كتبت :نجلاء الطويل
ﻣﻦ ﻋﺠﺎﺋﺐ ﻣﺎ ﺭﻭى أهل السير ﻋﻦ *( ﺃﺣﻤﺪَ ﺑﻦِ ﻣﺴﻜﻴﻦ )* ؛ ﺃﺣﺪِ ﻋﻠﻤﺎﺀِ ( ﺍﻟﻘﺮﻥ ﺍﻟﺜﺎﻟﺚ ﺍﻟﻬﺠﺮﻱ ) ﻓﻲ ﺍﻟﺒﺼﺮﺓ ،
ﻗﺎﻝ – رحمه الله – :
« *ﺍﻣﺘُﺤِﻨﺖ ﺑﺎﻟﻔﻘﺮ*( ﺳﻨﺔ 219هجريه ) ، ﻓﻠﻢ ﻳﻜﻦ ﻋﻨﺪﻧﺎ ﺷﻲﺀ ، ﻭﻟﻲ ﺍﻣﺮﺃﺓ ﻭﻃﻔﻠﻬﺎ ، ﻭﻗﺪ ﻃﻮﻳﻨﺎ ﻋﻠﻰ ﺟﻮﻉ ﻳﺨﺴِﻒ ﺑﺎﻟﺠَﻮﻑِ ﺧﺴﻔﺎ، ﻓَﺠَﻤﻌْﺖُ ﻧﻴّﺘﻲ ﻋﻠﻰ ( ﺑﻴﻊ ﺍﻟﺪﺍﺭ ) ﻭﺍﻟﺘﺤﻮّﻝ ﻋﻨﻬﺎ ،
ﻓﺨﺮﺟﺖ ﺃﺗﺴﺒﺐ ﻟﺒﻴﻌﻬﺎ ﻓﻠﻘﻴﻨﻲ *( ﺃﺑﻮ ﻧﺼﺮ )* ؛ ﻓﺄﺧﺒﺮﺗﻪ ﺑﻨﻴﺘﻲ ﻟﺒﻴﻊ ﺍﻟﺪﺍﺭ ؛ ﻓﺪﻓﻊ ﺇﻟﻲ ( رقاﻗﺘﻴﻦ ﻣﻦ ﺍﻟﺨﺒﺰ ) ﺑﻴﻨﻬﻤﺎ ﺣﻠﻮﻯ ، ﻭﻗﺎﻝ: *ﺃﻃﻌﻤﻬﺎ ﺃﻫﻠﻚ ﻭﻣﻀﻴﺖ ﺇﻟﻰ ﺩﺍﺭﻱ.*
فلما كنتُ ﻓﻲ ﺍﻟﻄﺮﻳﻖ ﻟﻘﻴﺘﻨﻲ *( ﺍﻣﺮﺃﺓ ﻣﻌﻬﺎ ﺻﺒﻲ )*،
ﻓﻨﻈَﺮَﺕْ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺮقاقتين ﻭﻗﺎﻟﺖ : *« ﻳﺎ ﺳﻴﺪﻱ ، ﻫﺬﺍ ﻃﻔﻞ ﻳﺘﻴﻢ ﺟﺎﺋﻊ ، ﻭﻻ ﺻﺒﺮ ﻟﻪ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺠﻮﻉ* ، ﻓﺄﻃﻌﻤﻪ ﺷﻴﺌًﺎ ﻳﺮﺣﻤﻚ ﺍﻟﻠﻪ »، ﻭﻧﻈﺮ ﺇﻟﻲّ ﺍﻟﻄﻔﻞُ *ﻧﻈﺮﺓ ﻻ ﺃﻧﺴﺎﻫﺎ* ﻓﺪﻓﻌﺖ ﻣﺎ ﻓﻲ ﻳﺪﻱ ﻟﻠﻤﺮﺃﺓ ، ﻭﻗﻠﺖ ﻟﻬﺎ : ﺧﺬﻱ ﻭﺃﻃﻌﻤﻲ ﺍﺑﻨﻚ ! *ﻭﺍﻟﻠﻪ ﻣﺎ ﺃﻣﻠﻚ ﺑﻴﻀﺎﺀ ﻭﻻ ﺻﻔﺮﺍﺀ ، ﻭﺇﻥ ﻓﻲ ﺩﺍﺭﻱ ﻟﻤَﻦ ﻫﻮ ﺃﺣﻮﺝ ﺇﻟﻰ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻄﻌﺎﻡ* ، ﻓﺪﻣﻌﺖ ﻋﻴﻨﺎﻫﺎ ،
ﻭﺃﺷﺮﻕ ﻭﺟﻪ ﺍﻟﺼﺒﻲ .
ﻭﻣﺸﻴﺖ ﻭﺃﻧﺎ ﻣﻬﻤﻮﻡ ، ﻭﺟﻠﺴﺖ ﺇﻟﻰ ﺣﺎﺋﻂ ﺃﻓﻜﺮ ﻓﻲ ﺑﻴﻊ ﺍﻟﺪﺍﺭ ، ﻭﺇﺫ ﺃﻧﺎ ﻛﺬﻟﻚ ؛ ﺇﺫ ﻣﺮّ *(ﺃﺑﻮ ﻧﺼﺮ)* ، ﻭﻛﺄﻧﻪ ﻳﻄﻴﺮ ﻓﺮحا ، ﻓﻘﺎﻝ : ﻳﺎ ﺃﺑﺎ ﻣﺤﻤﺪ ، ﻣﺎ ﻳُﺠﻠﺴﻚ ﻫﺎ ﻫﻨﺎ ، ﻭﻓﻲ ﺩﺍﺭﻙ ﺍﻟﺨﻴﺮ ﻭﺍﻟﻐﻨﻰ ؟!
*ﻗﻠﺖ* : ﺳﺒﺤﺎﻥ الله !
ﻭﻣﻦ ﺃﻳﻦ ﻳﺎ ﺃﺑﺎ ﻧﺼﺮ ؟!
*ﻗﺎﻝ ﺟﺎﺀ ﺭﺟﻞ مِن ﺧﺮﺍﺳﺎﻥ ﻳﺴﺄﻝ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﻋﻦ ﺃﺑﻴﻚ ﺃﻭ ﺃﺣﺪٍ ﻣِﻦ ﺃﻫﻠﻪ ، ﻭﻣﻌﻪ ﺃﺛﻘﺎﻝٌ ﻭﺃﺣﻤﺎﻝٌ ﻣِﻦَ ﺍﻟﺨﻴﺮ ﻭﺍﻷﻣﻮﺍﻝ !
*ﻓﻘﻠﺖ* : ﻣﺎ ﺧﺒﺮﻩ ؟!
*ﻗﺎﻝ ﺇﻧﻪ ﺗﺎﺟﺮ ﻛﺎﻥ ﺃﺑﻮﻙ ﺃﻭﺩَﻋﻪ ﻣﺎﻻً ﻣِﻦ (ﺛﻼﺛﻴﻦ ﺳﻨﺔ)! ﻓﻌﺎﺩ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺒﺼﺮﺓ ﻭﺃﺭﺍﺩ ﺃﻥ ﻳﺘﺤﻠّﻞ ، ﻓﺠﺎﺀﻙ ﺑﺎﻟﻤﺎﻝ ﻭﻋﻠﻴﻪ ﻣﺎ ﻛﺎﻥ ﻳﺮﺑﺤﻪ
ﻓﻲ ( ﺛﻼﺛﻴﻦ ﺳﻨﺔ ) .
ﻳﻘﻮﻝ *( ﺃﺣﻤﺪ ﺑﻦ ﻣﺴﻜﻴﻦ )*: ﺣﻤﺪﺕ ﺍﻟﻠﻪ ﻭﺷﻜﺮﺗﻪ ، ﻭﺑﺤﺜﺖ ﻋﻦ ﺍﻟﻤﺮﺃﺓ ﺍﻟﻤﺤﺘﺎجه ﻭﺍﺑﻨﻬﺎ ، ﻓﻜﻔﻴﺘﻬﻤﺎ ﻭﺃﺟﺮَﻳﺖ ﻋﻠﻴﻬﻤﺎ ﺭِﺯﻗﺎ ، ﺛﻢ ﺍﺗّﺠﺮﺕ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﺎﻝ ، *ﻭﺟﻌﻠﺖ ﺃزيد ﺑﺎﻟﻤﻌﺮﻭﻑ ﻭﺍﻟﺼﻨﻴﻌﺔ ﻭﺍﻹﺣﺴﺎﻥ ﻭﻫﻮ ﻣﻘﺒﻞ ﻳﺰﺩﺍﺩ ﻭﻻ ﻳﻨﻘﺺ* .
ﻭﻛﺄﻧﻲ ﻗﺪ ﺃعجبتني ﻧﻔﺴﻲ ،
ﻭﺳﺮّﻧﻲ ﺃﻧﻲ ﻗﺪ مُلأَت ﺳِﺠِﻼﺕُ ﺍﻟﻤﻼﺋﻜﺔِ ﺑﺤﺴﻨﺎﺗﻲ ،
*ﻭﺭﺟﻮﺕ ﺃﻥ ﺃﻛﻮﻥ ﻗﺪ ﻛُﺘِﺒﺖُ ﻋﻨﺪ ﺍﻟﻠﻪ من ﺍﻟﺼﺎﻟﺤﻴﻦ !*
*ﻓﻨﻤﺖُ ﻟﻴﻠﺔً* ؛ ﻓﺮﺃيت كأنني ﻓﻲ ﻳﻮﻡ ﺍﻟﻘﻴﺎﻣﺔ ، ﻭﺍﻟﺨﻠﻖ ﻳﻤﻮﺝ ﺑﻌﻀﻬﻢ ﻓﻲ ﺑﻌﺾ ، ﻭﺭﺃﻳﺖ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﻭﻗﺪ ﻭُﺳِّﻌَﺖ ﺃﺑﺪﺍﻧُﻬﻢ ، ﻓﻬﻢ ﻳﺤﻤﻠﻮﻥ ﺃﻭﺯﺍﺭﻫﻢ ﻋﻠﻰ ﻇﻬﻮﺭﻫﻢ ﻣﺨﻠﻮﻗﺔ ﻣﺠﺴﻤﺔ ، ﺛﻢ ﻭﺿﻌﺖ ﺍﻟﻤﻮﺍﺯﻳﻦ ، *ﻭﺟﻲﺀ ﺑﻲ ﻟﻮﺯﻥ ﺃﻋﻤﺎﻟﻲ*
، ﻓﺠُﻌِﻠﺖ ﺳﻴﺌﺎﺗﻲ ﻓﻲ ﻛِﻔﺔ ، ﻭﺃﻟﻘَِﻴﺖ ﺳِﺠﻼﺕُ ﺣﺴﻨﺎﺗﻲ ﻓﻲ ﺍﻷﺧﺮﻯ ، ﻓﻄﺎﺷﺖ ﺍﻟﺴﺠﻼﺕ ، ﻭﺭﺟﺤﺖ ﺍﻟﺴﻴﺌﺎﺕ
ﺛﻢ ﺟﻌﻠﻮﺍ ﻳﻠﻘﻮﻥ ﺍﻟﺤﺴﻨﺔ ﺑﻌﺪ ﺍﻟﺤﺴﻨﺔ ﻣﻤﺎ ﻛﻨﺖ ﺃﺻﻨﻌﻪ !
ﻓﺈﺫﺍ ﺗﺤﺖ ﻛﻞ ﺣﺴﻨﺔٍ
( ﺷﻬﻮﺓٌ ﺧﻔﻴﺔٌ ) ﻣِﻦ ﺷﻬﻮﺍﺕ ﺍﻟﻨﻔﺲ ، ﻛﺎﻟﺮﻳﺎﺀ ،ِ ﻭﺍﻟﻐﺮﻭﺭِ ، ﻭﺣﺐِ ﺍﻟﻤَﺤْﻤﺪﺓ ﻋﻨﺪ ﺍﻟﻨﺎﺱ ، ﻓﻠﻢ ﻳﺴﻠﻢُ ﻟﻲ ﺷﻲﺀ، ﻭﻫﻠﻜﺖُ ﻋﻦ ﺣﺠﺘﻲ ،
*ﻭﺳﻤﻌﺖ ﺻﻮﺗًﺎ : ﺃﻟﻢ ﻳﺒﻖ ﻟﻪﺷﻲﺀ ؟
*
ﻓﻘﻴﻞ : « بقي ﻫﺬﺍ ، ﻭانا ﺃﻧﻈﺮ ﻷﺭﻯ ﻣﺎ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺬﻱ ﺑﻘﻲ ، ﻓﺈﺫﺍ ﺍﻟﺮﻗﺎﻗﺘﺎﻥ ﺍﻟﻠﺘﺎﻥ ﺃﺣﺴﻨﺖ ﺑﻬﻤﺎ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻤﺮﺃﺓ ﻭﺍﺑﻨﻬﺎ ، ﻓﺄﻳﻘﻨﺖ ﺃﻧﻲ ﻫﺎﻟﻚ ، ﻓﻠﻘﺪ ﻛﻨﺖ ﺃُﺣﺴِﻦُ بمئةِ ﺩﻳﻨﺎﺭٍ ، ﻓﻤﺎ ﺃﻏﻨَﺖ ﻋﻨﻲ ، ﻓﺎﻧﺨﺬﻟﺖ ﺍﻧﺨﺬﺍﻻً ﺷﺪﻳﺪًﺍ ، *ﻓﻮُﺿِﻌَﺖ ﺍﻟﺮﻗﺎﻗﺘﺎﻥ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﻴﺰﺍﻥ*
، ﻓﺈﺫﺍ ﺑﻜﻔﺔ ﺍﻟﺤﺴﻨﺎﺕ ﺗﻨﺰﻝ ﻗﻠﻴﻼً ﻭﺭﺟﺤﺖ ﺑﻌﺾَ ﺍﻟﺮﺟﺤﺎﻥ ، ثم ﻭُﺿﻌﺖ ﺩﻣﻮﻉ ﺍﻟﻤﺮﺃﺓ ﺍﻟﻤﺴﻜﻴﻨﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﺑﻜﺖ ﻣﻦ ﺃﺛﺮ ﺍﻟﻤﻌﺮﻭﻑ ﻓﻲ ﻧﻔﺴﻬﺎ ، ﻭﻣﻦ ﺇﻳﺜﺎﺭﻱ ﺇﻳﺎﻫﺎ ﻭﺍﺑﻨﻬﺎ ﻋﻠﻰ ﺃﻫﻠﻲ ، ﻭﺇﺫﺍ ﺑﺎﻟﻜﻔﺔ ﺗﺮﺟُﺢ ،
ﻭﻻ ﺗﺰﺍﻝ ﺗﺮﺟُﺢ ﺣﺘﻰ ﺳﻤﻌﺖ ﺻﻮﺗًﺎ ﻳﻘﻮﻝ : ” ﻗﺪ ﻧﺠﺎ .قد نجا “.
خاتمة : لا يبقى العمل الصالح في ميزان الحسنات إلا إذا كان خالصاً لله ).
فلا يعجب المرء بعمله ؛ حتى وإن كان كبيراً فهو مال الله ، قد ابتلانا به ليرى صنيعنا فيه..
*{ فلا تحقرن من المعروف شيئا ، ولو أن تلقى أخاك بوجه طلق }*
*{واتقوا النار ولو بشق تمرة}*