Share Button

كتب /ايمن بحر 
الخبير الامني رضايعقوب ، تواجه شهرزاد ميرقليخان (41 عاماً)، التى عملت سيدة أعمال و”مفتشاً خاصاً” فى مؤسسة الإذاعة والتلف يون الرسمى ز الإيرانى، تهمة التجسس لصالح الولايات المتحدة من قبل “وحدة إستخبارات تابعة للحرس الثورى الإيرانى” حسب قولها، بينما كان يراها الإيرانيون سابقاً “بطلة وطنية” عندما سُجنت فى الولايات المتحدة بتهمة التجسس لصالح إيران عام 2007، وأثارت سيدة الأعمال شهرزاد جدلاً واسعاً فى أوساط الإيرانيين بعد نشرها عدة وثائق ومقاطع مصورة فى مايو/أيار الحالى، التى أنذرت فيها المرشد الأعلى آية الله خامنئى والحرس الثورى، عبر صفحتها فى موقع التواصل الإجتماعى، تويتر، بأنها ستكشف عن أوراق الفساد فى دائرته الضيقة جداً.
وبدأت رسالتها بـ: “عزيزى آية الله.. إنتهت اللعبة، حان الوقت لكى يعلم العالم أن إبنك مجتبى خامنئى وأعوانه مصدر الفساد والشر فى إيران، سأكشف عن جميع الأوراق التى بحوزتى، عن لا إنسانيتهم ولا عدالتهم وفسادهم، ولا يهمنى شئ سوى إيران وشعبها”، ويتساءل بعض الإيرانيين عن سرّ تحذيراتها “الجريئة” أو “المزيفة” التى قد تدين أعلى الجهات فى البلاد.
حاورتها بى بى سى عربى لمعرفة حقيقة التهم الموجهة اليها وسرّ جرأتها فى تهديد الإستخبارات الإيرانية وخامنئى، عندما تم إطلاق سراح شهرزاد من السجن فى الولايات المتحدة، إستُقبلت في بلدها إستقبال “الأبطال” وعُينت بعد فترة وجيزة مديرة للعلاقات العامة فى تلفزيون “برس تى فى” الحكومى، وبعد ذلك بعام عيّنها محمد سرافراز المدير السابق لمؤسسة الإذاعة والتلفزيون الرسمى الإيرانى، فى منصب “المفتش الخاص” فى المؤسسة، وبحكم وظيفتها، إطلعت شهرزاد على جميع المسائل والقضايا التى كان “يتدخل فيها الحرس الثورى وإبن خامنئى، مجتبى”، وكان يتعين عليها رفع التقارير الى سرافرازالذى بدوره كان يرفعها لخامنئى مباشرة، يُذكر أن رئيس مؤسسة الإذاعة والتلفزيون الرسمى يُعين من قبل خامنئى شخصياً.
وحسب شهرزاد، بدأت المشكلة بعد إعدادها فيلماً وثائقياً عام 2015، عن تجربتها فى السجن فى الولايات المتحدة، وعن تورط زوجها السابق محمود سيف فى تهريب خوذ مزودة بمنظارات ليلية تُستخدم لأغراض عسكرية الى الحرس الثورى وبعلم ابن خامنئى، وكانت وحدة إستخبارات تابعة للحرس الثورى قد طلبت منها عدم نشر كتابها الذى تضمن جميع مذكراتها والتى تتحدث فيه عن المعاملة السيئة التى لقيتها فى السجن من جهة ومن زوجها السابق محمود سيف من جهة أخرى، ولم تمضِ فترة طويلة، حتى إتهمت بالتجسس لصالح الولايات المتحدة من قبل الحرس الثورى وطُلب منها مغادرة البلاد الى سلطنة عمان على حد قولها،الا أن الحرس الثورى ينفى ذلك.
وبعد سفرها إلى مسقط، العاصمة العمانية، سافر سرافراز اليها ومعه الوثائق (المذكرات) التى تركتها خلفها فى إيران، كما شوهد فى مقطع الفيديو الذى نشرته شهرزاد فى صفحتها فى موقع التواصل الإجتماعى تويتر، وأضافت بأن تلك الأوراق وجهاز الكمبيوتر الخاص بها قد سرقت من سيارتها دون المسّ بأشياء أخرى مما جعلها توجه أصابع الإتهام الى رجال الحرس الثورى، ووافقها الرأى سرافراز الذى أكد ذلك فى مقابلة على قناة تلفزيونية، لكن الحرس الثورى ومجتبى خامنئى وقياديين آخرين لا يولون أهمية لما تقوله فى صفحتها فى تويتر، بل يطالبون سرافراز الذى أكد على كلامها ودافع عنها علناً بتقديم دلائل وإثباتات تؤكد كلامه، وليس واضحاً سر مخاطرة محمد سرافراز ودفاعه العلنى عن شهرزاد التى تهدد أعلى الجهات.
وتقول شهرزاد: “لا يريدوننى الكشف عن جرائم زوجى السابق، المقرب من مجتبى والحرس الثورى، ودائرة الأشرار المحيطة بهم”.
.عد عودتها الى إيران، كانت شهرزاد مقربة من السلطة وتسلمت مناصب إعلامية وإدارية مهمة فى البلاد، الا أن “صدمتها بدأت عندما منعتها الإستخبارات الإيرانية من نشر مذكراتها عن فترة سجنها، وتقول: ” ففى الوقت الذى كان يوصف فيه الأمريكيون بأنهم “الشيطان الأكبر” من قبل الإيرانيين بمن فيهم شخصيات قيادية بارزة، كنت ممنوعة من نشر مذكراتى عن السجن”، وكانت تلك بداية المشكلة، إذ “لفّق” وقتها الحرس الثورى تهمة “التجسس لصالح الولايات المتحدة” دون أى اثبات أو دليل، على حد تعبيرها، كما قالت بأن الحرس الثورى إتهمها بإقامة علاقة رومانسية مع سرافراز وأشيع خبر هروبها من البلاد وحاولوا تشويه سمعتها بشتى الوسائل، لكن الحرس الثورى نفى ذلك بحسب مواقع إيرانية محلية، وفى ردها عن سبب نفيها الى عمان تحديداً، بدلاً من محاولة إعتقالها أو إنهائها كلياً على سبيل المثال، تقول: ” كانت لدى تأشيرة عمل فى سلطنة عمان والتى كانت ستنتهى خلال عام، كما أنهم كانوا على علم بحساباتى ورصيدى فى البنك، ربما فكروا بأننى سأضطر الى مغادرة عمان الى تركيا، ومن هناك تسهل عملية التخطيط لقتلى بعيداً عن إيران، لإبعاد الشكوك عن أنفسهم”، وتقول “لم تتدخل سلطنة عمان أو تتوسط فى قضيتى هنا فى مسقط لا يتحدثون معى حول أى شئون سياسية، ولكن أصدقائى فى الأسرة الحاكمة نصحونى بالإبتعاد عن شئون سياسية والإستمتاع بحياتى مع إبنتى التوأم”.
ومن اللآفت للإنتباه، أن سرافراز ينتقد الحرس الثورى ويدافع عن شهرزاد فى مقابلاته التلفزيونية من داخل إيران دون خوف، وكان آخر لقاء له على قناة “جام جام” الحكومية، إنتقد فيها بشدة الحرس الثورى وقال عنه بأنه “يتصرف بطريقة غير منطقية ومثيرة للسخرية”.
وترجّح شهرزاد، سبب عدم خشية سرافراز من الدفاع عنها وإنتقاد الحرس الثورى من داخل إيران الى علاقته القوية مع المرشد الأعلى الذى بإستطاعته تغيير مجرى الأحداث بكلمة واحدة منه.
ويرى محللون أن تصريحات سرافراز ودفاعه العلنى عن إمرأة تهدد الحرس الثورى وشخصيات قيادية بارزة بكشف المستور، دليل على “وجود فجوة عميقة وإنقسام بين أجهزة الدولة العليا”.
ويتفادى الحرس الثورى ذكر إسم شهرزاد، أو الرد على إتهاماتها، بل يطالب مديرها بتقديم دلائل على أقواله، ومن بين التهديدات التى نشرتها شهرزاد، هى “فضح مجتبى خامنئى وأعماله غير القانونية، كتجارة الأسلحة وغيرها من المعدات التى تدر له أرباحاً هائلة، والتى يودع معظمها فى مصارف المملكة المتحدة” كما تقول.
وقالت فى ردها على سؤال لبى بى سى عما إذا كانت تخشى تعرضها للإغتيال أو الخطف: “لا أخشى شيئاً، ولا حتى المخابرات الإيرانية لأننى أملك الحقيقة ونشرتها، وإن حدث لى مكروه، فهم المسئولون”، فى إشارة الى الحرس الثورى الإيرانى ومجتبى خامنئى، وأضافت: ” لم يكن سجنى خمس سنوات فى الولايات المتحدة بالشئ الذى يُذكر مقارنة بالمتاعب النفسية الهائلة التى سببها لى رجال الحرس الثورى”.
فى مقاطع الفيديو التى نشرتها، عن “كيفية إستغلال زوجها السابق الذى يعمل مع الحرس الثورى”، لإسمها ومكتبها، وكيف أنه صدّر ثلاثة آلاف خوذة مزودة بمناظير ليلية، تستخدم لأغراض عسكرية، الى الحرس الثورى من الولايات المتحدة عبر النمسا، وتقول :”كنت ضحية الأعمال الإجرامية التى قام بها زوجى السابق محمود سيف، المقرب من الحرس الثورى ومجتبى والأشرار الذين معهم”، وأضافت:” دخل مكتبى بالقوة، لم أكن حاضرة وقتها، لكننى علمت لاحقاً أنه أرسل فاكس معاملة تصدير الخوذ من مكتبي، لأتورط أنا بهذه العملية التى سُجنت فى الولايات المتحدة بسببها خمس سنوات”، وذكرت أن طليقها يحمل عدة جوازات سفر من بينها الجواز السورى، وأضافت: “علمتُ مؤخراً أنه قام بعملية تجميلية لتغيير ملامح وجهه”.
كان الصحفى رضا غولبور “أحد ضحايا الحقيقة” فى قضيتها، إذ تقول إن حسين طائب، القيادى المعروف فى الحرس الثورى، طلب من غولبور، كتابة مقال مسئ لسمعتها، لكن الأخير رفض ذلك وإشترط مقابلتها ومحاورتها وجهاً لوجه، وكانت النتيجة أن كتب مقالاً إيجابياً عنها وإنتقد فيه محمود سيف، زوجها السابق، الأمر الذى أغضب الإستخبارات الإيرانية، وبعد فترة وجيزة من نشر اللقاء، أعتقل غولبور بتهمة “التجسس لصالح إسرائيل”، وحُكم عليه بالإعدام، وبعد الإستئناف، خُفّض الحكم إلى السجن مدة 25 عاماً، وعلى الرغم من ذلك، لم يغير غولبور موقفه، ولا يزال يناشد كبار المسئولين فى البلاد “للإنصات الى الحقيقة”.

Share Button

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *