Share Button

دهشور بقعة سحرية أثرية علي ارض مصر …بالصور

كتب احمد عدوي.الجيزة
هنا دهشور».. مرحباً بكم فى عالم السحر والغموض.. سحر الجغرافيا وغموض التاريخ.. هنا لا صوت يعلو على صوت الجمال.. أرض سمراء.. قلوب بيضاء.. وتفاصيل أغرب من الخيال.. تدرك وأنت تتأمل تفاصيلها أنك فى عالم يعصى على التكرار.

ولو كنت تعتقد أن التنزه والجمال فى مصر مقتصر على شواطئ البحرين الأحمر والمتوسط فقط، فأنت بالتأكيد مخطئ وعليك أن تراجع نفسك، فهناك جانب آخر فى مصر به من السحر والعجائب ما لا يصدقه عقل، هذا الجانب بحق هو خبيئة لم يتوصل إليها المصريون ولم يكتشفوها ولم يعرفوها حق معرفتها، رغم أنها تقع على أطراف القاهرة الكبرى، وتتوزع بين 3 محافظات هى الجيزة والفيوم وبنى سويف.

هذه الخبيئة المصرية توجد على بعد ساعة من القاهرة الكبرى، هى ليست تحت الأرض كبقية الخبايا بل تعانق السماء وقامات النخيل الباسقات وتقف شامخة يفوح منها عبق التاريخ وعراقته، وتتحد مع عناصر الطبيعة، من خضرة وماء وصحارى.

والغريب فى الأمر أن 95% من سكان القاهرة لم يصلوا إلى هذه البقاع، رغم قربها منهم، بل إن غالبيتهم ليست لديهم معلومات كافية عنها، وأقصد بها مجموعة القرى الأجمل والأروع فى بر مصر، أبوصير، ودهشور، ومنشأة دهشور، واللشت، وميدوم وقرى هوارة وقرى اللاهون التى تحيط بمجموعة الأهرامات المصرية والبحيرات المجهولة بالنسبة لغالبية المصريين والذين توقفت معرفتهم عند أهرامات الجيزة فقط ونسوا أن بلدهم به نحو 89 هرما أخرى، تطل على هذه القرى التى تكثر فيها زراعات أشجار النخيل والمانجو وبعض الزراعات الأخرى، لتصنع من هذا المكون حدائق غناء رائعة فى
أن توقيتات زيارة المناطق الأثرية، التى تضعهت وزارة الآثار تبدأ من الثامنة وتنتهى عند الرابعة عصراً، وفعلاً بدأنا الزيارة فى الثامنة صباحا، رغم أننا فى الصيف ودرجة الحرارة مرتفعة، وما إن دخلنا الموقع الذى يعلو عن الوادى الممتلئ بالنخيل بعدة أمتار، حتى تراءت لنا آثار الملك زوسر وهو أحد فراعنة الأسرة الثالثة وأشهر آثاره هو الهرم المدرج.

ويُعدّ هذا الهرم أقدم الأبنية الحجريّة عالميّاً، صُمّم من قِبَل المهندس (أمنحتب) الذى كان طبيباً للملك، وقد صمّمه كمقبرة للملك، ويوجد به تمثال للملك زوسر بحجمه الطبيعى، ودخلنا إلى بهو الأعمدة. وكنا محظوظين بأن دخلنا أيضا هرم «أوناس» هو هرم مهدم من الخارج ويقع فى الجهة الجنوبيّة من هرم سقارة، لكن بأسفله متحف غاية فى الروعة، شيّد ليكون مقبرةً للملك وهو أحد ملوك الأسرة الخامسة الملكيّة الفرعونيّة، وقد نُقشت حجراته بالنقوش الهيروغليفيّة والتى تُعرف بنصوص الأهرام، وهذه النقوش تُعتبر الوثيقة الدينيّة الأولى فى العالم، إضافة إلى مقبرة (مروروكا) وهى التى شيّدها مروركا له ولعائلته، مكوّنة من اثنين وثلاثين ممراً

وصلنا إلى بركة دهشور .
استطعنا أن نشاهد الصحراء الواسعة بجمالها الفطرى، والآثار القديمة ذات التاريخ السحيق، القرى الريفية التقليدية، القنوات المائية القديمة، العادات والتقاليد الثقافية للسكان الأصليين والطبيعة المحافظة المضيافة لسكان دهشور، منظر لا تستطيع الكلمات وصف جماله وروعته.

■ المكان المفضل لرحلة الصيد للملك فاروق وعلية القوم

وحكى لنا كبير مفتشى آثار ، قائلا إن الملك فاروق ملك مصر والسودان، كان يحرص كل عام خاصة فى شهر مارس على القيام برحلة صيد لتلك البقعة السحرية لأنها كانت تجتذب كثيرا من الطيور المهاجرة فى رحلتها الموسمية، التى تبدأ مارس من كل عام قادمة من أوروبا ودول البحر المتوسط، طيور كثيرة ومتنوعة كالخضارى والغر والزرزور والبلاشو والعنز والظى والبط بمختلف أنواعه الشرشير والعراقى، كما يمكث عدد كبير من هذه الطيور ويتناسل فى أعشاش فوق أغصان أشجار المنطقة، وكان يصطحب معه بعض حاشيته مثل مدحت باشا زيور، ومحمود لبيب باشا ومينا زكى، ويوسف رشاد، وشفيق مهنا، وعدد من الرعايا الأجانب، أمثال جومير، ومورافيلى وغيرهم.

وقال إن علية القوم كانوا أيضا ينظمون رحلات صيد للتمتع بجمال هذه المنطقة والاستمتاع بشمسها خاصة فى الفترة من منتصف شهر إبريل حتى نهاية شهر مارس، أمثال منصور باشا فهمى ولطفى باشا السيد وتوفيق بك دياب وتوفيق الحكيم، وبعض من كبار أفراد العائلات المصرية العريقة، وبعض الفنانين والكتاب أمثال: محمد حسنين هيكل وفاتن حمامة وليلى فوزى وحسين صدقى

■ محاولة إحياء جديدة لدهشور

وقال إن دهشور تشتهر حاليا بآثارها وهى الهرم الأحمر والهرم المنحنى (شيد كليهما الملك سنفرو) والهرم الأسود (لأمنحتب الثالث) لكن لا تزال طبيعتها الثقافية وتراثها الثقافى جانبا مخفيا، وظلت دهشور بعيدة عن الأنظار لسنوات على النقيض من المحور السياحى الذى يسلكه السائحون خلال رحلتهم.

ومازال العديد من أفراد المجتمع المحلى يحتفظون بعاداتهم القديمة ويعيشون بطريقة تقليدية ويعيش معظم سكان دهشور على الزراعة، خاصة زراعة النخيل والمانجو، وتمنح دهشور تجربة فريدة لمعايشة الحياة الريفية وتعلم الكثير عن التاريخ القديم للمنطقة.

ويضيف أن هذه المنطقة بها أكبر مصانع ومدارس صناعة السجاد اليدوى، فى مصر والمنطقة وأن منتجها هو الأجود والأفضل والأغلى، نظرا لأنه عبارة عن قطع فنية أكثر منها سجادا للفرش، وأن هناك موقعاً إلكترونيا باسم «دهشور تو داى» به كل المعلومات التى تمكن زائر المنطقة من الإلمام بكل ما فيها، وهى تتكون من 5 قرى، ويمكن الوصول إليها بسهولة بالسيارة عن طريق ترعة المريوطية.

وتشمل قرى دهشور: منشية دهشور (بركتها الموسمية الرطبة)، دهشور، زاوية دهشور، منشية كاسب ومزغونة التى تقع إلى الجانب الأيسر من نهر النيل وتتاخم هذه القرى الصحراء الواقعة إلى جانب المنطقة الأثرية بدهشور والأهرامات وأطلال القطع الأثرية الأخرى.

وفى المساء حاولنا جاهدين أن نسابق وقتنا لنلحق بزيارة منطقة أهرامات ميدوم البديعة، قبل أن تغلق فى الموعد الذى حددته الآثار فى الرابعة عصرا، وفعلاً وصلنا فى اللحظات الأخيرة، ووجدنا هذا الهرم الذى يعتبر أول بناء يقيمه (سنفرو) بعد اعتلائه العرش فى مصر. واختار مكانا لإنشائه قريبا من مقر حكمه فى «جيدى سنفرو» والتى هى الآن بالقرب من ميدوم، التى غادرنها مع غروب الشمس التى توارت خلف هذا البناء العظيم، بالطبع لم يسعفنا الوقت لزيارة مجموعة أهرامات هوارة واللاهون وسيكون لنا فيهما جولة أخرى.. حقاً إنها خبيئة مجهولة بين أحضان السحر والغموض.

Share Button

By ahram

جريدة اهرام مصر .موقع ويب اخبارى واعلامى

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *