Share Button
فى طريق النور ومع الأمن الإجتماعى والفساد الأخلاقى ” جزء 2″
بقلم / محمــــد الدكـــــرورى
ونكمل الجزء الثانى مع الأمن الإجتماعى والفساد الأخلاقى، فقال له أفيحسن بك أن تأكل من رزقه، وتسكن في بلاده، وتعصيه وهو يراك، وأنت لا تقدر أن تدفع الموت عنك، ولا الفرار من عقوبته يوم القيامة، ثم بعد ذلك تعصيه؟ لقد كان هذا الإيقاظ للإيمان سببا في أن يقلع هذا الإنسان عن المعاصي حتى أصبح رجلا فاضلا، والإيمان باليوم الآخر وبأركان الإيمان الأخرى سبب من أكبر الأسباب التي توجد في نفس الإنسان امتناعا عن ارتكاب الجريمة، وأوامر الشريعة ونواهيها لم تأتى إلا بعد أن مرّ الناس بمراحل أعدّوا فيها إعدادا إيمانيا جيدا، فتقول السيدة عائشة رضى الله عنها “إنما نزل أول ما نزل من القرآن سورة من المفصّل فيها ذكر الجنة والنار،
حتى إذا ثاب الناس إلى الإسلام، نزل الحلال والحرام، ولو نزل أول شيء،لا تشربوا الخمر، لقالوا لا ندع الخمر أبدا” رواه البخارى، وأن المسلمين الأوائل عندما نزل تحريم الخمر أكفؤوا ما في بيوتهم من دنان الخمر، وقالوا انتهينا يا رب، ذلك لأن شرب الخمر كان نتيجة طبيعية لمجتمع ينأى عن الإيمان، ويعشق اللذة، ويبتغي النشوة، ولا يبالي بالإثم، ومن أجل ذلك كانت الفضائل حيّة في المجتمع الذي يسوده الإيمان، وكانت الجرائم قليلة فيه، حتى إن القاضي في عصر صدر الإسلام كان يمضي الوقت الطويل دون أن ترفع إليه قضية في خصومة، فعن السيدة أم سلمة رضى الله عنها قالت “جاء رجلان يختصمان إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم في مواريث قد درست، ليس بينهما بيّنة، فقال لهما رسول الله صلى الله عليه وسلم.
“إنكم تختصمون إليّ، وإنما أنا بشر، ولعل بعضكم ألحن بحجّته من بعض، وإنما أقضي بينكم على نحو ما أسمع، فمن قضيت له من حق أخيه شيئا يأخذه، فإنما أقطع له قطعة من النار، فإن شاء فليأخذها وإن شاء فليدعها” فبكى الرجلان وقال كل واحد منهما حقي لأخي، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم “أما إذا قلتما ذلك، فاذهبا فاقتسما، ثم توخّيا الحق، ثم استهما، أي اعملا قرعة، ثم ليحلل كل واحد منكما صاحبه” رواه احمد، أرأيتم كيف أن الإيمان باليوم الآخر والخوف من النار كيف حمل كلا من الرجلين على التسامح مع أخيه، وحمل ذاك الذي كان يعتدي على الكفّ عن العدوان، وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم.
“لا تباغضوا ولا تحاسدوا ولا تدابروا، وكونوا عباد الله إخوانا” وإن من حق كل إنسان أن ينجح، وأن يحقق النجاح لنفسه وفي وطنه، وأن يسهم في نجاح غيره، لا أن يكون عائقا، يوفر كل أسباب الفشل، قاطعا للطريق، وإن ضعفت همته، عن عمل الخير، يكف عن الناس أذاه، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم “تكف شرك عن الناس، فإنها صدقة منك على نفسك” وقال صلى الله عليه وسلم “مَن كان يؤمن بالله واليوم الآخر، فليقل خيرا أو ليصمت” فالإسلام دين يوصل إلى الخير، ويسعى إلى كبح الشر، ونشر السلم، إلى الاستقرار، وإلى تحقيق أمن بفكر آمن يلازمه، ونهى بذلك عن التحاسد والتباغض، والتدابر، فالتنافس له ضوابط شرعية وإخلاص.
ولا يتكلم في العقاب والحدود إلا خاصته، العارفون به، والراسخون في العلم لتنفيذه، فقال الله تعالى فى سورة الأنعام ” الذين آمنوا ولم يلبسوا إيمانهم بظلم أولئك لهم الأمن وهم مهتدون” وفساد ذات البين تحلق الدين، وتدفع إلى زرع روح الانتقام في النفوس، فقال الله سبحانه وتعالى فى سورة المائدة ” وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان ” وقال أيضا رسول الله صلى الله عليه وسلم “ألا أحدثكم بما هو خير لكم من الصدقة والصيام، صلاح ذات البين، ألا وإن البغضة هي الحالقة” فقدّم ذلك على الصيام والصدقة، إن كانت البغضاء موجودة جعل لها الدواء أولا لأنها تقضي على الدين وتستأصله، وخسارة الإنسان الحقيقية هي خسارة دينه.
قد تكون صورة لـ ‏‏‏شخص واحد‏، ‏نظارة‏‏ و‏سماء‏‏
Share Button

By ahram misr

رئيس مجلس ادارة جريدة اهــــرام مــصر

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *