Share Button

ففروا الى الله
بقلم / دكتور احمد يوسف الحلوانى
باحث في الشريعة الاسلامية

يحكى أن نحوي مُتحذلِق وربان سفينة الصغيرة، فسأل النحوي المُدِل بعلمه ربان السفينة بعد أن أنس به قليلاً هل لك درايةٌ بعلم النحو؟ قال في الحقيقة أسمع به ولكن لا دراية لي به البتة، فقال النحوي باستخفاف وبمهانة لقد ضيَّعت نصف عمرك ، حزن الرجل وانكسر إلا أنه كظم غيظه ومضى إلى عمله، وبعد بُرهة لم تطل كثيراً اغتلمت الأمواج إذ هبت ريحٌ عاصفٌ زعزعت السفينة وإذا بهذا اللوذعي النحوي يصرخ وهو يعالج الموت مُستلهِفاً مُستنجِداً مُستغيثاً، فأجابه ربان السفينة وهو أيضاً يتدبَّر أمره لكن بسلاسة وسهولة إذ كان خبيراً بالسباحة قائلاً أيها النحوي هل تعلم شيئاً عن السباحة؟ فقال لا والله كما ترى، قال إذن يا مسكين ضاع عمرك كله.
عبرة الحكاية أن المعارف تقريباً على اختلافها وتبيانها نسبية، ما يُجدي منها في موقف قد لا يُجدي في موقف آخر، وما تحق الحاجة إليه في وضع قد لا تمس إليه في وضع آخر , إلا المعرفة بالله تبارك وتعالى، ولا يعني أن تكون عالم دين أو فقيه أو عالم حتى في العقيدة أو عالم حتى بالله، هذا لا يعني ذاك البتة .
فالإنسان في نهاية الأحوال مخلوق وليس خالقاً ، والمخلوق دائماً تلاحقه المصائب والمكروبات والحاجات والقصور وايضا يلاحقه الموت ، ثم بعد الموت هناك البعث والحساب، ونحن في كل هذه الظروف نحتاج عونه – لا إله إلا هو – ونحتاج مدده ونحتاج صحبته – إن جاز التعبير – وخلته، قال مولانا جلال الدين الرومي – قدَّس الله سره – حتى صحبة الوالدين وهم سبب هذا الوجود المادي تزول وتنقضي، أين أبواك؟ ،
سيموتان عما قريب، قد تموت قبلهما لكن حسب سُنة الله أنهما يموتان في مُعظَم الأحوال قبل الأولاد، سيأتي يوم وقد درجا وقد ذهبا، انقضت الصحبة وانتهى كل شيئ، الحائط الذي كنت تستند إليه ليس فقط مال بل زال.
لكن صحبة المولى وخلة المولى والعلاقة مع المولى – لا إله إلا هو – نحتاجها في السلم والحرب، نحتاجها في الرخاء ونحتاجها في الضراء، ، نحتاجها في الحياة وعند الموت وبعد الموت ويوم القيامة، نحتاجها في كل أحوالنا إن كنا مُؤمِنين به لا إله إلا هو.
اللهم حببني إليك وإلى ملائكتك وأنبيائك وجميع خلقك.
اللهم إني أسألك التوفيق لمحابك من الأعمال وصدق التوكل عليك وحسن الظن بك.
اللهم اجعلنا ممن توكل عليك فكفيته واستهداك فهديته واستغفرك فغفرت له واستنصرك فنصرته ودعاك فأجبته .

Share Button

By ahram

جريدة اهرام مصر .موقع ويب اخبارى واعلامى

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *