على أَن يقولَ للشيءِ كُن فيكونُ، لا هذا الإِلهُ المذكورُ الّذي أَنزلَ القُرآنَ، كما يدَّعونَ، فأَرادَ التلاعُبَ بعقولنا؛ ابتغاءَ إِيهامِنا فنقومُ بعبادتهِ هُوَ لا عبادة ذلكَ الإِلهُ الآخَرُ الحَقّ؟!!

حاشا اللهُ الإِلهُ الخالِقُ الحقُّ رَبُّنا القُدُّوس مِن أَيِّ نقصٍ أَو عيبٍ أَيَّاً كانَ، بما فيهما الجهلُ وَ الخِداعُ وَ الكذبُ وَ التلاعُبُ بالعقولِ.

– أَمْ أَنَّ القُرآنَ الّذي بينَ أَيدينا اليومَ هُوَ كِتابٌ مُحرَّفٌ بامتيازٍ؟

دَعني (دَعيني) أَهمِسُ في أُذنك حقيقةً أَخفوها عنَّا طوالِ قرونٍ مَضت، وَ في الوقتِ ذاتهِ أَصدَحُ بالحقيقةِ هذهِ في كُلِّ الآفاق:

– القُرآنُ الّذي بينَ أَيدينا اليومَ هُوَ كِتابٌ مُحرَّفٌ بامتيازٍ، طوالَ كُلِّ القرون العديدةِ الماضية، وَ هُوَ ليسَ القُرآنُ الأَصيلُ، وَ الآياتُ الْمُحرَّفاتُ فيهِ هيَ الّتي اعتمدَّ عليها كهنةُ الْمُعابدِ سُفهاءُ الدِّينِ الْمُتأَسلمينَ لا الْمُسلمينَ في بثِّ نوازغِ (بالغينِ لا بالعين) التفرقةِ فيما بيننا نحنُ أَبناءُ وَ بناتُ الأُسرةِ الإِنسانيَّةِ الواحدةِ، طيلةَ كُلِّ هذهِ القرونِ وَ حتَّى يومِنا هذا، فاتَّخذوا هذهِ الآياتَ الْمُحرَّفاتَ وسيلةً لخِداعِنا وَ السيطرةِ على عقولِنا بذريعةِ الخوفِ من نارِ الله يومَ الحسابِ في حالةِ عصياننا لفتواهُم الْمُتعلِّقةِ بكُلِّ ما يرتبطُ بتلكَ الآياتِ الْمُحرِّفاتِ، وَ أَمَّا فُقهاءُ الدِّينِ الأَخيارِ (رضوانُ اللهِ تعالى عليهِم أَجمعينَ) فلَم يكتشفوا هذهِ الحقيقةَ؛ ليسَ لضعَفِ عقولهِم، وَ إِنَّما لعدمِ تحقيقهِم القرآنَ، الّذي اعتبروهُ كتاباً مُقدَّساً فوقَ مُستوى الشُبهاتِ، فيما وفّقني اللهُ عزَّ وَ جَلَّ لتحقيقهِ وَ تدقيقهِ، فكشفَ ليَ الحقائقَ وَ الخفايا وَ الأَسرار، وَ لو حَقّقوهُ لاكتشفوا التحريفَ فيهِ، فكشفوهُ، فكانَ واقعُ التَّاريخِ وَ حاضرُهُ قَد تغيَّرَ عَمَّا هُوَ عليهِ جُملةً وَ تفصيلاً، ليُصبحَ فيهِ النَّاسُ مُتعايشونَ سلميَّاً ينعمونَ جميعاً بالاستقرارِ وَ الرخاء.

هذا الدليلُ القاطِعُ وَ البرُهانُ الساطِعُ الّذي أَوردتُهُ إِليك الآن على تحريفِ القُرآنِ، هُوَ واِحدٌ مِن عشراتِ الأَدلَّةِ وَ البراهينِ الأُخرى الموجودة جميعُها لديَّ، بل أَنَّ الأَدلَّةَ وَ البراهينَ الّتي وفّقني اللهُ تعالى لكشفها تفوقُ العشراتَ تلوَ العشراتَ، وَ هُوَ ما وهبني اللهُ عَزَّ وَ جَلَّ إِيَّاهُ مِن عِلمٍ إِثرَ تقوايَ إِيَّاهُ، بعدَ مخاضٍ عسيرٍ لصبرٍ طويلٍ على الْمُعاناةِ لو كشفتُ شيئاً مِنها تزولُ مِن شدّتها الجبال، فما شاءَ اللهُ وَ لا حولَ وَ لا قُوَّةَ إِلَّا باللهِ، وَ الحمدُ للهِ على ما وهبني مِن صبرٍ وَ عِلمٍ حَمداً كثيراً كما هُوَ أَهلُهُ، إِنَّهُ ذو الفضلِ العظيمِ.

فإِيَّاك أَن يخدعك سُفهاءُ الدِّين بفتاواهُم، فإِنَّ كهنةَ المعابدِ الْمُتأَسلمينَ لا الْمُسلمينَ هؤلاءِ، هُم الّذينَ وراءَ كُلِّ هذا الكَمِّ الهائلِ مِنَ البؤسِ وَ الشَقاء، فليكُن عقُلك هُوَ حاكمُك أَنت، لا تلك الفتاوى أَيَّاً كانت، وَ لتكُن فطرتُك الإِنسانيَّةُ السلميةُ هيَ نبضاتُ قلبك الّتي تؤكِّدُ لك أَنّ ميزانَ التفاضُلِ بينَ النَّاسِ هُوَ تقوى اللهِ..

– لكن!

– أَيُّ الله هذا؟!!!

– هلَ هُوَ اللهُ الْمُشوَّهَةُ صفاتُهُ وَ أَوصافُهُ المذكورُ في الآياتِ الْمُحرَّفاتِ؟!!!

– أَمْ مَن هُوَ بالتحديدِ الدقيق؟

أَقولُ لك:

هُوَ اللهُ الْحُبُّ، هُوَ اللهُ السَّلامُ، هُوَ اللهُ الخيرُ، وَ لا شيءَ هُوَ غيرُ الْحُبِّ وَ الخيرِ وَ السَّلامِ، لمخلوقاتهِ جميعاً دُونَ استثناءٍ، بمَن فيهِم نحنُ البشرُ أَيَّاً كُنَّا، وَ أَينما كُنَّا، بغضِّ النظرِ عنِ العِرقِ أَو الانتماءِ أَو العقيدة، معَ أَخذك بعينِ الاعتبارِ: أَنَّ هذا القُرآنَ الّذي بينَ أَيدينا اليومَ، على رغمِ احتوائهِ على آياتٍ مُحرَّفاتٍ بامتيازٍ، فهُوَ أَيضاً يحتوي على آياتٍ صحيحاتٍ تتطابقُ تطابقاً تامَّاً معَ آياتِ القُرآنِ الأَصيلِ الّذي أُوحيَ إِلى جَدِّيَ النبيّ الصادق الأَمين (عليهِ وَ على آلهِ الأَطهار وَ صحبهِ الأَخيار أَتمُّ السَّلام وَ روحي لَهُ وَ لَهُم جميعاً الفِداءُ)، فلاحِظ (ي) وَ تأَمَّل (ي) وَ تبصَّر (ي) وَ تدبَّر (ي)، جعلني اللهُ وَ إِيَّاك وَ جميعَ المؤمنين وَ المؤمنات مِمَّن أَبصروا ضياءَ الحقيقةِ دُونَ انقطاعٍ وَ تجرَّعوها باستمرارٍ على رَغم ما فيها مِن مَرارةٍ لا يستسيغُها إِلّا الّذينَ لَم يستوحِشوا طريقَ الحقِّ رغمَ قلّةِ سالكيهِ؛ لنزدادَ قُرباً مِن رَبِّنا القُدُّوس الّذي لا إِلهَ إِلّا هُوَ تقدَّست ذاتُهُ وَ تنزَّهَت صفاتُهُ وَ تعالى عمَّا يصفِ الجاهلونَ عُلوَّاً كبيراً؛ فنحيا معاً بالْحُبِّ وَ الخيرِ وَ السَّلام، بعيداً عن الكُرهِ وَ الشرِّ وَ الحربِ؛ لأَنَّنا بالْحُبِّ خُلِقنا، وَ بالْحُبِّ يحيا الإِنسان.

Share Button

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *