Share Button
إن فوضى الأدب وبلبلة الأدباء تحملان نصيبا غير قليل عن مسؤولية التزعزع النفسي والاضطراب الفكري والتفسخ الروحي المنتشرة في الأمة.
إن الأديب والشاعر يشيدان للأمم قصورا من الحب والحكمة والجمال والأمل. وما نحتاجه هو ادب الحياة ..الأدب الذي يفهم حياتنا ويرافقنا في تطورنا ويعبر عن مثلنا العليا وأمانينا المستخرجة من طبيعة شعبنا ومزاجه وتاريخه وكيانه النفسي ومقومات حياته ، وهذا غير ممكن إلا بالإتصال بنظرة إلى الحياة والكون والفن .
إن أمتنا ظلت هي المنتجة للثقافة والحضارة الإنسانية منذ وجود الإنسان العاقل الأول على هذه الأرض وقد ادت دورها الذي انفردت به بين كل شعوب الأرض. وأمتنا هو المنتج للثقافة وادواتها طيلة ما صار يعرف العصور القديمة والعصور الوسطى ، فكل عمل إبداعي يصب في حوض الثقافة هو عمل عقلي بالضرورة ، لذلك يمكن تلخيص تاريخ الإنسان بكلمتين” إنه تاريخ عقله” ومن يعطل العقل يخرج من التاريخ سواء أكان فردا ام جماعة ام امة ، وإن اي عمل عقلي هو واع وهادف ثانيا.
وما نجده هذه الايام التي وضعتنا في قضية تساوي وجودنا جميعا فقد ظهر المثقف على الساحة معطل العقل نهائيا ولم يحرك ساكنا من اجل الوقوف في وجه هذا التكفير المدمر كما لم يقف من اجل تحرير تاريخ أمته المزور والمغتصب.
مكاتبنا الضخمة في وزارة الثقافة وغيرها تحوي آلاف الكتب بل مئآت آلاف الكتب جل ما فيها هو كتّاب للتاريخ زوروا وشوهوا وكتبوا عن تاريخ أمتنا أبشع ما توصلت إليه عقولهم المنحرفة وأسندوا كل الإبداعات إلى علمائهم الذين كانو يأكلون لحوم البشر عندما غزى العقل السوري والعربي العالم.
وللأسف صار الطابع الغالب لثقافتنا الراهنة ” مفاهيميا” لا معرفيا حتى في جامعاتنا نقوم بتدريس التاريخ الذي نقلوه لنا دون أن يثير فينا اي ساكن او شعور. وقد شوهنا انفسنا وتاريخنا وعقائدنا وأصبحنا في نظر العالم إرهابيون ، سفاحون ، لا نفهم إلا لغة قطع الرؤوس.
كثيرا من علماء التاريخ في الأمة يتحدثون عن الحركة الإصلاحية التي قام بها مارتن لوثر واعتبروها انجاز هائل ضد الكنيسة . لكن دعوة لوثر النصارى إلى إجلال اليهود وتعظيمهم حيث قال: شاءت الروح القدس أن تترك كل أسفار الكتاب المقدس للعالم عن طريق اليهود وحدهم..إنهم الأطفال ونحن الضيوف الغرباء . وعلينا أن نرضى أن نكون كالكلاب التي تأكل ما يتساقط من فتات أسيادهم اليهود.
أختم:
نحن بل كل من يعمل بالثافة والأدب والشعر يجب أن يعبروا عن مصالح الامة ، وتوجيه حياتها وتحريك عناصر القوة والوقوف سدا منيعا ضد المطامع الأجنبية والرجعية التي تهدد مصالحنا وتأسيس عقلية أخلاقية جديدة ووضع أساسي مناقبي جديد فيهما صلابة العزيمة والإيمان وقوة الإرادة.
تعالوا ننتفض في وجه كل ما يبلبل عقولنا ويعود بنا إلى عصور الانحطاط والظلام لأن أدبائنا ومفكرينا هم قوة فاعلة أعطاهم الله مواهب فكرية عظيمة .
أتمنى أن نعي مهمتنا ، حقيقة وجودنا، حقيقة أننا أمة حية تحب الحياة ، امة لا ترضى القبر مكانا لها تحت الشمس.
د. غسان صالح عبدالله
0 commentaires
Share Button

By ahram

جريدة اهرام مصر .موقع ويب اخبارى واعلامى

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *