Share Button

رمضانيات:

النهضة والدين “نداء للإنسان”

كل نهضات العالم قامت على إحياء القومية او العرق أو اللغة ؛ أما النهضة المحمدية لم تكن مسألة العرق والهوية ولا الجغرافية ولا اللون من اهتماماتها ؛ بل الغاها النبي الكريم ص بقوله: لا فضل لعربي على أعجمي ولا لأبيض على أسود إلى بالتقوى..فالخلق كلهم عيال الله وأحبهم إليه أنفعهم لعياله..

وقال امير البلاغة ع: ” الطريق إلى الحق على عدد أنفس الخلائق “.

بهذا الفكر الذي لا يلغي احدا ولا يهمش أحدا في كل طبقات المجتمع؛ وبهذا المجتمع المتجدد قام المجتمع كفرد واحد ؛ وبالتالي كانت النهضة المحمدية عامة شاملة لكل شعوب الأرض ؛ وكوّن ثقافة تنويرية متجددة بفكره الخلاق والإنساني من ضمن مفهوم الحداثة والتنوير..

فالحداثة بحقيقتها ملائمة التشريع والفكر مع العصر وأدواته..

والتنوير هو بمجمله: إزاحة الجهل من العقول بنور الإنسان؛ وما جاء به النبي الكريم يخاطب الإنسان أيا كان ويعالج مشاكله المادية والروحية وكان من نتاج هذه النهضة العلماء والأدباء والشعراء والفلاسفة والأطباء..ممن تلبسوا هذه النهضة وأخذت عنهم كل شعوب العالم.

فكيف لنا أن نعيد هذه النهضة بل نسترد الثقافة المحمدية ؟

بالتأكيد نستردها بأن نعيد وهج الفكر الإنساني في قلوبنا وعلى ألسنتنا وفي أفعالنا لنعيد الإنسان إلى إنسانيته ؛ ولننفض الغبار المتراكم على إنسانية الإنسان فينا جميعا ولا نهمل بشريتنا ونعيد بناء انفسنا وأولادنا على الأخلاق والحب والتعاون والتآخي وقبول الآخر ؛

و يتبادر على الذهن سؤال لماذا توقفت هذه النهضة بين أتباع محمد ص:

بالتأكيد كان لغياب العلماء الحقيقيين والذين اشتروا الدنيا بالدين وتمسكوا بموروثات روائية عدائية ملغومة لا أصل لها ولا أساس في أصول المعتقدات؛ وكذلك التعصب المذهبي والعرقي والطائفي وحتى في المذهب الواحد ..والتعصب لحد ذاته منقصة بشرية وتشويه للإنسان العاقل؛ فشرّع القتل والتكفير وأكل لحوم بعضهم بين رجال الدين الذي كفروا بعضهم البعض ولا علم للمكفر منهم على أي دين هذا الذي يكفره ؟؟. والتوحيد فطرة الله التي فطر الناس عليها..

وقد عززت السلطات في الدولة الإسلامية ممن ينسبون زورا إلى دين محمد ص الجهل واجتمع الجهل مع التعصب فخربت البلاد وماتت النهضة بفعل العقول الضالة..كما يحصل في أيامنا هذه..

الدين الذي حول المجتمع القرشي وما حولها إلى مجتمع إنساني وإلى حضارة أخلاقية تعنى بالإنسان وبكيانه..

فالحضارة الأخلاقية هي التي تجلب المدنية بسرعة كبيرة ..الدين الذي ساوى بين البشر بغض النظر عن لونه او ماله او مكانته؛ الدين الذي احترم الإنسان وحارب التعجرف القبلي رغم قيامه من قلب القبيلة ومن زعماء القبائل والعشائر..

الدين الذي جاء به بوزا وغيره في الشرق ليطهر الإنسان نفسه ويدعو إلى خلوص الإنسان بخلوصه إنسانية الدين الذي تصرف من خلاله أمير الكلام والمعيار الخلقي والفكري علي بن أبي طالب كرم الله وجهه لم يمنع الماء عن أعدائه في ساحة القتال لأنه ملك لله وهم عباد الله وضلوا الطريق..

دين من أعطى من حاربه من الخوارج حق الإقامة والتعبد والفيء وهم خرجوا عليه وقاتلوه..

دين من قال لابنه عامل الناس كما تحب أن يعاملوك وانظر إلى من هو أصغر منك ابنك ولمن هو مثلك أخاك ولمن هو اكبر منك ابيك..

هذا الإسلام والدين الإسلامي الحنيف المبنى على الرحمة ..لا دين العنف والقتل والذبح واستباحة الأعراض باسم الدين.{ ألم يأن للذين آمنوا ان تخشع قلوبهم لذكر الله وما نزل من الحق ولا يكونوا كالذين أوتوا الكتاب من قبل فطال عليهم الأمد فقست قلوبهم وكثيرا منهم فاسدون..

فالدين يا اخوتي قيمة اخلاقية ؛ الدين علم ومعرفة وإيمان متفرع عن المعرفة وبالتالي هو ركن اساس في تكوين الأخلاق الفاضلة لأن الأخلاق بأصلها منبعها الفطرة اي إنسانية الإنسان كالصدق والوفاء بالعهد واحترام الآخر والحفاظ عليه كضرورة للحياة..

الدين ثقافة مجتمعنا حتى العلماني ومن يرغب بالتنظير عليه أن يكون مثالا وقدوة يتمتع بالصدق والأمانة والتعاون والتآخي والتحابب ؛ وهذا لا يختلف عليه المتدين ولا العلماني .واختم هذا البحث بقول لأمير الكلمة إذ قال ع: فاعقلوا الدين إذا سمعتموه عقل وعاية ورعاية ؛ ولا تعقلوه عقل سماع ورواية؛ فإن رواة العلم لكثير ؛ ورعاته قليل ؛ وكثرة العلم في غير طاعة الله مادة الذنوب والله المستعان..نهج البلاغة.

 

 

                           رمضان كريم

د. غسان صالح عبدالله

Share Button

By ahram

جريدة اهرام مصر .موقع ويب اخبارى واعلامى

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *