Share Button

بقلم /سليم النجار
متابعة/لطيفة القاضي
مساءً، قررنا أنا وصديقي النزول لوسط البلد لزيارة مكتبة الأوزبكية للقاء حسين ياسين، الملقب ب ” الشنع “، لإجراء حواراً معه من قبل صديقي عبد الملك لم أكن مستعدًا للنزول معه، وفجأة بعد أن سألني عن موقع الأوزبكية، واختصارً للأخذ والرد، وتقمّص دور الجغرافي، وأبدأ رسم المكان شفاهياً، قررت مشاركته المشوار، ركبنا تكسي من شارع الاستقلال، بعد ان مشينا من بيته في عرجان لمدة خمس دقائق، للوصول للشارع.
سائق التاكسي مارس معنا منذ اللحظة الأولى غواية الصمت، كل الذي فعله استقبلنا بشكل عادي جداً وغير ودي، لا لشيء، بل هذه عادة من عادات سائقي التاكسي في عمّان، وسألني إلى أين إن شاء الله؟، تطوعت وأجبت على السؤال، الدوار الثالث، وهكذا وصلنا المكان المطلوب، وهنا أتقصد اختصار الحديث عن رسم جغرافية الطريق من شارع الاستقلال للدوار الثالث، تأدّباً وليس خوفاً من قانون الجرائم الإلكترونية، فالبوح هنا مضر بالصحة والمحفظة المالية إن وجدت اصلاً، لا يوجد ازدحام غير مبرر، وشتائم بين سائقي السيارات ، ولا صوت الزوامير المنفلتة من عقالها.
نزلنا من التاكسي وأصرّ صديقي عبد الملك محاسبة التاكسي الذي بقي طوال الطريق صامتاً ٠
تفلسفت على عبد الملك وأظهرت له خبراتي في معرفة عمّان، وعلى وجه التحديد الدّوار الثالث. وطلبت منه قطع الشارع والانعطاف يساراً، لندخل زقاق يؤدي إلى شارع وادي صقرة، وفي وسط الزقاق، تتواجد مكتبة الأوزبكية. وأخيراً وصلنا الهدف المطلوب، وكعادة المكتبة لا بد من وجود زبائن وأصدقاء لنا و لحسين. وبعد أن رحّب بنا، تذكرت أنني قمت بالاتصال به عبر وسيلة العصر “الهاتف النقّال”، الذي أصبح عشيقاً لنا، لا يمكن الاستغناء عنه.
وتبادلنا أطراف الحديث، ليفاجئني الصديق عز الدين كلبونة، بمعلومات عن عمّان وعن فترة شبابه فيها، وبهدوء منقطع النظير وهذه عادته في الحديث، أنه حضر عرض مسرحية رابوستين، التي قدمها المسرحي العربي المصري الشهير يوسف بيك وهبه على مسرح بسمان في وسط عمّان، وكان ذلك عام ١٩٦٩، وأردف كلبونة أن المسرح كان ممتلئ بالمتفرجين.
يا إلهي كم فرحت بهذه المعلومة، عمّان بالفعل غيمة مطر، دائماً تحتفظ بالجميل القادم، ولم تتوقف الحكاية هنا، بل زاد على هذه المفاجئة ما ذكره عبدالملك بعد ان خرجنا من الاوزبكية، وأثناء سيرنا في شارع الأمير محمد بجانب حديقة سمير الرفاعي، أخبرني أن هذه الحديقة كانت قبل ذلك مخيم للاجئين الفلسطينيين، ويطلق عليه مخيم بيادر وادي السير، ومعظم زواره “المؤقتين” الذين هجروا من فلسطين عام 1948، اكتسبوا هذه التسمية، التي توحدّت ألسنة العرب من المحيط الى الخليج عليها، ولم يتوقف عبدالملك، بعد ان شعر بسعادتي لما استمع، واضاف، ان اهل عمّان الفقراء، كانوا يذهبون لدرج الاستقلال لمشاهدة الأفلام التي تعرضها سينما الأردن، والمشاهدة التي أتحدث عنها ليست المتعارف عليها، بل مشاهدة من نوع أخر، أنه طقس عمّاني بامتياز، وثورة ضد الأثرياء على الطريقة العمّانية، يحملون أثقالهم من أغطية ومخدات ويفترشون الدرج لمشاهدة الفيلم سماعياً، وكخبير في التراث تمنطقت وسألته من أين لك هذه المعلومة، على الفور أجابني من الدكتورة عايدة النجار رحمها الله.

عمّان لم تتوقف حكاياتها، فمازال هناك الكثير الكثير من الحكايات، ألم أقل: عمّان غيمة مطر.

Share Button

By ahram

جريدة اهرام مصر .موقع ويب اخبارى واعلامى

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *