Share Button

بقلم / محمـــد الدكـــرورى

ونكمل الجزء السادس عشر مع الإبتلاء والمواساة، فلم تلبث الصرة عند الرجل إلا يسيرا حتى وردت عليه رسالة أخ من إخوانه، فذكر له فيها ضيق حاجته في العيد، ويطلب منه المساعدة، فوجه بالصرة إليه بختمها وبقي الأول لا شيء عنده، فكتب إلى صديق له، وهو الثالث الذي صارت إليه الدنانير، يذكر حاجته، ويطلب منه ما ينفقه في العيد، فأرسل إليه الصرة بخاتمها، فلما عادت إليه صرته التي أرسلها بحالها، ركب إليه ومعه الصرة وقال له ما شأن هذا الصرة التي أرسلتها إليّ؟ فقال له إنه أظلنا العيد ولا شيء عندنا ننفقه على الصبيان، فكتبت إلى فلان أخينا أطلب منه ما ننفقه، فأرسل إلي هذه الصرة، فلما وردت رسالتك عليّ أرسلتها إليك.
فقال له قم بنا إليه، فركبا جميعا إلى الثاني ومعهما الصرة، فتبادلوا الحديث ثم فتحوا الصرة فاقتسموها بينهم، وقال الإمام القرطبي رحمه الله، دخل ذمي أى رجل من غير المسلمين على إسماعيل بن إسحاق القاضي فأكرمه، فأخذ عليه الحاضرون في ذلك، فتلا هذه الآية عليهم ” لا ينهاكم الله عن الذين لم يقاتلوكم فى الدين ولم يخرجوكم من دياركم أن تبروهم وتقسطوا إليهم إن الله يحب المقسطين” وعن أسماء بنت أبي بكر الصديق رضي الله عنهما، قالت قدمت عليّ أمي وهي مشركة في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، فاستفتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم قلت وهي راغبة، أفأصل أمي؟ قال “نعم، صلي أمك ” رواه البخاري ومسلم.
وقال الإمام ابن حجر العسقلاني رحمه الله، فى قولها وهي راغبة، أي طالبة في بر ابنتها لها، خائفة من ردها إياها خائبة، وعن أنس بن مالك رضي الله عنه قال كان غلام يهودي يخدم النبي صلى الله عليه وسلم، فمرض، فأتاه النبي صلى الله عليه وسلم يعوده، فقعد عند رأسه، فقال له “أسلم” فنظر إلى أبيه وهو عنده، فقال له أطع أبا القاسم صلى الله عليه وسلم، فأسلم، فخرج النبي صلى الله عليه وسلم وهو يقول “الحمد لله الذي أنقذه من النار” رواه البخاري، وعن مجاهد بن جبر قال كنت عند عبدالله بن عمرو بن العاص وغلامه يسلخ شاة، فقال يا غلام، إذا فرغت فابدأ بجارنا اليهودي، فقال رجل من القوم اليهودي، أصلحك الله؟
قال إني سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يوصي بالجار، حتى خشينا أو رُئينا أنه سيورثه” فإن مواساة المصابين والتخيف عن المنكوبين والمبتلين دليل على إيمان العبد وحسن فهمه لمباديء الإسلام القويمة, وللقرآن الكريم منهج خاص في مواساته للمبتلين والمصابين وهذا المنهج الخاص يقوم على أسس ودعائم منها أن الدنيا دار اختبار وابتلاء فالدنيا كما وصفها الله تعالى بأنها دار اختبار وابتلاء , فقال الله تعالى فى سورة الملك ” الذى خلق الموت والحياة ليبلوكم أيكم أحسن عملا وهو العزيز الغفور” وقد وصفها الله تعالى أيضا بأنها دار لهو ولعب وأن نعيمها لا يدوم والراحة فيها ليست بباقية فقال سبحانه وتعالى فى سورة العنكبوت.
” وما هذه الحياة الدنيا إلا لهو ولعب وإن الدار الآخرة لهى الحيوان لو كانوا يعلمون” ولقد وصفها المصطفى صلى الله عليه وسلم بأنه سجن للمؤمن والمسجون يتشوق إلى التحرر من السجن، فعن أبى هريرة رضى الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ” الدنيا سجن المؤمن وجنة الكافر” رواه مسلم واحمد والترمذى، والعاقل هو من يؤثر ما يبقى على ما يفنى، ولقد أمرنا الله تعالى بالصبر وحثنا عليه لكي يكون مسلاة لنا عند المصائب والشدائد، فقال تعالى الله تعالى فى سورة البقرة ” استعينوا بالصبر والصلاة إن الله مع الصابرين” بل وقرن الصبر بفضائل الأعمال ومكارم الأخلاق فقرنه بالتسبيح والاستغفار، وقرنه باليقين، وقرنه بالتوكل.
Peut être une image de 1 personne, position assise et intérieur

Share Button

By ahram

جريدة اهرام مصر .موقع ويب اخبارى واعلامى

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *