Share Button

بقلم / محمـــد الدكـــرورى

ونكمل الجزء العشرون مع الإبتلاء والمواساة، وكان معه رفيق يقال له أبو عبد الله الصوفي، وقيل أبو الحسين العسقلاني، فلما سمع الأبيات اشترى له بدرهم لحما وطبخه وأطعمه، وتفارقا وتنقلت بالمهلبي الأحوال، وتولى الوزارة ببغداد لمعز الدولة المذكور، وضاقت الحال برفيقه في السفر الذي اشترى له اللحم، وبلغه وزارة المهلبي فقصده وكتب إليه، ألا قل للوزير فدته نفسي، مقالة مذكر ما قد نسيه، أتذكر إذ تقول لنضك عيش، ألا موت يباع فأشتريه، فلما وقف عليه تذكره وهزته أريحية الكرم، فأمر له في الحال بسبعمائة درهم ووقع في رقعته، ثم دعا به فخلع عليه وقلده عملا يرتفق به، وقال العلماء والحكمة في كون الأنبياء أشد بلاء ثم الأمثل فالأمثل.
أنهم مخصوصون بكمال الصبر، وصحة الاحتساب، ومعرفة أن ذلك نعمة من الله تعالى، ليتم لهم الخير ويضاعف لهم الأجر ويظهر صبرهم ورضاهم” ويقول المناوي رحمه الله “لأن البلاء في مقابلة النعمة، فمن كانت نعمة الله عليه أكثر، فبلاؤه أشد، ولهذا ضوعف حد الحر على العبد، فهم معرضون للمحن والمصائب وطروق المنغصات والمتاعب” وإن الأمراض والأدواء هي من أنواع المحن والبلاء التي يُصاب بها عباد الرحمن في دار الفناء، لكن مما ينبغي علينا أن نعلمه أن في إصابة المسلم بالأمراض فوائد وثمار يرجع نفعها عليه في الدنيا والآخرة بإذن العزيز الغفار، فهذه الأمراض التي تحل بالعبد قد تكون عقوبة له على ذنب ارتكبه.
أو على واجب ضيعه فيقدر علام الغيوب أن يصاب المسلم بمرض ما ليكون ذلك سببا له في أن يتوب، فعن أنس بن مالك رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال ” إذا أراد الله بعبده الخير عجل له العقوبة فى الدنيا، وإذا أراد الله بعبده الشر أمسك عنه بذنبه حتى يوافى يوم القيامة” رواه الترمذي، ويقول المناوي رحمه الله معنى عجل أى بالتشديد أسرع له العقوبة بصب البلاء والمصائب عليه في الدنيا جزاء لما فرط منه من الذنوب، فيخرج منها وليس عليه ذنب يُوافى به يوم القيامة” ويقول الإمام ابن القيم رحمه الله “ابتلاء المؤمن كالدواء له، يُستخرج منه الأدواء التي لو بقيت فيه أهلكته أو نقصت ثوابه وأنزلت درجته، فيستخرج الابتلاء والامتحان منه تلك الأدواء.
ويستعد به لتمام الأجر وعلو المنزلة” وقد يصاب المؤمن بالأمراض ولا يكون فيها عقوبة له وتعذيب وإنما تنقية له من المعاصي والذنوب وتهذيب، وله بها رفعة في الدرجات عند رب البريات، فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ” ما يزال البلاء بالمؤمن والمؤمنة فى نفسه وولده حتى يلقى الله وما عليه خطيئة” رواه الترمذي، ويقول الإمام ابن القيم رحمه الله “فلولا أنه سبحانه يداوي عباده بأدوية المحن والابتلاء لطغوا وبغوا وعتوا، والله سبحانه إذا أراد بعبد خيرا سقاه دواء من الابتلاء والامتحان على قدر حاله، يستفرغ به من الأدواء المهلكة، حتى إذا هذبه ونقاه وصفاه، وأهله لأشرف مراتب الدنيا وهي عبوديته.
وأرفع ثواب الآخرة وهو رؤيته وقربه” وعن السيدة عائشة رضي الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال “ما من مصيبة يصاب بها المسلم إلا كفر بها عنه، حتى الشوكة يشاكها” رواه البخاري ومسلم، ويقول الإمام النووي رحمه الله ” فيه تكفير الخطايا بالأمراض والأسقام ومصائب الدنيا وهمومها وإن قلت مشقتها، وفيه رفع الدرجات بهذه الأمور وزيادة الحسنات، وهذا هو الصحيح الذي عليه جماهير العلماء ” فإن الذنوب تكفرها المصائب والآلام والأمراض والأسقام، وهذا أمر مجتمع عليه والحمد لله” إذن فالابتلاء هو داء، بل هو رحمة وفضل من الله تعالى وارتقاء، فعليك أن تعتقد أن ما أصابك في هذه الدنيا من البلاء والمحن لم يكن ليخطئك وما أخطأك لم يكن ليصيبك، فعن أبي بن كعب رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال له ” ما أصابك لم يكن ليخطئك، وما أخطأك لم يكن ليصيبك” رواه أبو داود.
Peut être une image de 1 personne, position assise et intérieur

Share Button

By ahram

جريدة اهرام مصر .موقع ويب اخبارى واعلامى

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *