Share Button
فى طريق النور ومع إياكم والتخوض فى مال الله “الجزء السادس”
إعداد / محمـــد الدكـــرورى
ونكمل الجزء السادس مع إياكم والتخوض فى مال الله، وأن من أخذ منه شيئا بغير حق لزمه رده، أو رد مثله إن كان مثليا، وقيمته إن كان قيميا، وإنما الخلاف بينهم في قطع يد السارق من بيت المال، فقد اختلفوا فيه على قولين، فالمسألة كبيرة وعظيمة، فالضمان لا بد منه، والإثم يوم القيامة كبير، لذلك كان النبي صلى الله عليه وسلم كثيرا ما يعظ أصحابه، مبينا لهم خطورة الغلول والسرقة من الغنيمة، والتي تعد بمثابة المال العام الذي ينبغي أن يحفظ من قبل أفراده، ولقد فشت في دنيا الناس صور كثيرة في تعديهم على المال العام، والقليل منهم الذي ينتبه لهذه الصور، وأذكر لكم منها التهرب من سداد ديون الدولة بحجة أن له حقا في بيت المال.
وسرقة المرافق العامة بحجة أن الدولة لا تعطي المواطن حقه كاملا، واستعمال الكمبيوتر أثناء العمل لأغراض شخصية غير خاصة بالعمل، وعدم إتقان العمل، وإضاعة الوقت، والتربح من الوظيفة، واستغلال المال العام لأغراض شخصية، الاختلاس، وهو استيلاء الموظفين والعاملين في مكان ما على ما في أيديهم من أموال نقدية دون سند شرعي، المجاملة في ترسية العطاءات والمناقصات عمدا على شخص بعينه، ويوجد من بين المتقدمين من هو أفضل منه، والحصول على عمولة من المشتري أو من المورد أو من في حكمهم نظير تسهيل بعض الأمور دون علم المالك، وتعد من قبيل الرشوة المحرمة أيضا، والاعتداء على الممتلكات العامة كالحدائق.
والمستشفيات والمتنزهات التي ليس لها مالك معين، واستخدام الممتلكات الخاصة بالعمل استخداما شخصيا، مثل التلفاز والسيارة، وأدوات الكتابة، دون استئذان الجهة المالكة، وكذلك الائتمان على صندوق تبرعات خاص بالدولة، فيأخذ منه، وهذه خيانة للأمانة وتعد على المال العام، وكذا التصرف في المال الموقوف للمسجد، واستعماله في أغراض شخصية، وكذلك سرقة الأدوية والتلاعب بها، وكذلك الهروب والتخفي من مُحصل سيارات هيئة النقل العام والقطارات، ومن صور إهدار المال العام ما تتصرف بعض الحكومات من استنفاد ثروات يمكن أن تستفيد منها أجيال عديدة، كالثروة المعدنية، أو الثروة السمكية أو غير ذلك، فبدلا من أن يأخذ ما يحتاج إليه.
وينفقه على النفع العام، إذا بالبعض يستنفد تلك الثروات بضراوة، ويحرم منها أناسا آخرين لم يأتوا بعد، وسوف يحاسبونه ويخاصمونه، وهم ما رأوه ولا عاشوا في زمنه ولا زمن أولاده أو أحفاده، ولما علم سلفنا الصالح خطورة وحرمة المال العام ، فقد كانوا أبعد ما يكون من التعدي عليه، وإن من النماذج المشرفة من محافظة السلف الصالح على المال العام، هذا هو الخليفة الراشد أبوبكر الصديق لما بويع للخلافة حدد له الصحابة راتبه من بيت المال، ثم سلموه لقحة أى ناقة ذات لبن، وجفنة أى وعاء يوضع فيه الطعام، وقطيفة تلبس ويلف فيها من البرد، وهذه عدة قصر الحاكم خليفة رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلما حضرته الوفاة أمر بردها.
ومن هذه الصور أيضا هو ما رواه عبد الرحمن بن نجيح قال نزلت على عمر، فكانت له ناقة يحلبها، فانطلق غلامه ذات يوم فسقاه لبنا أنكره، فقال ويحك من أين هذا اللبن لك؟ قال يا أمير المؤمنين إن الناقة انفلت عليها ولدها فشربها، فخليت لك ناقة من مال الله، فقال ويحك تسقيني نارا، وما أجمل هذه الصورة التي حدثت مع أمير المؤمنين عمر بن عبدالعزيز رضى الله عنه حيث دخلت عليه ذات يوم عمته تطلب زيادة على راتبها من بيت مال المسلمين، وإذا به يأكل عدسا وبصلا، فلما كلمته في شأنها، قام عن طعامه وجاء بدراهم من فضة ووضعها على النار، ثم وضعها في كيس، وقال لها خذي هذه الزيادة، فما إن قبضت عليه حتى طرحته أرضا لاحتراق يدها من شدة الحرارة.
Share Button

By ahram

جريدة اهرام مصر .موقع ويب اخبارى واعلامى

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *