Share Button

بقلم : د. مجدي إبراهيم

لم يبق للناس سوى الحديث الدائم عن الأوبئة : قادنا الكوفيد الملعون إلى وباء الجهل والتخلف والمرض والكذب وتعفن العقول وسوءة الأخلاق، وكأنما فيروس كورونا هو الذي أنشط فيهم حمأة الوباء. ولم نعد إلا أن نجعل لحديث الناس هذا فلسفة .. فيقال لها (فلسفة الوباء) لتصبح المادة من ألسنة الناس، ومن واقعهم وأحوالهم، ومن فزعهم وهلعهم، والنسق الذي ينتظم هذا كله عقلياً من الفلسفة.

لم يكن غريباً أن يكون للناس في الوباء تفسيرات شتى للمرض هى نفسها الوباء، لأنها تعكس شرور رابضة في الأجواف الباطنة. ولم يكن الوباء القاتل بأكثر من وباء الخُلق المفقود والأمانة الميتة والخيانة النشطة، واللؤم والحقارة والأنانية والانحطاط في مستنقعات آسنة من فقدان القيم والأخلاق.

فكما يكون للصدق فلسفة تتمشى مع النظافة والإيمان والخلق وكل المفردات العليا للنجاة، فكذلك يكون للكذب فلسفته التي تحلل أنماط الشر فيما يقوم به عمل الإنسان. وقياساً عليه؛ فليس أقمن من أن تصبح للوباء فلسفته، وكلتاهما فلسفة (الكذب والوباء) من الأمراض التي تصيب الضمائر والقلوب قبل الأجساد والأبدان.

يسهل جداً أن تنتقل العدوى من شخص إلى آخر عبر لفظة نابية أو نظرة غاشية أو سلوك غير مسؤول يمارس فلا يكشف إلا عن غور عميق يحمل للنفس آفاتها .. ففيرس البدن ليس أهون منه فيما لو سلمت عدوى الأرواح المنحطة إلى التسفل المهين.

كل لعنة ملعونة تحلّ على الأبدان أهون بكثير مما يحل على الضمائر والعقول وعلى الأفئدة والقلوب.
تلف العقول والقلوب تلف للإنسان، وعار .. ليس يقاربه تلف الفيرسة المُخلّقة وهى من صنع التلف ومن إعوجاج الضمائر منذ كان.

عندما يصبح العلم بلا أخلاق، يدّمر العالم والمعلوم.

ولم يكن إرهاب كورونا إلا حلقة من حلقات استغلال التطور العلمي لتدمير البشرية، فالإرهاب البكتيري المُفزع لا يفرق بين أحد، لا بين دول متقدّمة وشعوب متخلفة، يأكل الجميع ويحصد الكل تحت زرائع الأطماع الاقتصادية والمادية.

الإرهاب بالبكتيريا حروب الأجيال القادمة بلا منازع .. انتهت الأسلحة التقليدية وبقى فقط هذا السلاح الجديد .. ودخلنا حروب البكتيريا وتخليق الفيروسات
تلك كانت جناية رعونة العلم على البشرية.

في ظل الأطماع الاقتصادية والسياسية وظلم القوى الكبرى العالمية، يكون من المحقق القول بإنه:
إذا كان فيروس كورونا وباءً طبيعياً ظهر فجأةً دون تدخل بشري، فهذا أمر لا يخشى منه أحد مع التسليم لقضاء الله وقدره شرعاً وقصداً .. فإنّ تاريخ الأوبئة يعطي الإشارة بأن الوباء كما يظهر فجأة يختفي فجأة، وأن عمره بالقياس إلى عمر الكائن الحي قصير محدود .. لكن الخطورة فعلاً أن يكون مُخلّقاً من آثار الحرب البيولوجية الدائرة بين قوى العالم تحت الدوافع الاقتصادية والأطماع المادية، هنالك تصبح الخطورة مُفرخة قابلة للتوالد من جديد ..
إذا انتهى الكورونا اليوم فسيصيب العالم الإنساني البائس غداً آلاف آلاف الكورونات التي لا تتوقف إلى أن تقضي عليه أو تفنيه.
والله المستعان

Share Button

By ahram

جريدة اهرام مصر .موقع ويب اخبارى واعلامى

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *