Share Button

إعداد / محمـــد الدكـــرورى

ونكمل الجزء الرابع مع آداب وأحكام السلام فى الإسلام، وقال أبو سعد المتولي لو خالف الراكب أو الماشي ما دل عليه الخبر كره، قال والوارد يبدأ بكل حال، وقال المازري هذه المناسبات لا يعترض عليها بجزيئات تخالفها، لأنها لم تنصب نصب العلل الواجبة الاعتبار حتى لا يجوز أن يعدل عنها حتى لو ابتدأ الماشي فسلم على الراكب لم يمتنع لأنه ممتثل للأمر بإظهار السلام وإفشائه، غير أن مراعاة ما ثبت في الحديث أولى وهو خبر بمعنى الأمر على سبيل الاستحباب ولا يلزم من ترك المستحب الكراهية بل يكون خلاف الأولى فلو ترك المأمور بالابتداء فبدأه الآخر كان المأمور تاركا للمستحب والآخر فاعلا للسنة إلا إن بادر فيكون تاركا للمستحب أيضا.
وقال الكرماني لو جاء أن الكبير يبدأ الصغير والكثير يبدأ القليل لكان مناسبا لأن الغالب أن الصغير يخاف من الكبير والقليل من الكثير، فإذا بدأ الكبير والكثير أمن منه الصغير والقليل لكن لما كان من شأن المسلمين أن يأمن بعضهم بعضا اعتبر جانب التواضع كما تقدم، وحيث لا يظهر رجحان أحد الطرفين باستحقاقه التواضع له اعتبر الإعلام بالسلامة والدعاء له رجوعا إلى ما هو الأصل فلو كان المشاة كثيرا والقعود قليلا تعارضا ويكون الحكم حكم اثنين تلاقيا معا فأيهما بدأ فهو أفضل ويحتمل ترجيح جانب الماشي كما تقدم، والله أعلم، وأما عن الأدب الثاني من آداب السلام هو عدم تخصيص أحد من الجالسين بالسلام فإن هذا من شأنه يوغر صدور الجالسين.
ويزرع البغض والحقد، وقال أبو سعد المتولي يكره إذا لقى جماعة أن يخص بعضهم بالسلام، لأن القصد بمشروعية السلام تحصيل الألفة، وفي التخصيص إيحاش لغير من خص بالسلام، وأما عن الأدب الثالث وهو أن يلقى السلام برفق ولين وخفض صوت على قوم فيهم نيام، بحيث لا يُقلقهم ولا يوقظهم، وفي هذا أدب نبوي رفيع، حيث يُراعى فيه حال النائم فلا يكدر عليه نومه، وفي الوقت نفسه لا تفوت فضيلة السلام، وعن المقداد رضي الله عنه قال “أقبلت أنا وصاحبان لي، وقد ذهبت أسماعنا وأبصارنا من الجهد، فجعلنا نعرض أنفسنا على أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فليس أحد منهم يقبلنا، فأتينا النبي صلى الله عليه وسلم، فانطلق بنا إلى أهله.
فإذا ثلاثة أعنز، فقال النبي صلى الله عليه وسلم احتلبوا هذا اللبن بيننا، قال فكنا نحتلب فيشرب كل إنسان منا نصيبه، ونرفع للنبي صلى الله عليه وسلم نصيبه، قال فيجيء من الليل فيسلم تسليما لا يوقظ نائما ويسمع اليقظان” وقال النووي هذا فيه آداب السلام على الأيقاظ في موضع فيه نيام، او من في معناهم، وأنه يكون سلاما متوسطا بين الرفع والمخافتة، بحيث يسمع الأيقاظ، ولا يهوش على غيرهم، وقال ابن حجر ويستثنى من رفع الصوت بالسلام ما إذا دخل على مكان فيه أيقاظ ونيام، فالسنة فيه ما ثبت في صحيح مسلم عن المقداد، وأما عن الأدب الرابع وهو استحباب تكرار السلام ثلاثا، إذا كان الجمع كثيرا، أو شُك في سماع المُسّلم عليه.
فعن أنس بن مالك رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا تكلم بكلمة أعادها ثلاثا، وإذا أتى قوم فسلم عليهم سلم عليهم ثلاثا” وقال النووي بعد هذا الحديث وهذا محمول على ما إذا كان الجمع كثيرا، وأضاف بن حجر وكذا لو سلم وظن أنه لم يسمع فتسن الإعادة فيعيد مرة ثانية وثالثة ولا يزيد على الثالثة، وقال الحافظ كان من هديه صلى الله عليه وسلم أن يسلم ثلاثا، ولعل هذا كان هديه في السلام على الجمع الكثير الذين لا يبلغهم سلام واحد أو هديه في إسماع السلام الثاني والثالث إن ظن أن الأول لم يحصل به الإسماع كما سلم لما انتهى إلى منزل سعد بن عبادة ثلاثا فلما لم يجبه أحد رجع، وإلا فلو كان هديه الدائم التسليم ثلاثا لكان اصحابه يسلمون عليه كذلك.
Share Button

By ahram

جريدة اهرام مصر .موقع ويب اخبارى واعلامى

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *