Share Button

إعداد / محمـــد الدكـــرورى

ونكمل الجزء الثانى مع آداب وأحكام السلام فى الإسلام، ويكفي أن كلمة السلم بمشتقاتها قد جاءت في القرآن الكريم مائة وأربعين مرة، بينما جاءت كلمة الحرب بمشتقاتها ست مرات فقط، والفرق بين العددين هو الفرق بين نظرة رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى كلا الأمرين، ففي معظم أحواله صلى الله عليه وسلم كان يبحث عن الطرق السلمية والهادئة للتعامل مع المخالفين له، ويحرص على تجنب الحرب ما استطاع إلى ذلك سبيلا، وذلك إلى حد قد يتعجب له المحللون والدارسون كثيرا، وقد نص الميثاق التأسيسي لليونسكو في ديباجته على عدة نقاط منها هو لما كانت الحروب تتولد في عقول البشر، ففي عقولهم يجب أن تبني حصون السلام.
ولا يمكن أبدا إهمال الدور الذي يحتله كل من السلام والتصالح والرحمة في الحياة اليومية فقد خُلق الإنسان ليعيش في سلام وأمان واطمئنان، ولم يُخلق ليقتل ويُباد، وما يمكن تحقيقه في أوقات السلام أضعاف ما يمكن تحقيقه في النزاعات الدموية والحروب والكوارث البشرية، ويمكن تلخيص أهمية السلام في الحياة بأن السلام يحول الرديء إلى حسن وإن الجنس البشري يمتلك صفة فريدة من نوعها وهي تحويل السالب إلى الموجب، وفقا للطبيب النفسي الألماني ألفريد إدلر، وهذه الصفة لا يمكن أن تتحقق إلا بالاستقرار النفسي الذي يحقّقه السلام، فدماغ الإنسان كنز للقوة اللامتناهية، فإذا فقد طمأنينة النفس وقت الأزمات والحروب.
فإنه لن يستفيد من قدرته العقلية بطريقة مجدية، حيث إن الحروب والدمار عقبة في طريق التطور البشري لأنها توقف مسبباته من طمأنينة وسكينة واستقرار، وحين يتمكن الإنسان من المحافظة على السلام في كل الأوقات فإن كثيرا من الإمكانات تتفتح أمامه، وهذا ما يحدث عند تحويل السالب إلى موجب، وإن آثار السلام تعم الكائنات كلها فإن السلام مهم للكائنات الحية كلها على وجه الأرض أو في الفضاء الذي يحيط بالكرة الأرضية، ولا يقتصر تأثيرها على الإنسان وحده وذلك لأن انعدام السلم والأمن وشيوع الحروب يتجاوز أثره وخرابه ودماره إلى حدود أبعد مما يمكن تصوره فتتضرر الحيوانات وتفقد مساكنها وبيئاتها، وتحرق الأشجار والغطاء النباتي.
الذي يفيد كلا من الحيوان والإنسان، كما تفنى الموارد، وإن للسلام آداب جليلة بينتها السنة النبوية، ورغبت في تطبيقها وتنفيذها بدقة، تتمثل هذه الآداب فى تسليم الصغير على الكبير، والراكب على الماشي، والماشي على القاعد، والقليل على الكثير، وإن من السنة النبوية أن يسلم الصغير على الكبير وذلك لحق الكبير من التوقير والتكريم، وهو الأدب الذي ينبغي سلوكه، ويسلم الراكب على الماشي، حتى يحمل السلام الراكب على التواضع وعدم التكبر، ويسلم الماشي على القاعد، لشبهه بالداخل على أهل المنزل، ويسلم القليل على الكثير، لحق الكثير فحقهم أعظم، فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم “يسلم الراكب على الماشي.
والماشي على القاعد، والقليل على الكثير” وفي رواية “يسلم الصغير على الكبير، والمار على القاعد، والقليل على الكثير” وقوله “والقليل على الكثير” أمر نسبي، يشمل الواحد بالنسبة للاثنين فصاعدا، والإثنين بالنسبة للثلاثة فصاعدا وما فوق ذلك، وقوله “والمار على القاعد” أشمل من الرواية التي قبلها بلفظ “الماشي” لأنه أعلم من أن يكون المار ماشيا أو راكبا، وقد اجتمعا في حديث فضالة بن عبيد بلفظ “يسلم الفارس على الماشي، والماشي على القائم” وقال ابن حجر وإذا حمل القائم على المستقر كان أعم من أن يكون جالسا أو واقفا أو متكئا أو مضطجعا، وإذا أضيفت هذه الصورة إلى الراكب تعددت الصور، وتبقى صورة لم تقع منصوصة.
Share Button

By ahram

جريدة اهرام مصر .موقع ويب اخبارى واعلامى

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *