Share Button

علم من أعلام التصوف الزاهد الورع الناسك (الحارث بن أسد المحاسبي)

كتب: محمد احمد محمود غالى

الحارث بن أسد المحاسبي رحمه الله هو أبو عبد الله الحارث بن أسد البغدادي المحاسبي. كان مولده في زمن الخلافة العباسية في البصرة عام ١٧٠ هـ وتوفي ببغداد عام ٢٤٣ هـ وهو أستاذ أكثر البغداديين (السلمي، أبو عبدالرحمن، ٢٠٠٣م، ٥٨). نشأ المحاسبي في عصر يزخر بالعلوم والمعارف والأئمة والمفكرين الكبار، ومن معاصريه الامام أحمد بن حنبل (السلمي، أبو عبدالرحمن، ٢٠٠٣م، ٥٦).
قدم المحاسبي إلى بغداد في سن مبكرة مستزيدًا من العلم والثقافة، روى الحديث عن يزيد بن هارون وغيره ، وروى عنه أحمد بن الحسن بن عبد الجبار الصوفي ، وأحمد بن القاسم بن نصر الفرائضي ، وغيرهما. قال الذهبي في السير : ” المُحَاسِبِيُّ كَبِيْرُ القَدْرِ، وَقَدْ دَخَلَ فِي شَيْءٍ يَسِيْرٍ من الكلام ، فَنُقِمَ عَلَيْهِ. وَوَرَدَ: أَنَّ الإِمَامَ أَحْمَدَ أَثْنَى عَلَى حَالِ الحَارِثِ مِنْ وَجْهٍ ، وَحَذَّرَ مِنْهُ…..” (الذهبي، شمس الدين، ١٩٨٥م، ٤٨٨/ ٩).
كان زاهدا ورعا ناسكا شديد التقشف، وكان من أكابر الصوفية، عالما بالأصول والمعاملات، واعظا مبكيا. له مصنفات في الزهد والرقائق، وأصول الديانات، وكتب في الرد على المخالفين من المعتزلة والرافضة. له مؤلفات عديدة من الكتب والرسائل منها (شرح المعرفة – آداب النفوس – الرعاية لحقوق الله عزوجل – معاتبة النفس – كتاب التوهم -الخلوة والتنقل في العبادة – مائية العقل ومعناه واختلاف الناس فيه – البعث والنشور – المسائل فى الزهد وغيره – رسالة المسترشدين …….الخ) .
من أقواله يرحمه الله : “العلم يورث المخافة ، والزهد يورث الراحة ، والمعرفة تورث الإنابة ، وخيار هذه الأمة الذين لا تشغلهم آخرتهم عن دنياهم ، ولا دنياهم عن آخرتهم ، ومن صحح باطنه بالمراقبة والإخلاص زين الله ظاهره بالمجاهدة واتباع السنة ، ومن اجتهد في باطنه ورثه الله حسن معاملة ظاهره ، ومن حسن معاملته في ظاهره مع جهد باطنه ورثه الله الهداية إليه ؛ لقوله تعالى :{ والذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا } الآية”. قيل للحارث المحاسيي: ما الأسباب التي تشين التوكل؟ قال: التي فيها الحرص والمكابدة على الدنيا، التي تشغله عن دوام السكون، وتقوي خوف الفوت؛ فتلك التي يؤمر بقطعها حتى يستريح بروح اليقين.
قيل: أيجد هذا فقد شيء منعه قال لا يجد فقده لعلة معرفته بحسن اختيار الله له آملاً من الله أن يعوضه في حسن العواقب أفضل من إرادته للعاجل؛ كأنه يراه قريبا؛ فمن هاهنا لا يجد فقد شيء منعه. قيل: فما يقويه على هذه الحالة؟ قال: حسن علمه بحسن تدبير الله له فعندها أسقط عن قلبه اختياره لنفسه ورضي بما اختار الله له (الأصفهاني، أبو نعيم، ١٩٨٨م، ١٠٨/ ١٠). رحم الله العالم الجليل الحارث المحاسبي ورضي عنه وأجزل الله له خير الجزاء.
بقلم: محمد أحمد محمود غالي

Share Button

By ahram

جريدة اهرام مصر .موقع ويب اخبارى واعلامى

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *